الزكاةالعبادةالفتاوىالمجمع الفقهيالمعاملاتفتاوى المجامع

الاستفسارات حول التبرعات المالية والعينية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:

 فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم السبت 24 صفر 1408هـ الموافق 17أكتوبر 1987م إلي يوم الأربعا ء 28صفر 1408 هـ الموافق 21 أكتوبر 1987م قد نظر في الأسئلة الأربعة المقدمة من معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الدكتور عبد الله عمر نصيف، إلي سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية، والإفتاء والدعوة والإرشاد، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، التي خلاصتها والإجابة عنها ما يأتي:

أولا:
هل يمكن للرابطة أن تصرف من التبرعات التي يخصصها أصحابها لجهة معينة على
أجور العاملين في جمع وتنظيم هذه التبرعات، وتسليمها لأصحابها، وذلك مامن شأنه أن يساعد على توصيل هذه التبرعات للمستفيدين.. الخ؟

والجواب:

 يقرر المجمع الفقهي:
بأنه يجوز للرابطة أن تدفع من هذه التبرعات، النفقات التي تلزم، لإ يصال هذه التبرعات إلى من خصصت لهم، والجهات المعنية لصرفها فيها، سواء من ذلك رواتب الموظفين، أو أجور العمال، أو نفقات الشحن، أو تذاكر المسافرين لمصلحتها، أو غير ذلك، مما لا يمكن بدونه وصول هذه التبرعات إلى أصحابها المخصصة لهم، وهذا النفقات وإن كانت من أموال دفعت زكاة، فهؤلاء يعتبرون من جباتها وعمالها، وإن كانت من صدقات مطلقة، وهبات، فمقيسة عليها من باب أولي ولكن يجب أن يلاحظ في هذه النفقات أمران:

الأول: أن تكون بقدر العمل الذي يقوم به الموظف أو العامل، وبقدر النفقات الضرورية لصالح أعمال هذه التبرعات.

الثاني: أن تكون هذه الأجور والنفقات، مؤقتة، من أموال التبرعات، فلا يرصد منها لعمل غيره، ولايستمر الموظف، أو العامل يتقاضي رواتبه ومكافآته منها بعد انتهاء أعماله. والله الموفق.

ثانيا:
هل يمكن للرابطة أن تصرف من التبرعات، التي خصصها أصحابها لجة معينة ـ سواء كانت زكاة أو غيرها ـ على بعض الحالات الطارئة، التي تحل بالمسلمين: كالكوارث في وقت يكون المنكوبون فيه أشد حاجة من أولئك المتبرع لهم؟

الجواب:

 الأصل: عدم جواز صرف ما عين لجهة من الجهات، او فرد من الأفراد، وأن لايعدل به إلى غيره، لما في ذلك من مخالفة لنص التبرع، والمنفق، ومقصده، ولما فيه من الظلم اللمقصود بالهبة أو الصدقة، فيجب صرفه فيما عينه المنفق، مرعاة وتنفيذا لأمره، وإيصالا للحق إلي صاحبه.

 وهذا شبيه بما نص عليه العلماء ـ رحمهم الله ـ في باب الوقف، وباب الوصايا، التي توقف أو يوصي به لجهة معينة.

 ولكن يستثني من ذلك: ما إذا حدث في بعض المسلمين ضرورة قصوي، لا يمكن تلافيها، بدون ذلك فحينئذ لا مانع شرعا من جواز صرف ذلك، فقد أباح الله تعالي للمضطر أكل لحم الميتة، كما أباح الانتفا بمال الغير بغير إذنه ولكن يعتبر هذا التصرف بحال الضرورة، والتي تحدد الضرورة هنا هي رابطة العالم الإسلامي والله الموفق.

 ثالثا:
التبرعات التي تقدم إلي الرابطة لرعاية أيتام المسلمين في العالم، ولا يوجد من يتبرع بالقيام بها، وليس بالرابطة بند لللإنفاق علي مصالحها، فقه يمكن ان تقوم الرابطة بتوظيف أشخاص من هذه التبرعات، لرعاية برنامج هذه التبرعات، إداريا، ومتابعة وصول هذه التبرعات إلى الملاجئ المتناثرة في أنحاء العالم؟

 الجواب:

لا مانع شرعا من أن تنفق الرابطة ـ عل يجمع هذه التبرعات، وترتيبها، والقيام بأعمالها الإدارية من هذه الأموال المتبرع بها، لصالح أيتام المسلمين، في العالم ـ لأن هذا من خدمة هذا العمل الجليل، ومصلحته، وهو وسيلة إلي بقائه، واستمراره، وإيصال النفع إلى هؤلاء المستضعفين، ولكن يجب أن يلاحظ أن تكون الرواتب أو المكافآت بقدر حاجة العمل الذي يقوم به الموظف، أو العامل، وأن لا يوجد بالرابطة موظفون يقومون بهذا العمل، كما،أنه لا يوجد من يبترع بالقيام به، ويجب أن تكون النفقات ـ التي يترتب عليها إيصال هذه التبرعات على الأعمال التي في صالحهم، فقد قال تعالي (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) وغيرها من الآيات.

 وأما جواز الإنفاق على مصالحهم، من التبرعات المخصصة لهم، فقد يشمله قوله تعالي {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]

رابعا:
يرد إلي الرابطة تبرعات عينية، لا يصلح أن تعطي لأي جهة من الجهات، إما لعدم فائدتها، وإما لأنها عرضة للعطب السريع، أولعدم انتفاعهم بها. فهل يمكن للرابطة بيع هذه الأشياء واستبدالها بأشياء أخرى تنفعهم؟

الجواب:

 لا يرى المجمع مانعا من بيع هذه العروض: من مأكولات أو مشروبات أو عروض غيرها، ما دام أنها لا تتحمل البقاء، أو أنها غير صالحة لمن يتبرع لهم، وأن يستبدل بها غيرها، مادام ذلك يحقق المصلحة للمتبرعين لهم والفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ خيروا الملتقط أن يتصرف باللقطة، التي يخشي فسادها، أو الدابة الملتقطة التي تحتاج إلي النفقة، أن يعمل الملتقط ما فيه الأصلح لصاحبها: من إنفاقها على نفسه واحتساب فيمتها لصاحبها، أو بيعها، أو إبقائها وهذا التخيير لا يرجع إلى رغبة المتولي لهذه الأمور ومشيئته، وإنما يرجع إلى مراعاة المصلحة، لصاحب الشيء والله أعلم.

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.

 

المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى