المواريث

قسمة مراضاة بين ورثة

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن ورثة م ع، أربعة أبناء وثلاث بنات، حاولْنا مرارًا وتكرارًا أن نقسم التركة بيننا، لكن لم نوفق لذلك، ثم تراضيْنا على توكيل أعمامنا لتقسيم التركة بيننا قسمة مراضاة، وذلك موثق في محضر الاتفاق المرفق، الذي تعهَّدنا فيه على قَبول أحكامهم دون طعنٍ أو اعتراض، فقسَّم أعمامنا التركة بيننا، وتراضيْنا على ذلك، فهل جميع ما فعلناه جائزٌ ماضٍ؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيجوز توكيل الغير على تقسيم مال التركة قسمة مراضاة؛ لأن لها حكم البيع، والبيع يجوز فيه التوكيل، ككل الحقوق التي تجوز فيها النيابة، قال الباجي رحمه الله: “وَأَمَّا قِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ وَلاَ تَعْدِيلٍ، فَهْوَ أَنْ يَتَرَاضَى الشُّرَكَاءُ عَلَى أَن يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا عُيِّنَ لَهُ، وَيَتَرَاضَوْا بِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ وَلاَ تَعْدِيلٍ، فَهَذِهِ الْقِسْمَةُ تَجُوزُ فِي المُخْتَلِفِ مِنَ الْأَجْنَاسِ، وَلاَ قِيَامَ فِيهَا لمِغْبُونٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مَا صَارَ إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى قِيمَةٍ مُقَدَّرَةٍ وَلاَ ذَرْعٍ مُقَدَّرٍ، وَلاَ عَلَى أَنَّهُ مُمَاثِلٌ لِجَمِيعِ مَا كَانَ لَهُ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِذَلِكَ عَنْ جَمِيعِ حَقِّهِ، سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَهَذَا الضَّرْبُ أَقْرَبُ إِلَى أَنَّهُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ” [المنتقى: 5/391].

وقسمةُ المراضاة جائزةٌ، ماضيةٌ، لازمةٌ، إن رضي الجميع بها، وكانوا بالغين راشدين، قال ابن رشد رحمه الله: “وَالْقِسْمَةُ مِنَ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ، فَإِذَا وَقَعَتْ… بِوَجْهٍ صَحِيحٍ جَائِزٍ لَزِمَتْ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمُ نَقْضُهَا وَلَا الرَّجُوعُ عَنْهَا” [المقدمات الممهدات: 3/103].

عليه؛ فما فعله الورثةُ من توكيل أعمامهم جائزٌ صحيح، وكذلك القسمة جائزة، صحيحةٌ، لازمةٌ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دار الإفتاء الليبية

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى