الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته العاشرة المنعقدة في مكة المكرمة، في الفترة من يوم السبت 24 صفر 1408هـ الموافق 17أكتوبر 1987م إلى يوم الأربعا ء 28صفر 1408 هـ الموافق 21 أكتوبر 1987م قد نظر في موضوع الملاكمة والمصارعة الحرة من حيث عدها رياضة بدنية جائزة وكذا في مصارعة الثيران المعتادة في بعض البلاد الاجنبية، هل تجوز في حكم الإسلام أو لا تجوز.
وبعد المداولة في هذا الشأن من مختلف جوانبه، والنتائح التي تسفر عنها هذه الأنواع التي نسبت إلى الرياضة وأصبحت تعرضها برامج البث التلفازي في البلاد الإسلامية وغيرها.
وبعد الاطلاع على الدراسات التي قدمت في هذا الشأن بتكليف من مجلس المجمع في دورته السابقة من قبل الأطباء ذوي الاختصاص، وبعد الاطلاع على الاحصائيات التي قدمها بعضهم عما حدث فعلا في بلاد العالم نتيجة لممارسة الملاكمة، وما يشاهد في التلفزة من بعض مآسي المصارعة الحرة قرر مجلس المجمع ما يلي:
أولا: الملاكمة:
يرى مجلس المجمع بالإجماع أن الملاكمة المذكورة التي أصبحت تمارس فعلا في حلبات الرياضة والمسابقة في بلادنا اليوم هي ممارسة محرمة في الشريعة الإسلامية لأنها تقوم على أساس استباحة إيذاء كل من المتغالبين للآخر إيذا ء بالغاف يجسمه، قد يصل له إلى العمي، أو التلف الحاد أو المزمن في المخ أو إلى الكسور البليغة، أو إلى الموت، دون مسئولية علي الضارب، مع فرح الجمهور المؤيد للمنتصر، والابتهاج بما حصل للآخر من الأذي، وهو عمل محرم مرفوض كليا وجزئيا في حكم الإسلام لقوله تعالي {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] وقوله صلي الله عليه وسلم (لاضرر ولا ضرار).
على ذلك فقد نص فقهاء الشريعة على أن من أباح دمه لآخر فقال له: أقتلني – أنه لا يجوز له قتله، ولو فعل كان مسئولا ومستحقا للعقاب.
وبناء على ذلك يقرر المجمع أن هذه الملاكمة لا يجوز أن تسمي رياضة بدنية، ولا تجوز ممارستها، لأن مفهوم الرياضة يقوم على أساس التمرين دون لإيذاء أو ضرر، ويجب أن تحذف من برامج الرياضة المحلية، ومن المشاركات فيها يف المباريات العالمية، كما يقررالمجلس عدم جواز عرضها في البرامج التلفازية، كيلا تتعلم الناشئة هذا العمل السيئ وتحاول تقليده.
ثانيا: المصارعة الحرة:
وأما المصارعة الحرة التي يستبيح فيها كل من المتصارعين إيذاء الأخر والإضرار به، فإن المجلس يرى فيها عملا مشابها تمام المشابهة للملاكمة المذكورة وإن اختلفت الصورة، لأن جميع المحاذير الشرعية التي أشير إليها في الملاكمة موجودة في المصرعة الحرة التي تجري علي طريقة المبارزة وتأخذ حكمها في التحريم. أما الأنواع الأخري من المصارعة التي تمارس لمحض الرياضة البدنية ولا يستباح فيها الايذاء فإنها جائزة شرعا ولا يرى المجلس مانعا منها.
ثالثا: مصارعة الثيران:
وأما مصارعة الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم، والتي تؤدي إلى قتل الثور ببراعة استخدام الانسان المدرب للسلاح فهي أيضا محرمة شرعا في حكم الإسلام، لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيبا بما يغرس في جسمه من سهام، وكثيرا ماتؤدي هذه المصارعة إلى أن يقتل الثور مصارعه، وهذه المصارعة عمل وحشي يأباه الشرع الإسلامي الذي يقول رسوله المصطفي صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض).
فإذا كان هذا الحبس للهرة يوجب دخول النار يوم القيامة فكيف بحال من يعذب الثور بالسلاح حتي الموت؟
رابعا: التحريش بين الحيوانات:
ويقرر المجمع أيضا تحريم ما يقع في بعض البلاد من التحريش بين الحيوانات كالجمال والكباش، والديكة، وغيرها، حتي يقتل أو يؤذي بعضها بعضا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.
وقد حضر مناقشة هذا الموضوع سعادة الدكتور محمد عبد الله عبد الواجد من الكويت.
المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)