الزكاةالفتاوىالمجمع الفقهيفتاوى المجامع

الاستفادة بأموال الزكاة لبناء المدارس والمستشفيات في البلاد الأوربية وتأسيس صندوق للزكاة فيها

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:

 فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبني رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12رجب 1406هـ إلى يوم السبت 19/رحب 1406هـ قد نظر في توصية مجمع البحث الفقهي الأوربي التابع للمجلس الأعلي العالمي للمساجد والمحال إليه من معالي الدكتور الأمين العام، نائب رئيس المجلس، والمتعلق بإمكان الاستفادة بأموال الزكاة لبناء المدراس والمستشفيات في البلاد الأوربية.

وبعد النظر والاستماع إلي كلمات الأعضاء ومناقشاتهم قرر المجلس تأكيد ما ذهب إليه في الدورة الثامنة من دخول الدعوة إلى الله تعالي، ومايعين عليها، ويدعم أعمالها في مصرف (في سبيل الله) وهو أحد المصارف الثمانية المنصوص عليها في كتاب الله تعالى (الآية 60 من سورة التوبة) اعتمادا علي أن الجهاد في الإسلام لا يقتصر على القتال بالسيف بل يشمل الجهاد بالدعوة وتبليغ الرسالة والصبر علي مشاقها.

 وقد قال تعالي مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن القرآن الكريم {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 52] وجاء في الحديث الشريف (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه.

ويتأكد هذا المعني في عصرنا الحاضر، أكثر من أي وقت آخر، فالمسلمون يغزون فيه في عقر دارهم من الملل والنحل والفلسفات الباطلة، وبالفكر والثقافة لا بالسيف والمدفع، وبالمؤسسات التعليمية والاجتماعية، لا بالمؤسسات العسكرية، ولا يفل الحديد إلا حديد مثله ، فلابد أن تقاوم الدعوة إلي الطاغوت بالدعوة إلي الله، ويقاو م تعليم الباطل بتعليم الحق، والفكر المشحون بالكفر بالفكر المشحون بالإسلام. كما قال أبو بكر الصديق لخالد ـ رضي الله عنه ـ (حاربهم بمثل مايحاربونك به: السيف بالسيف والرمح بالرمح ..)

وقد تنوعت وسائل الدعوة وأساليبها في عصرنا تنوعا بالغا، فلم تعد مقصورة علي كلمة تقال، أو نشرة توزع، أو كتاب يؤلف، وإن كان هذا كله مهما ـ بل أصبح من أعظم وسائلها أثرا وأشدها خطرا: المدرسة التي تصوغ عقول الناشئة وتصنع أذواقهم وميولهم، وتغرس فيها من الأفكار والقيم ما تريد، ومثل ذلك المستشفي الذي يستقبل المرضي، ويحاول التأثير فيهم باسم الخدمات الإنسانية.

وقد استغل هذه الوسائل أعداء الإسلام من دعاة التنصير وغيرهم، لغزو أبناء الأمة الإسلامية، وسلخهم من شخصيتهم، وإضلالهم عن عقيدتهم، فأنشأوا المدارس، والمستشفيات وغيرها لهذا الغرض الخبيث، وأنفقوا عليها العشرات والمئات من الملايين، وأكثر ما يتعرض المسلمون وشبابهم خاصة لهذا الخطر حينما يكونون خارج ديار الإسلام.

 ولهذا يقرر المجلس أن المؤسسات التلعليمية والاجتماعية من المدراس والمستشفيات ونحوها، إذا كانت في بلاد الكفر، تعتبر اليوم من لزازم الدعوة، وأدوات الجهاد في سبيل الله، وهي مما يدعم الدعوة ويعين على أعمالها بل هي لازمة للمحافظة علي عقائد المسلمين وهويتهم الدينية، في مواجهة التخريب العقائدي والفكري الذي تقوم به المدراس والمنشأت التنصيرية واللادينية.

على أن تكون هذه المؤسسات إسلامية خالصة، ممحضة لأغراض الدعوة والرسالة والنفع لعموم المسلمين وليست لأغراض تجارية تخص أفرادا وفئة من الناس.

أما ما يتعلق بتأسيس صندوق للزكاة، لجمعها من المكلفين بها، وصرفها في مصارفها الشرعية، ومنها مااذكرناه أعلاه، فهو أمر محمود شرعا، لما وراءه من تحقيق مصالح مؤكده للمسلمين، بشرط أن يقوم عليه الثقات المأمونون العارفون بأحكام الشرع في تحصيل الزكاة وتوزيعها والله أعلم.

 

والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراوالحمد لله رب العالمين.

 

المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى