الزكاةقضايا معاصرة

أجرة نقل الزكاة وخصم مصاريف التحويل

السؤال:

ما الحكم الشرعي في تحمل نفقات إيصال الزكاة لمستحقيها، إن كانت تنقل من بلد لآخر، أو كانت تنقل عن طريق البنك، بحيث يدفعها المزكي من بطاقة البنك، فيخصم البنك نسبة من مال الزكاة، وبذا تصل الزكاة ناقصة، وفي بعض الأحيان، يخصم البنك نسبة، ثم يعيد بعض هذه النسبة أو كلها إلى المزكي بما يعرف بنظام ( الكاش باك)، فهل تكون الزكاة مجزئة عن المزكي رغم خصم النسبة، سواء ردت إليه أم لم ترد؟

الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالأصل دفع الزكاة في البلد الذي يقيم فيه المزكي، وقد تقرر أن زكاة المال حيث يوجد المال، ولحديث:” تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم”، رواه الشيخان. ولكن يجوز نقل الزكاة إن كانت لمصلحة، كأن يكون أهل البلد المنقول أحوج، كما في حالات الطوارئ والحروب ونحوهما.

وأما نقل مال الزكاة، فيجب على المزكي، لا على الفقير، فلما كانت الزكاة حقا للفقراء والمساكين، وكانت دينا على الغني، فإنه يجب عليه أداء الدين الذي عليه كاملا، وأن يتحمل رسوم ونفقات إيصاله ونقله، ولأن الخصم لابد أن يتعلق بذمة الغني أو الفقير، فيتحملها الغني؛ بناء على قاعدة :” ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”.

ويتأكد ذلك في الحالة التي جاءت في السؤال أن البنك قد يرد رسوم ونفقات النقل إلى المزكي عن طريق ما يعرف بـ( الكاش باك)، وفي هذه الحالة، فقد رد بعض مال الزكاة إلى المزكي، فيجب عليه إخراجه، ولا يحل للغني الانتفاع بشيء من مال زكاته اتفاقا، كما يجب على الغني إيصال مال زكاته كاملا، بل لو وقع في نفسه الشك في حساب الزكاة؛ أخرج بالزيادة حتى لا يقع في طائلة عدم إخراج الزكاة كاملة.

وهذا الذي نص عليه الفقهاء في كتبهم.

قال المرداوي الحنبلي في «الإنصاف» (7/ 174):«‌أجرة ‌نقل ‌الزكاة، حيث قلنا به، على رب المال»

وقال النووي في المجموع (6/213): ” حيث جاز النقل – يعني نقل الزكاة من بلد لآخر- أو وجب، فمؤنته على رب المال”.

وهذا ما أفتى به مفتي المملكة العربية السعودية الأسبق، حيث قال: «‌أجرة ‌نقل ‌الزكاة على رب المال، لأن عليه تسليمها إلى مستحقيها فكان عليه مؤنته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.»

وقد نقل عن المالكية أن نقل الزكاة لا تكون على المزكي وإنما على بيت مال المسلمين، ولكن هذه المسألة ليست في محل تحويل الأموال النقدية، وإنما في حال زكاة الزروع والثمار والسلع والبضائع، ولهذا نصوا إن لم يكن هناك مال في بيت مال المسلمين بيعت ونقل ثمنها، فلا يحتج بقول المالكية في نقل أموال الزكاة إن كانت نقدا.

المفتي: د. مسعود صبري.

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى