بعد اطلاع مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في دورته الحادية والعشرين بمدينة الرياض(المملكة العربية السعودية) من: ١٥ إلى ۱۹ محرم ١٤٣٥هـ الموافق ۱۸ – ۲۲ تشرين الثاني(نوفمبر) ۲۰۱۳م، على توصيات الندوة الفقهية الطبية التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت بالتعاون مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وبمشاركة مؤسسة الحسن الثاني للأبحاث العلمية والطبية عن رمضان، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة(الإيسيسكو)، والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية حول رؤية إسلامية لبعض المشاكل الصحية، وذلك في الفترة من ۸ – ۱۱ صفر ١٤١٨ الموافق ١٤ – ١٧ يونيو ۱۹۹۷، في مدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية،
وبعد استماعه إلى المناقشات والمداولات التي دارت حول الموضوع وبخاصة الاستحالة والاستهلاك والمواد الإضافية في الغذاء والدواء،
قرر ما يأتي:
أولا: يجب على كل مسلم الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، خصوصا في مجال الغذاء والدواء، وذلك لتحقيق طيب مطعمه ومشربه وعلاجه، وإن رحمة الله بعباده وتيسير سبيل الاتباع لشرعه مراعاة حال الضرورة والحاجة التي تضمنتها مبادئ شرعية مقررة منها: أن الضرورات تبيح المحظورات، وأن الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة، وأن الأصل في المنافع الإباحة، ما لم يقم دليل معتبر على الحرمة، كما أن الأصل في الأشياء الطهارة، ما لم يقم دليل معتبر على النجاسة. ولا يعتبر تحريم أكل الشيء أو شربه حكمًا بنجاسته شرعا.
ثانيا: إن المواد المحرمة أو النجسة بذاتها أو بإضافتها في الغذاء والدواء تنقلب إلى مواد مباحة شرعًا بإحدى طريقتين:
(أ) الاستحالة:
الاستحالة في الاصطلاح الفقهي(تغير حقيقة المادة النجسة أو المحرم تناولها وانقلاب عينها إلى مادة أخرى مختلفة عنها في الاسم والخصائص والصفات)، ويعبر عنها في المصطلح العلمي الشائع بأنها كل تفاعل كيميائي کامل مثل: تحويل الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون وتحلل المادة إلى مكوناتها المختلفة كتفكيك الزيوت والدهون إلى أحماض دسمة وغليسرين، وكما يحصل التفاعل الكيميائي بالقصد إليه بالوسائل العلمية الفنية يحصل أيضًا – بصورة غير منظورة – في الصور التي أوردها الفقهاء على سبيل المثال: كالتخلل والدباغة والإحراق أما إذا كان التفاعل الكيميائي جزئيا فلا يعتبر ذلك استحالة، وإن كانت المادة نجسة فتبقى على حالها ولا يجوز استخدامها.
وبناء على ذلك:
(۱) المركبات الإضافية ذات الأصل الحيواني المحرم أو النجس التي تتحقق فيها الاستحالة، حسب المصطلح السابق الإشارة إليه، تُعتبر طاهرة وتناولها حلال في الغذاء والدواء.
(٢) المركبات الكيميائية المستخرجة من أصول نجسة أو محرمة كالدم المسفوح أو مياه المجاري والتي لم تتحقق فيها الاستحالة بالمصطلح السابق لا يجوز استخدامها في الغذاء والدواء مثل: الأغذية التي يضاف إليهـا الــدم المسفوح كالنقانق المحشوة بالدم، والعصائد المدماة(البودينغ الاسود)، والهامبرجر المدمى، وأغذية الأطفال المحتوية على الدم، وعجائن الدم والحساء بالدم ونحوها تعتبر طعامًا نجسًا محرم الأكل لاحتوائها على الدم المسفوح الذي لم تتحقق فيه الاستحالة.
أما بلازما الدم – التي تعتبر بديلًا رخيصا لزلال البيض – وقد تستخدم في الفطائر والحساء والنقانق والهامبرجر وصنوف المعجنات كالكعك والبسكويت والعصائد(البودينغ) والخبز ومشتقات الألبان وأدوية الأطفال وأغذيتهم، والتي قد تضاف إلى الدقيق فإنها حلال مختلفة عن الدم في الاسم والخصائص والصفات فليس لها حكم الدم.
(ب) الاستهلاك وقد رأى المجمع تأجيله لمزيد من البحث.
ويوصي المجمع يما يلي:
۱) ضرورة الاستفادة من جلود وعظام الحيوانات المذكاة لاستخراج مادة الجيلاتين التي تستخدم في الغذاء والدواء، وذلك حفاظا على الثروة الوطنية وتجنبا لشبهات استعمال مواد من مصادر غير مقبولة شرعًا.
(۲) دعوة المسؤولين في البلاد الإسلامية لكي يراعوا في الصناعة الدوائية والغذائية الشروط والمواصفات المقبولة شرعًا من حيث المواد الخام وطرق التحضير.
(۳) إلزام المسؤولين في البلاد الإسلامية الشركات المنتجة والمستوردة للمواد الغذائية المحفوظة ببيان التركيب التفصيلي لجميع مقومات كل عبوة بشكل واضح وباللغة الوطنية.
٤) الطلب من المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت بمتابعة الجديد في مجال الغذاء والدواء، وعقد ندوة – بالتعاون مع المجمع – لدراسة تلك المستجدات وبيان حكمها الشرعي.
والله أعلم؛؛