الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فنظرا للأهمية الواضحة في ضرورة إعداد النشء الصالح، وجيل المستقبل، لتحمل أعباء الحياة، ومسئولياتها المتعددة، ولما للأولياء والأوصياء، من دور حيوي في هذا الإعداد، وبناء شخصية الولد، وصونه عن عوامل الضياع والخطاء، ولما نشاهده في الكثير من المجتمعات من تدهور الأخلاق، وحملة الأعداء علي إفساد المسلمين في عقائدهم، واخلاقهم، وإضعاف قوتهم.
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الرابعة عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، والتي بدأت يوم السبت 20 من شعبان 1415هـ 21/1/1995م،
نظر في موضوع مسئولية الأولياء والأوصياء، عمن تحت ولايتهم ورعايتهم، وعن تصرفات من تحت ولايتهم ورعايتهم، واتخذ القرار التالي:
تنقسم هذه المسئولية قسمين:
القسم الأول:
مسئولية الولي أو الوصي نحو القُصّر، فيما يتعلق بتربيتهم وتوجيههم. وهذا لجانب الديني مهم جداً فيجب على الأولياء والأوصياء، أن يولوه العناية الكاملة، عملا بما ألزمههم به الله ورسوله، من واجبات، نحو إعداد التابعين لهم في دينهم وخلقهم، وسلوكهم، ورقابة تصرفاتهم، علي المنهج الإسلامي الصحيح، وحمايتهم من التيارات الفكرية المعادية، ليكونوا ناشئة صالحة وقدوة حسنة، وجيلا مؤمنا حق الإيمان. وهذا الواجب الإسلامي العام، إنما هو تنفيذ لواجب أمانة التكليف الإلهي، الملقي على عاتق الولي والوصي، وواجب الراعي المؤمن في قيادة رعيته، من أجل تحقيق واقع الاستقامة والصلاح، والاعتصام بالقرآن والسنة، واجتناب الفواحش والمنكرات، وكل وسائل الانحراف.
وهذ الواجب هو المعبر عنه فقها بالولاية بنوعيها:
أ ـ الولاية على النفس: من تعليم، وتأديب، وتطبيب، وتزويج، وتعلم حرفة، أو صنعة، ونحو ذلك.
ب ـ والولاية على المال: بالحفاظ على أموال القصر والأيتام ن وتنميتها بالطرق المشروعة، والحرص على تثميرها بنفسه، أو بأيد أمينة، ويظل الولي مطالبا بالإنفاق المعروف على القاصر من ماله، حتي يؤنس منه الرشد، فإن لم يكن له مال، فعلى من تلزمه نفقته، ولا يسمل له ماله، حتي يبلغ ويثبت رشده، عملا بقول الله تعلي {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] ويحذر الأولياء والأوصياء، من تمكين دعة السوء، من الفئات المبتدعة الضالة، المنتسبة للإسلام وغيرهم، من تربية من تحت ولايتهم .
القسم الثاني:
وهو المسئول عن أفاعال القاصرين ونحوهم، وما ينشأ عنها من أضرار للآخرين ضررا ماليا واقعا فعلا، يمس المال أو النفس أو الأعضاء، بسبب فعل الذين تحت الولاية أو الوصاية.
وأساس هذه المسئولية هو الخطاء الفعلي.
ولا يسأل الأولياء والأوصياء شرعا، عن الأضرار الواقعة من الصغار والمجانين ونحوهم، إلا في حال التقصير في الحفظ، أو بسبب الإغراء، أو التسليط علي مال الآخرين، أو الأمر لمن كان دون البلوغ.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.
المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)