الأسرةالعاداتالفتاوىالمجلس الأوربي للإفتاءالمرأةفتاوى المجامع

منع النساء من الحديث مع الرجال

السؤال:

كثير من الزوجات المسلمات لا يسمح لهن بالحديث مع الزائرين، أو الحديث مع الرجال عموماً، في حين يسمح الرجل لنفسه بالحديث مع أي امرأة، فما الحكم في ذلك؟

 

  • المفتي: المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث

الجواب:

جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

 «الحياء من الايمان »[1]، و«الحياء لا يأتي إلا بخير» [2]، وهذا الحياء خلق محمود من الرجال والنساء جميعاً، ولكنه في المرأة أكثر حمداً، وهو الأليق بطبيعتها الأنثوية، وهذا هو الذي يجعلها غالباً لا تبادر بالكلام مع الرجال الأجانب عنها، وأحياناً تحكم ذلك التقاليد والأعراف التي تختلف من بلد لآخر ومن زمن لآخر ومن حال لأخرى.

والمهم أن يُعلم أن الشرع لا يمنع أن تكلم المرأة الرجل، أو يكلم الرجل المرأة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وكان الكلام في حدود أدب الشرع وضوابطه.

وقد قال تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين: {يا نساء النبي لَسْتُنَّ كأحدٍ من النِّساء إن اتقيتنَّ فلا تَخْضَعْنَ بالقولِ؛ فيَطْمَعَ الذي في قلبه مرضٌ، وقُلْنَ قولاً معروفاً} [الأحزاب: 32].

هذا مع أن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وضعاً خاصاً وأحكاماً تخصهن وحدهن، وعليهن من التشديد ما ليس على غيرهن، ومع هذا لم يمنعهن من مجرد الكلام، إنما منعهن من الخضوع بالقول. والخضوع بالقول يعني إلانته والتكسر فيه، بحيث يطمع في المرأة أصحاب الشهوات المطيعون لنداء الغرائز الدنيا، وهو الذي عبر عنه القرآن بالذي في قلبه مرض، وهو مرض شدة الشهوة، أما الكلام بالمعروف وفي حدود الأدب المرعي فهو مشروع {وقلن قولاً معروفاً}، وقد صحت الأحاديث بمشروعية سلام الرجال على النساء وسلام النساء على الرجال، وكذلك عيادة الرجال للنساء وعيادة النساء للرجال.

وليس معنى هذا أن يفتح الباب على مصراعيه لتحدّث المرأة كل غاد ورائح من الرجال، أو ليحدّث الرجل كل غادية ورائحة من النساء، فهذا ما يرفضه المنطق والذوق قبل أن يرفضه الشرع. إنما تحادث المرأة الرجل إذا كان قريباً لها أو صهراً أو أستاذاً أو جاراً أو رئيساً في العمل ونحو ذلك، مما تفرضه ظروف الحياة والعلاقات المتشابكة بين الناس ولا سيما في عصرنا، ما دامت الثقةُ قائمةً والفتنةُ مأمونةً والأوضاعُ عاديةً.

كما جرى على ذلك العمل في كثير من البلاد الإسلامية، يسلم الرِّجال على النِّساء والنِّساء على الرِّجال إذا التقوا ويتبادلون الأحاديث أو (القول المعروف) فيما يهمهم من أمور، برضى الأزواج والآباء والإخوان، ولا ينكر ذلك عليهم عالم من العلماء.

ولا ننكر أنه وجد في بعض البلاد تقاليد متشددة بالنسبة للمرأة تكاد تحبسها في بيتها وتقضي عليها بالسجن المؤبد حتى يتوفاها الموت، وقد وجد من بعض العلماء من يؤيد هذا التوجه، ولكن الأدلة الشرعية الصحيحة الثبوت الصريحة الدلالة تعارض ذلك، فضلاً عن مقاصد الشرع ومصالح الخلق وتطور الزمان والإنسان.

([1]) متفق عليه عن ابن عمر، أخرجه البخاري (رقم: 24، 5767) ومسلم (رقم: 36).

([2]) متفق عليه عن عمران بن حصين، أخرجه البخاري (رقم: 5766) ومسلم (رقم: 37

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى