الفتاوىالمعاملاتفتاوى المجامعمجمع فقهاء أمريكا الشمالية

تمويل البيوت

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد اجتمعت لجنة الفتوى بالمجمع في مدينة هيوستن من يوم الإثنين إلى يوم الأربعاء : 20 إلى 22 من ذي القعدة 1435 ه الموافق 15 إلى 17 سبتمبر 2014 م لإصدار قرار بخصوص الشركات الإسلامية لتمويل شراء البيوت بأمريكا وذلك بعد أن انعقدت دورة كاملة لمناقشة البحوث المقدمة بهذا الصدد في حضور ممثلين لمعظم هذه الشركات ، ثم ما أعقب ذلك من تواصل مع بعض هذه الشركات ولجانها الشرعية، لتلقي إجاباتهم عن الإشكالات الشرعية الموجودة في عقودهم، وشارك في الاجتماع فضيلة الشيخ جمال زارابوزو حفظه الله.
وبعد الاطلاع عليها اتخذت لجنة الفتوى بأغلبية أعضائها قرارها التالي:

أولا: تأصيل شرعي لحال الشركات التي تعمل في مجال التمويل الإسلامي لشراء البيوت

الشركات الإسلامية لتمويل شراء البيوت بأمريكا تنقسم إلى ثلاث فئات:

الفئة الأولى:
شركات عقودها في الجملة متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ومما ساعد على ذلك أنها شركات لا تحتاج إلى بيع عقودها إلى مؤسسات الاستثمار الفيدرالية الربوية، الأمر الذي أعطاها الحرية في صياغة عقودها بكيفية موافقة للشريعة، من غير تعرض لضغوط من شركات التمويل الربوية، إلا أنه يلاحظ على هذه الشركات أن إمكاناتها محدودة، ولا تستطيع توفير بيوت للبيع إلا عددا لا يجاوز العشرات، ونطاق عملها محدود بولاية معينة، فلا تسد حاجة ملايين المسلمين المقيمين بأمريكا.
وفتوى اللجنة بخصوص هذه الفئة من الشركات هو جواز التعامل معها، والشراء عن طريقها.

الفئة الثانية:
شركات عقودها في الجملة قد تجنبت الوقوع في الربا الصريح، فلا تتعامل بالإقراض الربوي، وإنما تتعامل بعقود مباحة في الشريعة من حيث الجملة، كبيع المرابحة للآمر بالشراء، والمشاركة المتناقصة، والإجارة المنتهية بالتمليك، وقد لمسنا من كثير من القائمين على هذه الشركات حرصا على تجنب المعاملات المحرمة، وبذلا لجهد كبير مع مستشاريهم القانونيين لإيجاد مخارج قانونية تجنبهم الوقوع في مبطلات العقود، إلا أن عقودها قد اشتملت على بعض المعاملات المحرمة كالشروط الفاسدة، والعقود المشتملة على الغبن والغرر والجهالة ونحوه، واحتاجت إلى تتبع رخص الفقهاء، والتلفيق بين المذاهب، لإيجاد مخارج شرعية، نظرا لكونها شركات تحتاج إلى بيع عقودها إلى مؤسسات الاستثمار الفيدرالية الربوية مثل فريدي ماك ، من أجل أن تتمكن من بيع ما يكفي لسد حاجة ملايين المسلمين المقيمين بأمريكا، وشركات الاستثمار الفيدرالية الربوية تضع عليهم قيودا تمنعهم من تنقية عقودهم من أكثر هذه المخالفات، وهذه المخالفات تتفاوت من شركة إلى أخرى.

وفتوى اللجنة بخصوص هذه الفئة من الشركات هو الترخص في الشراء عند الحاجة أو الحاجة الماسّة، تبعاً لتفاوت درجة المخالفة، على أن تقدر الحاجة بقدرها.

ونحثّ هذه الشركات على مواصلة سعيها لتطوير عقودها لتلافي أوجه القصور التي نبهت عليها اللجنة، ومن توفر له بديل فاستغنى به فقد آثر السلامة، واستبرأ لدينه وعرضه!

الفئة الثالثة:
شركات لا تزال تتعامل بالإقراض الربوي، وعقودها لا تعدو أن تكون استنساخا لعقود التمويل الربوية التقليدية، أو حيلاً غير مشروعة، وفتوى اللجنة بخصوص هذه الفئة من الشركات هو أنه لا يجوز الشراء عن طريقها، وننصح القائمين عليها بتصحيح عقودهم.

ثانيا: يؤكد المجمع أن فتواه في هذا الصدد تتجه إلى المتعاملين مع هذه الشركات من الراغبين في تملك عقارات من خلال تمويلها وعقودها، ما دامت العقود على ما هي عليه عند إصدار هذا البيان، ومادام تطبيق الشركات للصّفقات على ما هو عليه ، فأي تغيير في العقود أو في طريقة تنفيذها قد يؤدّي إلى اختلاف الفتوى.
أما الشركات نفسها فيحتاج الإفتاء لكثير منها إلى مزيد من الاستقصاء حول علاقتها بشركات الاستثمار الفيدرالية، الأمر الذي لم يتسنّ للمجمع الاستفصال بشأنه، والوقوف على تفاصيله.

ثالثاً: الحاجة هي ما يطلبهالأفراد أو المجتمع للتوسعة ورفع الضيق، فإذا فاتت دخل على آحاد المكلفين أو المجتمع حرج ومشقة خارجة عن المشقة المعتادة في التكاليف الشرعية. وقد يختلف نظر الناس في تقديرها، ولكن لجنة الفتوى بالمجمع ترى أن تملك البيوت للسكن يعد حاجة عامة للمسلمين المقيمين بأمريكا. أما تقدير الحاجة الخاصة لآحادهم فيرجع إلى وجود البديل الإيجاري المناسب من غير ضرر.

رابعاً: تطبيق هذا التأصيل على واقع شركات التمويل الإسلامي العاملة في الساحة الأمريكية

Guidance Residential

وهي تعتمد أسلوب المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك في علاقتها بعملائها، وعقودها صحيحة في الجملة، ولكن يكتنفها بعض المخالفات الشرعية التي تتعلق بالصيانة والضرائب والتأمين حيث لا توزع بصورة عادلة على أساس حصص الشركاء.

وفتوى اللجنة بشأنها جواز التعامل معها للحاجة، وتوجيه النصح للقائمين عليها بمراجعة هذه الشروط الفاسدة.

Ameen Housing

هذه الشركة تعتمد أسلوب الإجارة المتناقصة المنتهية بالتمليك في علاقتها بعملائها، ولا تبيع عقودها لشركات الاستثمار الفيدرالية، وقد تجنبت الربا الصريح في معاملاتها، إلا أن عقودها لا تزال تكتنفها بعض الملاحظات الشرعية، كالغبن الذي يتمثل في تحديدها نسبة مئوية من الأجرة مقابل تكاليف الصيانة الأساسية، التي قد تزيد عن ذلك وقد تنقص، ومثل ما استحدثته مؤخرا من إلزامها المستأجر بغرامة تأخيرية عند التأخر عن الوفاء بالتزاماته المالية.

وفتوى اللجنة أنه لا حرج في التعامل مع هذه الشركة عند الحاجة، مع الحرص على الوفاء بالالتزامات في مواقيتها حتى لا يقع تحت طائلة شرط الغرامة التأخيرية، ومع توصية الشركة بتلافي هذه الملاحظات التي أشارت إليها اللجنة.

فتوى معدلة لعقد Ameen Housing

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.

فقد كانت لجنة الإفتاء بمجمع فقهاء الشريعة قد أصدرت بيانا توضح فيه مآخذها الشرعية على عقود الشركات الإسلامية لتمويل شراء البيوت بالولايات المتحدة وكان مما ذكر فيه أنه بناء على العقود التي كانت تتعامل بها الشركات وقت صدور البيان فإن شركة أمين هاوسنغ يؤخذ عليها أمران هما تكليف المستأجر بدفع غرامة عند تأخره عن سداد الدفعات الإيجارية في موعدها وتكليف المستأجر كذلك بدفع نسبة مئوية ثابتة من الدفعات الإيجارية للصيانة بغض النظر عن القيمة الفعلية لتكاليف الصيانة.

ثم إنه بعد صدور بيان المجمع فإن شركة أمين هاوسنغ مأجو رة مشكورة استجابت لهذا البيان فألغت غرامة التأخير وأوضحت للجنة أن تكاليف الصيانة تقسّم بطريقةٍ عادلة.

وبناء على ذلك فإن لجنة الفتوى تفتي الآن بأن شركة الأمين عقودها المعمول بها حاليا موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية وليس لنا عليها مأخذ شرعي ويجوز للمسلمين ش راء البيوت عن طريقه.

Devon Bank

وهو يتعامل بنوعين من العقود الإسلامية:

العقد الأول: المرابحة، ويكتنف هذا العقد شبهات حول التملك الحقيقي من قبل البنك للعقار قبل إعادة بيعه، بالإضافة إلى تضمنه بعض الشروط الفاسدة أو التي فيها غبنٌ فاحشٌ، منها:
الاستئثار بتعويضات التأمين مع إلزام العميل بدفع أقساطه، وحقّ البنك بتجميد حساب العميل لمجرّد الشك بعدم قدرته على السّداد، وحقّه في إعلان إخفاق العميل إذا لم يستخدم العقار لغايات السّكنى، أو عند موته، مع أنّ من حقّ ورثته أن يتولّوا العقد بعد ميّتهم، بل ذكر عقد المرابحه نفسه أن الورثة ملزمون بما في العقد !

وفتوى اللجنة أنه لا حرج في التعامل مع هذه الشركة بهذه الصيغة عند الحاجة الماسّة، ومن تورع فقد آثر السلامة، واستبرأ لدينه وعرضه!

ويوصي المجمع البنك بالعمل على تصحيح هذه الصورة، وذلك بالتأكيد على ملكية البنك للعقار قبل بيعه، وتجنب الشروط الفاسدة ما استطاع.

العقد الثاني: الإجارة المنتهية بالتمليك، وتكتنفه مخالفات شرعية وشروط فاسدة، ومن ذلك: ورود عقدين مختلفين (البيع والإجارة) في وقت واحد، على عين واحدة، في زمن واحد، وهي الصورة التي صدرت قرارات المجامع الفقهية بمنعها، لتعارض آثار العقدين، ويمكن تصحيحها بالفصل بين العقدين بحيث يستقل كل منهما عن الآخر زماناً، فيكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة التي ينبغي أن تكون فعلية وليست ساترة للبيع، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة.

ومن الشروط الفاسدة حق طرد العميل من العقار عند إخفاقه مع تغريمة الأجرة حتى يجد البنك عميلاً آخر، وعدم التزام البنك بتكاليف الصيانة الأساسية، وإلزامه العميل بدفع قسط التأمين مع احتفاظ البنك بحق أخذ تعويضات التأمين لنفسه، فعلى العميل الغرم وللبنك الغنم!

وفتوى اللجنة أنه لا حرج في التعامل مع هذه الشركة بهذه الصيغة عند الحاجة الماسّة ، ومن تورع فقد آثر السلامة، واستبرأ لدينه وعرضه، ويؤكد المجمع توصية البنك بالعمل على تصحيح هذه الصورة بالفصل بين العقدين، وتجنب الشروط الفاسدة ما استطاع

Islamic University Financial

ويرد على عقدي هذه الشركة مرابحة و إجارة ما سبق إيراده على عقدي المرابحة والإجارة المنتهية بالتمليك لدى ديفون بنك، فيمتهد لهما نفس الحكم، ونفس النصيحة! فيترخص في التعامل معها عند الحاجة الماسة، ومن تورع فقد استبرأ لدينه وعرضه!

Ijara Loan

وهذه الشركة تبدأ بتوجيه العميل إلى قرض ربوي بين، ثم تنشىء شركة اعتبارية يكون العميل جزءا منها، لتقترض من البنك وتتملك العقار، ثم تعيد بيعه إلى المشتري بعقد إجارة منتهية بالتمليك، فالمشتري تفرد بالقرض الربوي في البداية، ثم شارك فيه في النهاية!

وفتوى اللجنة أنه لا يجوز التعامل بعقود هذه الشركة لما تتضمنه من الربا الجلي الصريح! وننصح للقائمين عليها بمراجعة هذه الصيغة وتصحيحها، وفاء بالأمانة التي أناطها بهم عملاؤهم ممن يريدون التحرر من الربا في معاملاتهم المالية.

Lariba

وعقد هذه الشركة لا يختلف عن العقود الربوية التقليدية التي تبرمها البنوك الربوية، وهذا هو العقد الحاكم لهذه المعاملة وللعلاقة بين أطرافها، وما يقدم من صورة تعاقد إسلامية هي صورة افتراضية لا وجود لها في الواقع العملي، ولا يحتكم إليها عند التنازع.

وفتوى اللجنة أنه لا يجوز التعامل بعقود هذه الشركة لما تتضمنه من الربا الجلي الصريح! وننصح للقائمين عليها بمراجعة هذه الصيغة وتصحيحها، وفاء بالأمانة التي أناطها بهم عملاؤهم ممن يريدون التحرر من الربا في معاملاتهم المالية.

هذا، وتودّ اللجنة أن تؤكّد على أن الفتاوى المنشورة على موقع المجمع من قبل حول حكم التعامل مع شركةٍ بعينها إنّما هي لآحاد

المفتين ولا تمثّل رأي اللجنة بالضّرورة، كما أنها سابقةٌ تاريخاً لهذه الفتوى ، فقد يكون بعض المفتين قد عدل عن رأيه القديم إلى رأي اللجنة. كما تحثّ لجنة الفتوى رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال من المسلمين على الاستعجال بإيجاد البديل الإسلامي المنافس، ولعلّ الاتحادات الائتمانية Credit Unions من بينها، فهي تجارة رابحةٌ في الدنيا، ونرجو أن تكون كذلك في الآخرة أن صلحت النّيّات.

وفّق الله الجميع لطاعته، وصلى الله على خير خلقه محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى