أصول الفقهالزكاةالعبادةالفتاوىالمجمع الفقهيفتاوى المجامع

جمع وتقسيم الزكاة والعشر في باكستان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الثامنة المنعقدة بمكة المكرمة فيما بين 27ربيع الآخر 1405هـ. بنا ء على الخطاب الموجه إلي سماحة رئيس المجلس الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، من سفارة الباكستان بجدة، رقم 4/ سياسية 36/38وتاريخ 27يونيو1983م ومشفوعه استفتاء بعنوان، (جمع وتقسيم الزكاة والعشر في باكستان)، والمحال من قبل سماحته، إلي مجلس المجمع الفقهي، بخطابه رقم 2601/2 وتاريخ 16 ذي القعدة 1403هـ.

 وبعد اطلاع المجلس، علي ترجمة الاستفتاء الذي يطلب فيه الإفادة، هل أحد مصارف الزكاة الثمانية، المذكورة في الآية الكريمة، وهو (وفي سبيل الله) يقصر معناه على الغزاة في سبيل الله، أم أن سبيل الله عام لكل وجه من وجوه البر، من المرافق، والمصالح العامة، من بناء المساجد، والربط، والقناطر، وتعليم العلم، وبث الدعاة …الخ.

 وبعد دراسة الموضوع، ومناقشته، وتداول الرأي فيه، ظهر أن للعلماء في المسألة قولين:
– الأول: قصر معني ـ (في سبيل الله) ـ في الآية الكريمة يريدون قصرنصيب (وفي سبيل الله) من الزكاة علي المجاهدين الغزاة في سبيل الله تعالي.

القول الثاني: أن سبيل الله شامل، عام لكل طرق الخير، والمرافق العامة للمسلمين: من بناء المساجد وصيانتها، وبناء المدارس، والربط، وفتح الطرق، وبناء الجسور، وإعداد المؤن الحربية، وبث الدعاة، وغير ذلك من المرافق العامة، مما ينفع الدين وينفع المسلمين، وهذا قول قلة من المتقدمين، وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين.

 وبعد تداول الرأي، ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:

1ـ نظرا إلي أن القول الثاني، قد قال به طائقة من علماء المسلمين، وأن له حظا من النظر، في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالي {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 262] ومن الأحاديث الشريفة، مثل ما جاء في سنن أبي داود: أن رجلاً جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته الحج، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم (اركبيها فإن الحج في سبيل الله)

2 ـ ونظراً إلي أن القصد من الجهاد بالسلاح، هو إعلاء كلمة الله تعالي، وأن إعلاء كلمة الله تعالي، كما يكون بالقتال يكون ـ أيضا ـ بالدعوة إلي الله تعالي، ونشر دينه: بإعداد الدعاة، ودعمهم، ومساعدتهم علي أداء مهمتهم، فيكون كلا  الآمرين جهاداً، لما روي الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم، عن أنس ـ رصي الله عنه  ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم).

3 ـ  ونظراً إلي أن الإسلام محارب بالغزو الفكري والعقدي، من الملاحدة واليهود والنصاري، وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي فإنه يتعين علي المسلمين، أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام، وبما هو أنكي منه.

4 ـ ونظر اً إلي أن الحروب في البلاد الإسلامية، أ صبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة، بخلاف الجهاد بالدعوة، فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون.

ولذلك كله فإن المجلس يقرر ـ بالأكثرية المطلقة ـ دخول الدعوة إلي الله تعالي، وما يعين عليها، ويدعم أعمالها، في معني ـ وفي سيبل الله ـ في الآية الكريمة. هذا وصلي الله علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.

 

المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى