العاداتالفتاوىفتاوى المجامعمجمع الفقه بالهند

العرف والعادة

إن الميزة المميزة والخصيصة الكبري للشريعة الإسلامية هي العدل والوسطية، فليس من طبيعة الشريعة الإسلامية أن تستجيب لأي نوع من أنواع التغيرات في كل حين وآن، ولا أن تعترف بكل أمر أصبح  رائجا وسار عليه الناس حتي ولو كان مغايرا ومتناقضا مع المصالح البشرية والقيم الخلقية، لأن ذلك ليس من مراعاة المصالح الإنسانية بل هو استسلام وخضوع للمفاسد، والإسلام لايسمح بذلك قطعا، ولكن القانون المرتسم للبقاء هو النظام الذي يعيش مع الناس مشكلاتهم ويعينهم علي حلها، ولتحقيق ذك يلزمه قبول أعراف الناس وتعاملاهم الاجتماعي في إطار خاص، وبناء علي ذلك بنيت كثير من أحكام الفقه الإسلامي علي أعراف العصر، ويدل علي اعتبار العرف الكتاب والسنة وآثار الصحابة والقياس، كما يتفق علي اعتبار جميع فقهاء الإسلام. وفي هذه الخلفية  قررت الندوة ما يلي:

المحور الأول

 حقيقة العرف وأنواعه المختلفة:

أولا: العرف في اللغة: الشئ المعروف، وفي الاصطلاح الشرعي: كل ماسار عليه الناس وتعارفوه من قول أو فعل.

ثانيا: العادة في اللغة: الأمر المتكرر، وفي الاصطلاح الشرعي:

هي تكرير الفعل حتي يصير تعاطية سهلا كالطبع.

ثالثا: العرف والعادة بمعني واحد من حيث المصداق، وإن اختلفا من حيث المفهوم.

رابعا: الفرق بين العرف والإجماع أن العرف يتحقق بتعارف عامة الناس ،والإجماع هو عبارة عن اتفاق المجتهدين.

 خامسا: العرف نوعان: عرف قولي وعرف فعلي.

 العرف القولي: هو أن يشيع بين الناس استعمال بعض الألفاظ أو التراكيب في معني معين بحيث يصبح ذلك المعني هو المفهوم المتبادر إلي أذهانهم عند الإطلاق بلا قرينة ولاعلاقة عقلية.

 والعرف العملي: هو مااعتاد ه الناس من أعمال.

سادسا: العرف القولي والعرف العلمي كلاهما معتبر في احكام الشرع، والعرف الذي يكون فاشيا في معظم مناطق المسلمين هو العرف العام، والعرف الرائج في مدينة أو ولاية أو منطقة سكانية خاصة أو في طبقة مخصوصة هو العرف الخاص.

سابعا: كل عرف يخالف نصا من نصوص الشريعة أو يفوت مصلحة معتبرة يكون فاسدا مثل رواج الدوطة أو طلب النقود في النكاح، وحرمان البنات من الإرث، والانتفاع بالأراضي المرهونة.

 المحور الثاني

 شروط اعتبار العرف:

يشترط لاعتبار العرف أربعة شروط:

الأول: أن يكون العرف كليا أو أكثريا ،ويعني ذلك شيوع العرف في المجتمع كاملا ،وسير غالبية سكان المجتمع عليه.

الثاني: أن يكون العرف موجودا من قبل وقوع التصرف ويبقي باقيا عند التصرف.

الثالثا: أن لايكون هناك تصريح من المتعاقدين بخلاف العرف.

 الرابع: أن لايعطل العمل بالعرف نصا من نصوص الشارع الصريحة القطعية أو قاعدة من القواعد الأصولية.

 المحور الثالث

 تعارض العرف مع الأدلة الشرعية:

أولا: إذا تعارض العرف العام مع نص عام بحيث لايكون العمل بالعرف العام تركا للنص، بل يخصص النص فقط، جاز في هذه الصورة تخصيص النص بالعرف العام.

 ثانيا: إذا كان العرف العام معارضا للنص بحييث يلزم من اعتبار العرف العام ترك النص فلا يعتبر هذا العرف شرعا.

 ثالثا: النصوص المبنية علي العرف قطعا يجوز تغيير الأحكام فيها بتغير ذلك العرف، ولكن تقرير أن حكما شرعيا معينا هو مبني علي العرف أمر خطير للغاية ومسؤولية كبيرة لايستطيع القيام به إلا الفقهاء المتضلعون بعلوم الإسلام المتصفون بدقة النظر وكمال الحيطة والتقوي وبأسلوب التفكير الجماعي.

 رابعا: إذا تعارض العرف العام مع ماثبت بالقياس رحج العرف العام وترك القياس.

 خامسا: إذا كان العرف الخاص محدودا في إطار صغير لم يصح ترك القياس بسببه.

 سادسا: إذا كان إطار العرف الخاص واسعا جدا جاز ترك القياس بسببه.

 سابعا: إذاكان العرف متعارضا مع الأهداف والمصالح الأساسية للشرع لم يعتبر.

 المحور الرابع

 تغير الحكم تبغير العرف:

أولا   : إذا كانت مسائل ظاهر الرواية ثابتة بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة فهي لاتترك بالعرف، وتترك مسائل أخري لكتب ظاهر الرواية بسبب العرف.

 ثانيا  : إذاكان قول في مذهب فقهي معارضا للعرف، ووجد في مذهب فقهي آخر قول مطابق له ، فالحكم بالعر ف (مع مراعاة شروط اعتباره) ليس عدولا عن المذهب بل هو اختيار العرف.

 ثالثا: إذا تغير العرف في الأحكام الفقهية المبنية علي العرف، لاعلي النصوص، حكم العرف الجديد.

 المحور الخامس

 الاشتراط في النكاح:

أولا : إذا اشترطت في النكاح شروط تؤكد مايترتب علي النكاح من واجبات وحقوق، فهي شروط معتبرة ويجب علي الزوج الوفاء بها.

 ثانيا: وإذا اشترطت في النكاح شروط تنافي مقتضيات النكاح أو منعها الشرع فهي شروط غير معتبرة مثل شرط الزوج عدم النفقة أو شرط الدوطة أي طلب النقود والأموال من ذوي الزوجة.

 ثالثا: وإذا اشترط في النكاح شروط لم توجبها الشريعة، ولم تمنعها وجب الإيفاء بها.

 

قرارات وتوصيات الندوة الثامنة
لمجمع الفقه الإسلامي بالهند
جامعة علي جراه الإسلامية (الهند)
27ـ 29 جمادي الأولي 1416هـ
20ـ24أكتوبر 1995م
القرارات رقم 33ــ 36

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

Related Articles

Back to top button