إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثالثة عشرة بدولة الكويت من ٧ إلى ١٢ شوال ١٤٢٢هـ الموافق ٢٢ – ٢٧ كانون الأول(ديسمبر) ۲۰۰۱م،
إيمانا منه بأن الباري جل وعلا هو الذي وهب للإنسان الكرامة التي هي أساس الحقوق والواجبات وأوجب على الإنسان حقوقًا لربه وحقوقا لنفسه وحقوقاً لأبناء جنسه وحقوقا لمكونات البيئة من حوله، وإن نظرة متعمقة وشمولية ومحايدة للتشريع الإسلامي تجعل المرء يجزم بصلاحيته للمجتمع البشري وانسجامه مع طبيعة الإنسان والكون، وهذا ما جعل الإسلام يسمى بدين الفطرة، كما يشهد لذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: ٣٠]. وحقوق الإنسان في الإسلام هي عبارة عن المزايا الناشئة عن التكريم الإلهي الذي وهبه الله للإنسان وألزم الجميع باحترامها طبقا للضوابط والشروط الشرعية.
وإيمانا بما أجمعت عليه أمة الإسلام من أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وإيمانا بحق الشعوب في الاحتفاظ بخصائصها الثقافية والدينية المميزة لها، وحق كل مجتمع وكل أمة في أن تحكم بالنظم والتشريعات التي ترتضيها لنفسها، وانطلاقا من كل ما تقدم، فإن المجمع يؤكد على ما تضمنه إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام والصادر عن وزراء خارجية الدول الإسلامية بتاريخ ١٤ محرم ١٤١١هـ الموافق ٥ آب(أغسطس) ۱۹۹۰م، وما صدر عن ندوة حقوق الإنسان التي عقدها مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة بتاريخ ۸ – ۱۰ محرم ۱٤۱۷ هـ الموافق ۲٥ – ۲۷ أيار(مايو) ١٩٩٦م، وحيث إن الشعوب المسلمة التزمت نظم الإسلام وتشريعاته برغبة ذاتية لا لبس فيها في الأحوال الشخصية وشؤون المرأة والروابط الأسرية وغيرها من المجالات الاجتماعية والاقتصادية. وقد اتفق معها في كثير من جوانبها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة ١٩٤٨م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتفق معها في مضمونه وأهدافه في بعض واختلف معها في بعض الجوانب التي تعود أساسًا إلى مسألة الأخلاق ونظام المجتمع المستند إلى الدين الإسلامي.
وبما أن الشريعة الإسلامية قررت الأحكام التي تضمن حفظ مقاصدها في الخلق، والتي من أهمها ما يعرف بالكليات الخمس، وبذلك ضمن الحقوق الأساس للإنسان في نفسه ودينه وماله وعرضه وعقله. كما أن الشريعة الإسلامية عالجت أنواع الانحراف المختلفة باتخاذ إجراءات وقائية، وزجرية بقصد حماية المجتمع وإصلاح الانحراف، علما بأن الإجراءات الردعية الزجرية موجودة ومعتمدة في كل تشريع وفي كل زمان ومكان. وأن كثيرا من الهيئات والمؤتمرات العالمية قد أقرت صلاحية التشريع الإسلامي لحل مشكلات البشرية مما يحتم على عقلاء البشر أن يأخذوه بعين الاعتبار وأن يفيدوا مما فيه.
وبما أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على حق كل دولة في بسط سيادتها في إطار رقعتها الجغرافية ومنع التدخل في شؤونها الداخلية. وأن التشريعات الخاصة في الدول ذات السيادة لا تخضع للنظم والمواثيق الأجنبية عنها.
قرر ما يلي:
أولا: على المنظمات العالمية المهتمة بحقوق الإنسان على اختلاف مواثيقها ونظمها أن تمتنع عن التدخل في المجالات التي تحكمها الشريعة الإسلامية في حياة المسلمين وليس من حقها إلزام المسلمين بنظمها وقيمها التي تخالف شرائعهم وقيمهم ولا يجوز أن تحاسبهم على مخالفتهم لقوانين لا يرتضونها ولا يحكمون بها.
ثانيا: إنشاء مركز لحقوق الإنسان تابع له، وتتخذ الترتيبات اللازمة لإنشائه ووضع النظام الخاص به.
ويوصي المجمع بما يلي:
أولا: يدعو المجمع الدول والهيئات العالمية والإنسانية للعمل على احترام حقوق الأقليات المسلمة في مختلف بلاد العالم وإنصافها خاصة في هذا الوقت العصيب تحقيقا لمبدأ العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه.
ثانيا: يعبر المجمع عن استعداده للتواصل مع رجال القانون والهيئات والمؤسسات العلمية والعالمية الرسمية والشعبية من كل الآفاق والاتجاهات لدراسة سبل التفاهم والتعاون في مجال حقوق الإنسان بما يكفل الأمن والعدل والرخاء والحياة الكريمة ويدرأ الفساد ويقيم التعايش بين الناس وفقا للأسس التي سبق ذكرها. وليكن شعارنا في ذلك قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَنِ وَإِيتاي ذِي الْقُربَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: ٩٠]. وقول الرسول ﷺ فيما أعلنه في حجة الوداع:(إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا).
والله الموفق؛؛