الزكاةالعبادةالفتاوىالمجمع الفقهيالمعاملاتفتاوى المجامع

حكم صرف سهم المجاهدين من الزكاة في تنفيذ مشاريعهم الصحية والتربوية والإعلامية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد:

 فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبني رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12 رجب 1406هـ إلى يوم السبت 19رجب 1406هـ قد نظر في موضوع السؤال المقدم من رئيس لجنة الدعوة الإسلامية في جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت والخاص بجواز صرف أموال الدعوة الإسلامية التي تجمع للمجاهدين الأفغانيين، لتنفيذ المشاريع الصحية والتربوية والإعلامية، الذي طلب سماحة رئيس المجلس عرضه عليه في هذه الدورة.

 وبعد ان نظر المجلس في إجابات بعض الأعضاء، وبعد أن راجع ما صدر عنه من قرارات سابقة وما صدر عن هيئة كبار العلماء في المملكة، واستمع إلي المناقشات حول الموضوع، قرر أن الصرف في الجهات التي تضمنها السؤال جائزمن أكثر من جهة:

أولا:
من جهة الاستحقاق بالحاجة، فهم ـ مجاهدين ومهاجرين  ـ  فقراء أو مساكين أو أبناء سبيل، فإن كان من ذوي الأرض والعقار في بلده أصبح بالهجرة والتشريد من أبناء السبيل بعد انقطاعه، والانفاق على الفقراء والمحتاجين من أموال الزكاة لا يقتصر على إطعامهم وكسوتهم فقط، بل يشمل كل ما تتم به كفايتهم وتنظم به حياتهم، ومنها المشاريع الصحية والمدراس التعليمية ونحوها مما يعتبر من ضرورات الحياة المعاصرة.

وقد نقل الإمام النووي عن أصحابه من الشافعية :أن المعتبر في الكفاية:

 المطعم والملبس والمسكن، وسائر ما لا بد له منه، على ما يليق بحاله، لنفس الشخص ولمن هو في نفقته (المجموع 6/190).

وقوله (سائر ما لا بد له منه) كلمة عامة مرنه تتسع للحاجات المتجددة والمتغيرة بتغير الزمان والمكان والحال، ومن ذلك في عصرنا: المنشأت الصحية والتلعيمية التي تعتبر من تتممات المحافظة على النفس والعقل وهما الضروريات الخمس، وقد اعتبر الفقهاء الزواج من تتمات الكفاية، وكتب العلم لآهله من تمام الكفاية، نفق في (الانصاف) :أنه يجوز للفقير الأخذمن الزكاة لشراء كتب العلم التي لا بد منها لمصلحة دينه ودنياه. (3/165,218)

وثانيا:
من جهة أخرى يعتبر الإنفاق على المشاريع المسؤول عنها دخلا في مصرف (في سبيل الله) حتي مع التطبيق في مدلوله وقصره علي الجهاد بالمعني العسكري، فإن الجهاد اليوم لم يعد مقصورا علي أشخاص المجاهدين وحدهم، بل أصبح تأمين الجهة الداخلية وقوتها جزء لا يتجزأ مما يسمونه (الاستراتيجية العسكرية).

 والمهاجرون بكل معاناتهم ومآسيهم هم بعض ثما ر الحرب وإفرازها ونتاجها، فلا بد من رعايتهم، وتوفير ما يلزم لحياتهم الحياة المناسبة، وتعليم أنبائهم وعلاجهم حتي يطمئن المجاهدون إلى أن أهليهم وراءهم غير مضيعين، فيستمروا في جهادهم أقوياء صامدين، وأي خلل أو ضعف في هذه الجهة يعود علي الجهاد بالضرر.

ومما يؤيدنا في هذا من النصوص ما جاء في الصحيح من قوله صلي الله عليه وسلم (من خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا) فاعتبر رعاية أسرة الغازي المجاهد غزوا وجهادا فلا غرو أن يكون الإنفاق من  باب الجهاد في سبيل الله.

 وعلى هذا نص الفقهاء، أن الغزي يعطي من سهم (في سبيل الله) نفقته ونفقة عياله ذهابا ومقاما ورجوعا (المجموع :6/227)

واما ما يتعلق بالنشاط الإعلامي، فقد غدا من لوازم الحرب الناجحة في عصرنا كما يقرر ذلك المختصون من العسكريين، فهو لازم لتقوية الروح المعنوية للمجاهدين وتحريضهم على القتال، وهو لازم لزرع الثقة والأمل في نفس من وراءهم وتحريضهم على القتال، وهو لازم لزرع الثقة والأمل في نفس من وراءهم من المدنيين والمساعدين، وهو لازم لبث الرعب في قلوب أعدائهم، وقد يكون النصر بالرعب، وهو لازم لتجنيد الرأي  العام العالمي للوقوف بجانبهم ونصرة قضيتهم .

والقاعدة الشرعية: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ثم هو بعد ذلك من أنواع الجهاد باللسان، الداخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) وبناء على هذا  يرى المجلس جواز صرف أموال الزكاة فيما جاء في السؤال والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.

 

المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى