بعد اطلاع مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المتعقد في دورته الخامسة عشرة بمسقط(سلطنة عُمان) من ١٤ إلى ١٩ المحرم ١٤٢٥هـ، الموافق ٦ – ١١ آذار(مارس) ٢٠٠٤م، على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الاستثمار في الوقف وفي غلاته وريعه، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، وبالرجوع إلى قرارات وتوصيات الندوات والمؤتمرات التي عقدت لهذا الغرض،
قرر ما يأتي:
أولا: استثمار أموال الوقف:
(1) يقصد باستثمار أموال الوقف تنمية الأموال الوقفية سواء أكانت أصولاً أم ريعا بوسائل استثمارية مباحة شرعًا.
(۲) يتعين المحافظة على الموقوف بما يحقق بقاء عينه ودوام نفعه.
(۳) يجب استثمار الأصول الوقفية سواء أكانت عقارات أم منقولات ما لم تكن موقوفة للانتفاع المباشر بأعيانها.
(٤) يعمل بشرط الواقف إذا اشترط تنمية أصل الوقف بجزء من ريعه، ولا يعد ذلك منافيًا لمقتضى الوقف، ويعمل بشرطه كذلك إذا اشترط صرف جميع الريع في مصارفه، فلا يؤخذ منه شيء لتنمية الأصل.
(٥) الأصل عدم جواز استثمار جزء من الربع إذا أطلق الواقف ولم يشترط استثماره إلا بموافقة المستحقين في الوقف الذري. أما في الوقف الخيري فيجوز استثمار جزء من ريعه في تنمية الأصل للمصلحة الراجحة بالضوابط المنصوص
عليها لاحقا.
(٦) يجوز استثمار الفائض من الربع في تنمية الأصل أو في تنمية الربع، وذلك بعد توزيع الربع على المستحقين وحسم النفقات والمخصصات، كما يجوز استثمار الأموال المتجمعة من الريع التي تأخر صرفها.
(۷) يجوز استثمار المخصصات المتجمعة من الريع للصيانة وإعادة الإعمار ولغيرها من الأغراض المشروعة الأخرى.
(۸) لا مانع شرعًا من استثمار أموال الأوقاف المختلفة في وعاء استثماري واحـد بـمـا لا يخالف شرط الواقف، على أن يحافظ على الذمم المستحقة للأوقاف عليها.
(۹) يجب عند استثمار أموال الوقف مراعاة الضوابط الآتية:
أ- أن تكون صيغ الاستثمار مشروعة وفي مجال مشروع.
ب مراعاة تنوع مجالات الاستثمار لتقليل المخاطر وأخذ الضمانات والكفالات، وتوثيق العقود، والقيام بدراسات الجدوى الاقتصادية اللازمة للمشروعات الاستثمارية.
ج – اختيار وسائل الاستثمار الأكثر أمانًا وتجنب الاستثمارات ذات
المخاطر العالية بما يقتضيه العرف التجاري والاستثماري.
د- ينبغي استثمار أموال الوقف بالصيغ المشروعة الملائمة لنوع المال الموقوف بما يحقق مصلحة الوقف وبما يحافظ على الأصل الموقوف ومصالح الموقوف عليهم. وعلى هذا، فإذا كانت الأصول الموقوفة أعيانا فإن استثمارها يكون بما لا يؤدي إلى زوال ملكيتها، وإن كانت نقودًا فيمكن أن تستثمر بجميع وسائل الاستثمار المشروعة كالمضاربة والمرابحة والاستصناع.. الخ.
هـ – الإفصاح دوريا عن عمليات الاستثمار ونشر المعلومات والإعلان عنها حسب الأعراف الجارية في هذا الشأن.
ثانيا: وقف النقود:
(۱) وقف النقود جائز شرعا، لأن المقصد الشرعي من الوقف وهو حبس الأصل وتسبيل المنفعة متحقق فيها؛ ولأن النقود لا تتعين بالتعيين وإنما تقوم أبدالها مقامها.
(٢) يجوز وقف النقود للقرض الحسن، وللاستثمار إما بطريق مباشر أو بمشاركة عدد من الواقفين في صندوق واحد، أو عن طريق إصدار أسهم نقدية وقفية تشجيعًا على الوقف، وتحقيقا للمشاركة الجماعية فيه.
(۳) إذا استثمر المال النقدي الموقوف في أعيان كأن يشتري الناظر به عقارا أو يستصنع به مصنوعا، فإن تلك الأصول والأعيان لا تكون وقفًا بعينها مكان النقد، بل يجوز بيعها لاستمرار الاستثمار، ويكون الوقف هو أصل المبلغ النقدي.
ويوصي بما يأتي:
(1) دعوة الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الإسلامية إلى المحافظة على الوقف ورعايته والعناية به، وعدم الاعتداء عليه، وإحياء بعض أنواع الوقف، مثل الوقف الذري الذي قامت بإلغائه بعض التشريعات العربية والإسلامية.
(۲) دعوة الدول العربية والإسلامية والهيئات والمؤسسات المعنية بشؤون الأوقاف، وكذلك المنظمات العالمية المتخصصة إلى تحمل مسؤوليتها نحو الأوقاف في فلسطين بصورة عامة، وفي القدس الشريف بصورة خاصة، وحمايتها وبذل الجهود للحفاظ على معالمها، والدعوة إلى تنميتها لتتمكن من تحقيق أهدافها وأداء رسالتها.
(۳) دعوة الحكومات الإسلامية لتحمّل بعض مصروفات إدارة الوقف ما أمكن ذلك من باب المصلحة العامة، ولأنها المسؤولة عن رعاية مصالح العباد والبلاد.
(٤) دعوة الهيئات المتخصصة لوضع معايير شرعية ومحاسبية للتدقيق الشرعي والمالي والإداري في أعمال الناظر، سواء أكان فردا أم جماعة أم مؤسسة أم وزارة. وينبغي أن تخضع إدارة الوقف لقواعد الرقابة الشرعية والإدارية والمالية والمحاسبية.
(٥) ضرورة وضع ضوابط معيارية لنفقات الوقف سواء أكانت تسويقية أم إعلامية أم إدارية أم أجورًا أم مكافآت لتكون مرجعا عند الرقابة والتفتيش وتقويم الأداء.
(٦) الدعوة لإحياء نظام الوقف بجميع أنواعه التي كان لها دور عظيم في الحضارة الإسلامية وفي التنمية البشرية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية.
(۷) الاستفادة من التجارب الرائدة في إدارة الوقف وحمايته وتنميته في بعض الدول العربية والإسلامية.
(۸) ضرورة إعطاء الأولوية في استثمارات الأوقاف للبلاد الإسلامية.
والله الموفق؛؛