السؤال:
هل يجوز للزوجة فتح حساب مصرفي خاص بها من دخلها؟ أم يلزمها أن تضع دخلها في وعاء مشترك مع دخل زوجها، يصرف منه على الأسرة؟
المفتي :المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث
الجواب:
من الحقائق المسلَّمَة: أن الإسلام أنصف المرأة من ظلم الجاهليات المختلفة، وأعطاها حقوقَها دون أن تطالب بها، ومن ذلك الحقوق المالية، وعلى رأسها حق التملك للأموال، عقارات ومنقولات، فجعل لها الإسلام ذمة مالية مستقلة عن أبيها وزوجها. فمن حقها أن تملك وأن تتصرف في ملكها كما تشاء، كما يتصرف الرجل، تبيع وتشتري وتهب وتتصدق، كما يفعل الإنسان السوي الرشيد، ولا حرج ولا حَجْرَ عليها، قال تعالى: للرجال نصيبٌ مما اكتسبوا وللنساء نصيبٌ مما اكتسبن [النساء: 32].
ومن هنا نقول: إن للزوجة الحق كل الحق في فتح حساب لها في البنك باسمها، خاص بها، تضع فيه ما يأتيها من دخل، سواء أكان من كسبها أم من ميراث لها، أم من هبة من أب أو أم أو غير ذلك.
وليس للزوج حقٌّ في أن يفرض عليها أن تضع دخلَها في حساب أو وعاء مشترك مع دخل زوجها، لينفق منه على الأسرة. إذ من المعلوم أن الإنفاق على الأسرة شرعاً هو من واجب الزوج، كما قال اللَّه تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل اللَّه بعضَهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم [النساء: 34].
وإنما تساعد المرأة زوجها في نفقة البيت تبرعاً منها من باب مكارم الأخلاق، وليس من باب الوجوب والإلزام، حتى لو كانت غنية بميراث أو كسب.
ولم يوجب أحد من أئمة الإسلام على الزوجة الغنية أن تنفق على زوجها الفقير، إلا الإمام الظاهري المعروف، ابن حزم.
ولكننا نستحسن أن تساهم المرأة العاملة في نفقه البيت، ولا سيما إذا كانت وظيفتها أو عملها في الخارج يكلف البيت خادمة أو مربية للأطفال، أو مصاريف زائدة من أجل خروج المرأة ولبسها ومواصلاتها ونحو ذلك.
وأقصى ما يمكن أن تساهم به المرأة في ذلك هو الثلث، والثلثان على الزوج، فكما أن الرجل يرث ضعفها من التركة، فكذلك يجب أن يتحمل ضعفها من النفقة.
ونحن نؤيد أن يكون لكل من الزوجين حسابه الخاص، حتى لا يطمع بعض الأزواج في أموال زوجاتهم، وللزوجة أن تحتاط لغدَرات الزمان وتقلبات الأزواج، ولا نحبذ على الإطلاق أن تضع الزوجة دخلها في حساب زوجها فيكون كل شيء باسمه وعلى ملكه، ولا يجوز للزوج أن يطالبها بذلك، فكل إنسان أحق بماله.