الفتاوىالمجمع الفقهيعقيدةفتاوى المجامع

حكم الشيوعية والانتماء إليها

الحمد لله وحد والصلاة والسلام علي من لانبي بعده وبعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي، درس فيما درسه من أمور خطيرة (موضوع الشيوعية والأشتراكية) وما يتعرض له العالم الإسلام ي من مشكلات الغزو الفكري، علي صعيد كيان الدول، وعلي صعيد نشأة الأفراد وعقائدهم، وماتتعرض له تلك الدول والشعوب معا من أخطار تترتب علي عدم التنه إلي مخاطر هذا الغزو الخطير.

 ولقد رأي المجمع الفقهي، أن كثيرا من الدول في العالم الإسلامي، تعاني فراغا فكريا وعقائديا، خاصة أن هذه الأفكار والعقائد المستوردة، قد أعدت بطريقة نفذت إلي المجتمعات الإسلامية، واحدثت فيها خللا في العقائد، وانحلالا في التفكير والسلوك، وتحطيما للقيم الإنسانية، وزعزعة لكل مقومات الخير في المجتمع، وأنه ليبدو واضحا جليا أن الدول الكبري علي اختلاف نظمها واتجاهها، قد حاولت جاهذة تمزيق شمل كل دولة تنتسب للإسلام ،عداوة له وخوما من امتداده ويقظة أهله .لذا زكزت جميع الدول المعادية للإسلام علي أمرين مهمين هما العقائد والأخلاق.

ففي ميدان العقيدة :شجعت كل من يعتنق المبدأ الشيوعي، المعبر عنه مبدئيا عند كثيرين بالاشتراكية، فنجدت لها الإذاعات والصحف، والدعايات الراقة، والكتاب المأجورين، وسمته جينا بالحرية، وحينا بالتقدمية، وحينا بالديمقراطية، وغير ذلك من الألفاظ، وسمت كل ما يضاد ذلك من إصلاحا ت ومحافظة علي القيم والمثل السامية والتعاليم الإسلامية، رجعية وانتهازية ونحو ذلك.

وفي ميدان الأخلاق دعت إلي الإباحية واختلاط الجنسين وسمت ذلك أيضا تقدما وحرية، فهي تعرف تمام المعرفة متي قضت علي الدين والأخلاق، فقد تمكنت من السيطرة الفكرية والمادية والسياسية، وإذا تم ذلك لها، تمكنت من السيطرة علي جميع مقومات الخير والإصلاح، وصرفتها كما تشاء.

فانبثق عن ذلك الصراع الفكري والعقائدي والسياسي، وقامت بتقوية الجانب الموالي لها، وأمدته بالمال والسلاح والدعاية التي يتمركز في مجتمعه ويسيطر علي الحكم، ثم لاتسأل عما يحدث بعد ذلك: من تقتيل وتشريد وكبت للحريات، وسجن لكل ذي دين، أو خلق قويم.

 ولهذا لما كان الغزو الشيوعي قد اجتاح دولا إسلامية ،لم تتحصن بمقوماتها الدينية والأخلاقية تجاهه، وكان علي المجمع الفقهي في حدود اختصاصة العلمي والديني، أن ينبه إلي المخاطر التي تترتب علي هذا الغزو الفكري والعقائدي والسياسي الخطير الذي يتم بمختلف الوسائل الإعلامية والعسكرية وغيرها ــ فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة يقررمايلي:

يري مجلس مجمع الفقه لقت نظر دول وشعوب العالم الإسلامي، إلي أنه من المسلم به يقينا أن الشيوعية منافية للإسلام، وأن اعتناقها كفر بالدين الذي ارتضاه الله لعباده، وهي هدم للمثل الإنسانية، والقيم الأخلاقية، وانحلال للمجتمعات البشرية، والشريعة الإسلامية المحمدية هي خاتمة الأديان السماوية، وقد أنزلت من لدن حكيم حميد، لإخراج الناس من الظلمات إلي النور، وهي نظام كامل للدولة: سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، وستظل هي المعول عليها ــ بإذن الله  ــ للتخلص من جميع الشرور، التي مزقت الإسلام، ثم جعلته وراءها ظهريا.

لهذا وغيره كان الإسلام بالذات هو محل هجوم عنيف من الغزو الشيوعي الاشتراكي الخطير، بقصد القضاء علي مبادئه ومثله ودوله .لذا فإن المجلس يوصي الدول والشعوب الإسلامية أن تتنبه إلي وجوب مكافحة هذا الخطر الداهم بالوسائل المختلفة، ومنها الأمور الأتية :

  • إعادة النظر بأقصي السرعة في جميع برامج ومناهج التعليم المطبقة حاليا فيها، بعد أن ثبت أنه قد تسرب إلي بعض هذه البرامج والمناهج أفكار إلحادية وشيوعية مسمومة ومدسوسة، تحارب الدول الإسلامية في عقر دارها، وعلي يد نفر من أبنائها من معلمين ومؤلفين وغيرهم. 
  • إعادة النظر وبأقصي سرعة في جميع الأجهزة في الدول الإسلامية، وبخاصة في دوائر الإعلام والاقتصاد والتجارة الداخلية والخارجية، وأجهزة الإدارات المحلية، من أجل تنقيتها وتقويمها، ووضع أسسها علي القواعد الإسلامية الصحيحة، التي تعمل علي حفظ كيان الدول والشعوب، وإنقاذ المجتمعات من الحقد والبغضاء، وتنشر بينهم روح الأخوة والتعاون والصفاء. 
  • الإهابة بالدول والشعوب الإسلامية، أن تعمل علي إعداد مدارس متخصصة، وتكوين دعاة أمناء، من أجل الاستعداد لمحاربة هذا الغزو، بشتي صوره، ومقابلته بدراسات عميقة ميسرة، لكل راغب با لأطلاع علي حقيقة الغزو الأجنبي ومخاطره من جهة، وعلي حقائق الإسلام وكنوزه من جهة ثانية، ومن ثم فإن هذه المدراس، وأولئك الدعاة كلما تكاثروا في أي بلد إسلامي يرجي أ ن يقضوا علي هذه الأفكار المنحرفة الغريبة، وبذلك يقوم صف علمي عملي منظم واقعي من أجل التحصين ضد جميع التيارات التي تستهدف هذه البقية الباقية من مقومات الإسلام في نفوس الناس.

كما يهيب المجلس بعلما ء المسلمين في كل مكان، وبالمنظمات والهيئات الإسلامية في العالم، أن يقوموا بمحاربة هذه الأفكار الإلحادية الخطيرة، التي تستهدف دينهم وعقائدهم وشريعتهم، وتريد القضاء عليهم وعلي أوطانهم، وأن يوضحوا للنا س حقيقة الاشتراكية والشيوعية وأنهما حرب علي الإسلام.

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين.

المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى