مجمع الفقه

قرار رقم: ۲۱۲(ضمان البنك للمخاطر الناشئة عن سوء استثمار أموال العملاء وتعويضهم عن الأضرار الناجمة)

 

بعد اطلاع مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة التعاون الإسلامي، المنعقد في دورته الثانية والعشرين بدولة الكويت خلال الفترة من: ٢ – ٥ جمادى الآخرة ١٤٣٦هـ الموافق: ۲۲ – ۲٥ مارس ۲۰۱٥م، على البحوث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع ضمان البنك للمخاطر الناشئة عن سوء استثمار أموال العملاء وتعويضهم عن الأضرار الناجمة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،

قرر ما يلي:

أولا: المقصود بضمان البنك هو تحمل البنك تبعة الهلاك(الخسارة) الكلي أو الجزئي لأموال المودعين وأصحاب الحسابات الاستثمارية. ثانيا: صفة وضع يد البنك على الأموال المودعة لديه: تدور يد البنك بين:

١. يد الضمان: وهي حيازة المال للتملك أو لمصلحة الحائز، مثل: يد المشتري والقابض على سوم الشراء والمرتهن والغاصب والمالك والمقترض. ويندرج تحت يد الضمان من حسابات البنك الودائع تحت الطلب(الحسابات الجارية)، ويؤكد المجمع – في هذا الخصوص قراره رقم ٨٦(۳/۹) بشأن ما ورد في الودائع، فقرة أولا، من أن الودائع تحت الطلب(الحسابات الجارية)، سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها وهو ملزم شرعًا بالرد عند الطلب.

۲. يد الأمانة: وهي حيازة المال نيابة لا تملكا، بإذن من رب المال، كيد المودع، والمستعير، والمستأجر، والشريك، والمضارب وناظر الوقف، والوصي، ونحوهم.

ويندرج تحت أنواع يد الأمانة من حسابات البنك الإسلامي: الحسابات الاستثمارية في البنك الإسلامي، ويؤكد المجمع – بهذا الخصوص – ما ورد في قراره السابق فقرة ثانيا – ب من أن الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة(القراض) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب(البنك) لرأس مال المضارية).

ثالثًا: لا يجوز للبنك المضارب أن يضمن الهلاك(الخسارة) الكلي أو الجزئي في حسابات الاستثمار، إلا إذا تعدى أو قصر أو خالف الشروط وفق ما تقتضيه القواعد العامة للشريعة، ومن حالات التعدي:

١. عدم التزام البنك بالضوابط الشرعية التي تنص عليها العقود أو الاتفاقيات الخاصة بفتح حسابات الاستثمار بأنواعها المختلفة.

٢. مخالفة الأنظمة والقوانين والأعراف المصرفية والتجارية الصادرة من الهيئات الإشرافية المسؤولة عن تنظيم شؤون العمل المصرفي ما لم تكن متعارضة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

٣. عدم إجراء دراسات الجدوى التمويلية الكافية للمتعاملين.

٤. اختيار الصيغ والآليات غير المناسبة للعمليات.

٥. عدم اتباع التعليمات والإجراءات المنصوص عليها في البنك.

٦. عدم أخذ الضمانات الكافية وفق ما تقتضيه الأعراف المعمول بها في هذا الخصوص.

رابعا: لا يجوز تضمين البنك بصفته مضاربًا بالشرط؛ لمخالفته لمقتضى عقد المضاربة، وبهذا يؤكد المجمع على ما ورد في قراره رقم ٨٦ وكذلك ما جاء في قراره رقم ٣٠(٥/٤) في صكوك المقارضة من أنه(لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.

خامسًا: ينتقل عبء الإثبات في دعوى الخسارة إلى البنك خلافا للأصل، بشرط وجود قرائن تخالف أصل دعواه بعدم التعدي، ومما يقوي العمل بهذا الأصل:

أ- إذا جرى عرف الناس بعدم قبول قول المضارب(البنك) حتى يقيم البيئة على صدق ادعائه بعدم التعدي أو التقصير.

ب. ثبوت التهمة على الأمين والمراد بها رجحان الظن بعدم صدقه(المضارب) في ادعائه عدم التعدي أو التقصير. إذ إن من المتوقع من المضارب حفظ رؤوس الأموال المستثمرة من الخسارة، وتحقيق الأرباح والمكاسب.

ت. ثبوت المصلحة لنقل عبء الإثبات إلى المضارب(البنك)، حماية لأموال المستثمرين من الخسارة عند ادعاء المضارب أو هلاك أموال المستثمرين.

سادسا: جواز تبرع البنك المضارب بجزء من حصته بالربح دون شرط في عقد المضاربة.

سابعا: الجهات المنوط بها تحديد مسؤولية إساءة البنك في استثمار أموال أصحاب حسابات الاستثمار هي جهات متعددة، منها:

١. الجهات الإشرافية مثل البنوك المركزية، سواء أكانت مؤسسة مالية إسلامية أو مؤسسة تقليدية لديها لجان متخصصة في العمل المصرفي الإسلامي.

٢. مراكز المصالحة والتحكيم وفض المنازعات، مثل المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم بدبي.

٣. مراقبو الحسابات وفق ما هو مستقر في مهنة المراجعة، وقد اعتبرت هذه المسؤولية من مسؤولية المراجع الخارجي في المعيار:رقم ٥ من معايير المحاسبة الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بمملكة البحرين، ويمكن أن يسند الأمر إلى هيئات الرقابة الشرعية.

ثامنا: يقتصر التعويض عن الخسائر في الحسابات الاستثمارية على الضرر الفعلي – سواء أكانت الخسارة كلية أو جزئية دون ضمان الربح الفائت(الفرصة البديلة)؛ لأنه مجرد توقع غير قائم.

يوصي المجمع بالآتي:

١. حرص البنوك الإسلامية على بذل العناية في استثمار أموال المودعين واتباع كافة الأساليب والآليات لحماية أموالهم ودرء المخاطر عنها وإنشاء الصناديق وتكوين الاحتياطيات والمخصصات اللازمة لذلك.

٢. دعوة الدول الإسلامية إلى إصدار قوانين تعنى بإنشاء مؤسسات لضمان أموال المودعين، أو إجراء تعديلات على القوانين الجارية على أساس التأمين التكافلي تشترك فيه المؤسسات المالية الإسلامية، وتدار هذه الصناديق وفق ما تناوله مجمع الفقه الإسلامي الدولي في قراره رقم: ۲۰۰(٦/٢١) بشأن الأحكام والضوابط الشرعية لأسس التأمين التعاوني.

والله تعالى أعلم؛؛

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى