مجمع الفقه

قرار رقم: ١٦٣(معالم العودة إلى المنهج الحضاري في الإسلام)

 

بعد اطلاع مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا(ماليزيا) من ٢٤ إلى ٢٩ جمادى الآخرة ١٤٢٨هـ، الموافق ٩ – ١٤ تموز(يوليو) ۲۰۰۷م، على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع معالم العودة إلى المنهج الحضاري في الإسلام، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،

وبعد استحضار سبق الإسلام إلى تأسيس الدولة الرشيدة، ووضع رسوله الأعظم وثيقة المدينة المنورة التي اشتملت على تحديد العلاقات في المجتمع الإسلامي الأول والإعلان العالمي لحقوق الإنسان في خطبة الوداع،

وفي ضوء نصوص الكتاب والسنة التي هي الدستور الإسلامي، من مثل قوله تعالى: ﴿َإِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَنِ وَإِيتَاي ذِي الْقُرْبي وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْي ﴾ [النحل: ٩٠]، وقوله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمر مِنكُمْ ﴾ [النساء: ٥٩]

قرر ما يأتي:

أولا: إن اتباع منهج حضاري إسلامي يتيح الفرصة للمسلمين لاستعادة دورهم وتقديم رسالتهم الإنسانية للإسهام في إنقاذ العالم من ظلمات المادية الطاغية.

ثانيا: إن السبيل لعلاج التخلف الذي تعاني منه الأمة يتم بالعودة الصادقة للدين القيم؛ لأن الأوضاع المأساوية التي يعيش فيها المسلمون هي بسبب التخلي عن تعاليم الإسلام وتقليد المناهج الوضعية.

ثالثًا: إن المنهج الحضاري الإسلامي القائم على خطة محكمة، يحرر المجتمعات والبلدان الإسلامية من الهيمنة والتبعية والتخلف.

رابعا: إن حُسن فهم الإسلام، وجدية الالتزام بأحكامه وتطبيقه في تكامل و توازن من اللوازم الضرورية لنجاح مشروع النهضة الإسلامية.

خامسًا: ترسيخ مبدأ الشورى نظريا وعمليا امتثالا لقوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ في الأمر) [آل عمران: ١٥٩]، وقوله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشورى:۳۸] انطلاقا من أن الشورى أساس متين من أسس تكوين دولة الإسلام.

سادسا: مشروعية الفصل بين السلطات(توزيعها): التنفيذية والتشريعية والقضائية، حسبما استقر بعد عهد التشريع، وذلك استمدادًا من الممارسة العملية الصاحب الرسالة ﷺ في تنوع تصرفاته بين الرسالة والإمامة والقضاء.

سابعا: إقرار حق المواطنة بما يشمل غير المسلمين، وفقا للضوابط الشرعية في مقابلة الحقوق بالواجبات.

ثامنا: إشراك المرأة في الأنشطة العامة بما لا يخل بالأحكام الشرعية الخاصة بها ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر﴾ [التوبة: ٧١].

تاسعا: وجوب المبادرة إلى التخلص من السلبيات التي يعيشها المسلمون للتغلب على التحديات التي يواجهونها، مثل:

(أ) التعصب المذهبي الذي يشكل عقبة أمام تيار التجديد المنضبط.

(ب) التطرف الفكري والسلوكي الذي يثير المشكلات في المجتمع وتتمخض عنه الحركات المتطرفة.

(ج) الإلحاد أو اللادينية التي تقوم على رفض ارتباط الدين بالحياة.

(د) أحادية المعرفة:(الجزئية) التي تحجب صاحبها عن الأبعاد الحقيقية للقضايا.

(هـ) عدم إدراك قيمة الوقت وأثره في فشل المسلمين وتخلفهم.

ويوصي بما يلي:

(أ) تقوية الإيمان والعمل الصالح باعتبارهما الخطوة الأولى في الجهود التربوية الهادفة إلى إيجاد الشخصية المسلمة لاستعادة دور الحضارة الإسلامية وإسهامها في الحضارة الإنسانية.

(ب) التأكيد على أن المنهج الحضاري الإسلامي يقوم على ترسيخ القيم الأخلاقية الإسلامية في المجتمع.

(ج) الإشادة بتوجه ماليزيا – لتبني مشروعها: منهج الإسلام الحضاري – ودعوتها إلى عقد مؤتمر علمي دولي لبيان حقائق الإسلام الحضارية ومضامين رسالته الخالدة، لتكون نتائج هذا المؤتمر العلمي تحت نظر المفكرين والقياديين في البلاد الإسلامية.

والله أعلم؛؛

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى