إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والأحكام المتعلقة به، والقرار رقم 82 (13/8)،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يلي:
أولاً: عزل المريض:
حيث إن المعلومات الطبية المتوافرة حالياً تؤكد أن العدوى بفيروس العوز المناعي البشري مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) لا تحدث عن طريق المعايشة أو الملابسة أو التنفس أو الحشرات أو الاشتراك في الأكل أو الشرب أو حمامات السباحة أو المقاعد أو أدوات الطعام ونحو ذلك من أوجه المعايشة في الحياة اليومية العادية، وإنما تكون العدوى بصورة رئيسية بإحدى الطرق التالية:
1- الاتصال الجنسي بأي شكل كان.
2- نقل الدم الملوث أو مشتقاته.
3- استعمال الإبر الملوثة، ولا سيما بين متعاطي المخدرات، وكذلك أمواس الحلاقة.
4- الانتقال من الأم المصابة إلى طفلها في أثناء الحمل والولادة.
وبناء على ما تقدم فإن عزل الأم المصابة إلى طفلها إذا لم تُخْشَ منه العدوى، عن زملائهم الأصحاء، غير واجب شرعاً، ويتم التصرف مع المرضى وفق الإجراءات الطبية المعتمدة.
ثانياً: تعمّد نقل العدوى:
تعمد نقل العدوى بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) إلى السليم منه بأية صورة من صور التعمد عمل محرم، ويعد من كبائر الذنوب والآثام، كما أنه يستوجب العقوبة الدنيوية وتتفاوت هذه العقوبة بقدر جسامة الفعل وأثره على الأفراد وتأثيره على المجتمع.
فإن كان قصد المتعمد إشاعة هذا المرض الخبيث في المجتمع، فعمله هذا يعد نوعا من الحرابة والإفساد في الأرض، ويستوجب إحدى العقوبات المنصوص عليها في آية الحرابة. {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة : 33].
وإن كان قصده من تعمُّد نقل العدوى إعداء شخص بعينه، وتمت العدوى، ولم يمت المنقول إليه بعد، عوقب المتعمد بالعقوبة التعزيرية المناسبة وعند حدوث الوفاة ينظر في تطبيق عقوبة القتل عليه.
وأما إذا كان قصده من تعمد نقل العدوى إعداء شخص بعينه، ولكن لم تنتقل إليه العدوى فإنه يعاقب عقوبة تعزيرية.
ثالثاً: إجهاض الأم المصابة بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز):
نظراً لأن انتقال العدوى من الحامل المصابة بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) إلى جنينها لا تحدث غالباً إلا بعد تقدم الحمل – نفخ الروح في الجنين – أو أثناء الولادة، فلا يجوز إجهاض الجنين شرعاً.
رابعاً: حضانة الأم المصابة بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) لوليدها السليم وإرضاعه:
لما كانت المعلومات الطبية الحاضرة تدل على أنه ليس هناك خطر مؤكد من حضانة الأم المصابة بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) لوليدها السليم، وإرضاعها له، شأنها في ذلك شأن المخالطة والمعايشة العادية، فإنه لا مانع شرعاً من أن تقوم الأم بحضانته ورضاعته ما لم يمنع من ذلك تقرير طبي.
خامساً: حق السليم من الزوجين في طلب الفرقة من الزوج المصاب بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز):
للزوجة طلب الفرقة من الزوج المصاب باعتبار أن مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) مرض معد تنتقل عدواه بصورة رئيسية بالاتصال الجنسي.
سادساً: اعتبار مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) مرض موت:
يعدّ مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) مرض موت شرعاً، إذا اكتملت أعراضه، وأقعد المريض عن ممارسة الحياة العادية، واتصل به الموت.
والله الموفق
مجلة المجمع (ع 8، ج3 ص 9) (ع 9، ج1 ص 65)