الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد. أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع في جلسته الثالثة صباح يوم الخميس الموافق 10/4/1402هـ المصادف 4/2/1980م علي قرار ندوة بروكسل 1400هـ.1980م وقرارهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية رقم (61) في 12/4/1398هـ. فيما يتعلق بمواقيت الصلاة والصوم ،في الأقطار التي يقصر فيهاالليل جداً في فترة من السنة، ويقصر النهار جدا في فترة أو التي يستمر ظهور الشمس فيها ستة أشهر وغيابها ستة اشهر.
وبعد مدارسة ماكتبه الفقهاء قديماً وحديثاً في الموضوع قرر ما يلي:
تنقسم الجهات التي تقع علي خطوط العرض ذات الدرجات العالية إلي ثلاث:
الأولي:
تلك التي يستمر فيها الليل أالنهار أربعا وعشرين ساعة فأكثر ففي هذه الحال تقدر مواقيت الصلاة والصيام وغيرها في تلك الجهات على حسب أقرب جهة اليها، مما يكون فيها ليل ونهار متمايزان في ظرف أربع وعشرين ساعة.
الثانية:
البلاد التي يظهر فيها الليل والنهار خلال أربع وعشرين ساعة وتتمايز فيها الأوقات إلا أن الليل يطول فيها فترة من الزمن طولا مفرطا ويطول النهار في فترة أخري طولا مفرطا.
الثالثة:
البلاد التي لا يغيب فيها شفق الغروب حتي يطلع الفجر بحيث لا يتميز شفق الشروق من شفق الغروب، ففي هذه الجهات يقدر وقت العشاء الآخرة والإمساك في الصوم ووقت صلاة الفجر بحسب آخر فترة يتمايز فيها الشفقان.
ومن كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل ومن النهار بطلوع فجر وغروب شمس إلا أن نهارها يطول جدا في الصيف ويقصر في الشتاء، وجب عليهم أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعا لعموم قوله تعالي {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } [الإسراء: 78] وقوله تعالي فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا
ولما ثبت عن بريدة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم (أن رجلا سأله عن وقت الصلاة) فقال له (صل معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلال، فأذن، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس ثم أمره فأقام العشاء حين عاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره بالظهر فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، ثم قال (أين السائل عن وقت الصلاة فقال الرجل أنا يارسول الله، قال :وقت صلاتكم بين مارأيتم) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله مالم يحضر العصر ووقت العصر ماللم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب مالم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلي نصف الليل الأوسط ووقت اصلاة الصبح من طلوع الفجر مالم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان ) أخرجه مسلم في صحيحه.
إلي غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس، قولا وفعلا ولم تفرق بين طول النهار وقصره وطول الليل وقصره، مادامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلي الله عليه وسلم.
هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان، فعلي المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلي غروب الشمس في بلادهم، مادام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما أربعا وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط، وإن كان قصيرا فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد، وقد قال الله تعالي {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } [البقرة : 187] ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات أو التجربة ـ أو إخبار طيب أمين حاذق، أو غلب علي ظنه، أن الصوم يفضي إلي مرضه مرضا شديدا، أو يفضي إلي زيادة مرضه أو بطء برئه، أفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن يفه من القضاء قال الله تعالي {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] وقال تعالي { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } [البقرة: 286]
والله ولي التوفيق. وصلي الله عي خير خلقه سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.
المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)