أصول الفقهالفتاوىالمجمع الفقهيفتاوى المجامع

الاجتهاد

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد:

 فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دوته الثامنة المنعقدة بمبني رابطة العالم الإسلامي، بمكة المكرمة  في الفترة مابين 27/ ربيع لآخر 1405هـ و8 جمادي الأولي 1405هـ الموافق 18ـ 29 سناسؤ 1985م قد نظر في موضوع الاجتهاد وهو بذل الجهد في طلب العلم، شيء من الأحكام الشرعية، بطريق الاستنباط من أدلة الشريعة. فالهيكل الأساسي للأجتهاد، يتطلب تمام المعرفة، باستجماع الشروط، فلا مجال للاجتهاد إلا بها، تحصيلا لهذا الفرض الكفائي، كما قال تعالي {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]

فقد أفادت الآية، أن التفقه في الدين، يتطلب التفرغ له، فلا بد في الاجتهاد من  أخذ الحيطة  الكاملة، للوصول إلي الفهم  الفقهي الصحيح.

 وأوضح السيوطي إيضاحا كاملا، فرضية الاجتهاد، وأنه لم ينقطع، وذلك في كتابه (الرد علي من أخلد إلي الأرض، وجهل أن الاجتها د في كل عصر فرض) فبابه لم يغلق، ولايملك أحد إغلاقه، ولاسيما أن علماء الأصول، حين يحثوا مسألة جواز خلو الزمن عن مجتهد، أو عدم خلوه ـ أتفقوا على أن باب الأجتها د مفتوح أمام من تتوافر فيه شروطه، وإنما تقاصرت الهمم عن تحصيل درجة الاجتهاد، وهي التضلع في علوم القرآن والسنة المطهرة، وأصول الفقه، وأحوال الزمن، ومقاصد الشريعة، وقواعد الترجيح، عند تعارض الأدلة مع عدالة المجتهد، وتقواه والثقة بدينه.

وينقسم الاجتهاد اربعة أقسام:

 القسم الأول: المجتهد المطلق، كالأئمة المقتدي بهم.

 القسم الثاني: المجتهد في المذهب، وله أربع أحوال ذكرها الأصوليون.

 القسم الثالث: المجتهد في فن، أو في مسألة ـ أو مسائل، وهو جائز، بناء علي أن الاجتهاد يتجزأ ـ وهو المختار.

 لذلك كله قرر المجلس بالإجماع:

1 – أن حاجة العصر إلي الاجتهاد حاجة أكيدة، لما يعرض من قضايا، لم تعرض لم تقدم عصرنا. وكذلك ما سيحدث من قضايا جديدة في المستقبل فقد أقر النبي صلي الله عليه وسلم معاذ بن جبل، علي الاجتهاد، حين لا يجد نصا من كتاب الله تعالي ولاسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، وذلك حين قال معاذ (أجتهد رأيي، ولاآلو)

وحينئذ تحفظ للإسلام جدته وصلاحيته للعصور كلها ـ إذ تحل المشكلات في المعاملات، ونظم الاستثمارات الحديثة، وسواها من المشكلات الاجتماعية.

 وحبذا لو أقيم مركز يجمع مايصدر عهن المجامع، والمؤتمرات، والندوات لينتفع بذلك، وتزود به كلينا ت الشريعة، والدراسات العليا الإسلامية، وبذلك يشع الإسلام، وفي ذلك ضمان لحياة مستقيمة صالحة.

 

2 ـ أن يكون الاجتهاد جماعيا، بصدوره عن مجمع فقهي، يمثل فيه علماء العالم الإسلامي، وأن الاجتهاد الجماعي هو ماكان عليه الأمر في عصور الخلفاء الراشدين كما أفاد الشاطبي في الموافقات من أن عمر بن الخطاب.

 وعامة خيار الصحابة، قد كانت ترد عليهم المسائل، وهم خير قرن  وكانوا يجمعون أهل الحل والعقد من الصحابة، ويتباحثون ثم يفتون. وسار التابعون علي غرار ذلك، وكان المرجع في الفتاوي إلي الفقهاء السبعة.

 كما أفاده الحافظ ابن حجر في التهذيب، ذكر أنهم إذا جاءتهم المسألة، دخلو ا فيها جميعا، ولايقضي القاضي، حتي يرفع إليهم، ونظروا فيها.

 

 3 ـ توافر شروط الاجتهاد المطلوبة في المجتهدين، لآنه لايتأتي اجتهاد بدون وسائله، حتي لاتتعثر الأفكار، وتحيد عن أمر الله تعالي، إذ لايمكن فهم مقاصر الشرع، في الكتاب الكريم وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام إلا بها.

4 ـ الاسترشاد بما للسلف، نحتي يقع الاجتهاد علي الوجه الصحيح، فلا يسلك ‘إليه حديثا إلا بعد معرفة ماسبق للسلف ، في كل شأن، والاستعانة بما قدمه الأئمة المقتندي بهم، وإلا اختلطت السبل فإن كتب الفقه الإسلامي المستنبط من الكتاب والسنة، أطبر عون علي مايعرض من المشكلات ،إلحاقا لها بنظائرها.

5 ـ أن تراعي قاعدة أنه (لا اجتهاد في مورد النص)، وذلك حيث يكون النص قطعي الثبوت والدلالة، إلا انهدمت أسس الشريعة.

 وصلي الله علي سيدنا محمد، وعلي آله وصحبة وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.

المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى