الطب المعاصرالفتاوىالمجمع الفقهيفتاوى المجامع

البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

 

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في  دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21ـ26/10/1422هـ الذي يوافقه :5ـ10 /1/2002م وبعد النظر إلي التعريف الذي سبق للمجمع اعتماده في دورته الخامسة عشر، ونصه: “البصمة الوراثية هي البينة الجينية (نسبة إلي الجينات، أي المورثات)، التي تدل على هوية كل إنسان بعينه. وأفادت البحوث والدراسات العلمية من الناحية العلمية وسيلة تمتاز بالدقة، لتسهيل مهمة الطب الشرعي، ويمكن أخذها من أي خلية (بشرية) من الدم، أو اللعاب، وأو المني، أو البول، أو غيره.”

 وبعد الاطلاع على ما اشتمل عليه تقرير اللجنة التي كلفها المجمع في الدورة الخامسة عشرة بإعداده من خلال إجراء دراسة ميدانية مستفيضة للبصمة الوراثية، والاطلا على البحوث التي قدمت في الموضوع من الفقهاء، والأطباء، والخبرات، والاستماع إلي المناقشات التي دارت حوله، تبين من ذلك كله أن نتائح البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية في إثبات نسبة الأولاد إلي الوالدين، أو نفيهم عنها، وفي إسناد العينة (من الدم أو المني أو اللعاب) التي توجد في مسرح الحادث إلي صاحبها، فهي أقوي بكثير من القيافة العادية (التي هي إثبات النسب بوجود الشبه الجسماني بين الأصل والفروع)، وأن الخطاء في البصمة الوارثية ليس واردا من حيث هي، وإنما لخطاء في الجهد البشري أو عوامل التلوث ونحو ذلك وبناء على ما سبق قرر ما يلي:

أولا:

 لا مانع شرعا من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي، واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص، لخبر (ادرؤوا الحدود بالشبهات)، وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلي نيل المجرم عقابة وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة.

ثاينا:
إن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لا بد أن يحاط بمنتهي الحذر والحيطة والسرية، ولذلك لا بد أن تقدم النصوص والقواعد الشرعية على البصمة الوراثية.

ثالثا:
لا يجوز شرعا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان.

رابعا:
لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعا، ويجب على الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة، لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصونا لأنسابهم.

خامسا:
يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية :

1ـ حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء، سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الآدلة أو تساويها، أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.

ب ـ حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات، ومراكز رعاية الأطفال ونحوها وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.

ج ـ حالات ضياع الأطفال واختلاطهم، بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها، أو بقصد التحقق من هويات أسري الحروب والمفقودين.

سادسا:

لا يجوز بيع الجينوم البشري لجنس، أو لشعب، أو لفرد، لأي غرض، كما لا تجوز هبتها لأي جهة، لما يترتب على بيعها أو هبتها من مفاسد.

سابعا:
يوصي المجمع بما يأتي:

أـ أن تمنع الدولة إجراء الفحص الخاص بالبصمة الوراثية إلا بطلب من القضاء، وأن يكون في مختبرات للجها ت الختصة، وأن  تمنع القطاع  الخاص الهادف للربح من مزاولة هذا الفحص لما يترتب على ذلك من المخاطر الكبري.

ب ـ تكوين لجنة خاصة بالبصمة الوراثية في كل ذولة، يشترك فيها المختصون الشرعيون، والأطباء، والإداريون، وتكون مهمتها الإشراف لعي نتائج البصمة الوراثية، واعتماد نتائجها.

ج ـ أن توضع آليه دقيقة لمنع الانتحال والغش، ومنع التلوث وكل ما يتعلق بالجهد البشري في حقل  مختبرات البصمة الوراثية، حتي تكون النتائح مطابقة للواقع، وأن يتم التأكد من دقة المختبرات، وأن يكون عدد المورثات (الجينات المستعملة للفحص) بالقدر الذي يراه المختصون ضروريا دفعا للشك.

 والله ولي التوفيق، وصلى لله على نبينا محمد.

 

المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى