فقهيةقضايا معاصرة

المظاهرات نصرة لغزة بين المشروع والممنوع

د.مسعود صبري

وصف بعض العلماء التظاهرات التي انطلقت في العديد من الدول العربية والإسلامية لنصرة الفلسطينيين في قطاع غزة في ما عرف ‘بيوم الغضب’، بأنها ‘أعمال غوغائية وضوضاء لا خير منها’، وأنها من الإفساد في الأرض.

  • أدلة التحريم:

وقد استند القائلون بتحريم المظاهرات المؤيدة لغزة بأنها غوغائية ولا خير فيها، حسب وصف الشيخين، وهذا استناد إنشائي لا يقوم على دليل معتبر من الكتاب والسنة، وهو مطعون فيه، لأن غالب المظاهرات التي تخرج لمناصرة غزة هي أكثر تنظيما وسلميا وليس فيها غوغائية، وهذا دليل على عدم حسن تصور المسألة مما أوقع في خطأ التكييف الفقهي.

أما الاستناد بوصف المظاهرات من أنها من باب الإفساد في الأرض هو خطأ محض، فتعبير المسلم عن نصرة قضايا الحق لم تكن يوما من الأيام إفسادا في الأرض، بل الإفساد في الأرض هو حصار الشعب المسلم من الحكومات التي من الواجب وظيفتها حماية الإسلام والمسلمين، والإفساد في الأرض هو تثبيط الناس عن قول الحق، والاعتداء على الأبرياء بالقتل والقصف وحصارهم وهي جرائم لم يتحدث عنها الشيخان.

  • أدلة المشروعية:

أما الأدلة على مشروعية تلك المظاهرات ما يلي:

أولا- أنها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

وهو من أكبر أبواب الإيمان التي جاء الشرع بالحث عليها في الكتاب والسنة، ومن الكتاب قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71].

وقوله تعالى:  {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]

وقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]

وهي من قبيل قوله تعالى في وصف المؤمنين: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 114].

وهي من وصايا لقمان لابنه حين قال له فيما يقص القرآن من شأنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17]

ومن السنة النبوية ما يلي:

عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قَالَ: سَمِعت رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ (1) الإيمَانِ». رواه مسلم.

وعن ابن مسعود – رضي الله عنه: أن رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «مَا مِنْ نَبيٍّ بَعَثَهُ اللهُ [ص:83] في أمَّة قَبْلِي إلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأصْحَابٌ يَأخُذُونَ بِسنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلبِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلسَانِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلَيسَ وَرَاءَ ذلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَل». رواه مسلم.

وعن أبي الوليدِ عبادة بن الصامِت – رضي الله عنه – قَالَ: بَايَعْنَا رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم – عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ في العُسْرِ واليُسْرِ، والمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ إلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِيهِ بُرْهَانٌ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بالحَقِّ أيْنَمَا كُنَّا، لاَ نَخَافُ في اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وعن حذيفة – رضي الله عنه – عن النَّبيّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ
ثُمَّ تَدْعُوْنَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ». رواه الترمذي

وعن أَبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النَّبيّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «أفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائرٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: “حديث حسن”

وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ الله ودَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الغَدِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، فَلا يَمْنَعُهُ ذلِكَ أَنْ يَكُونَ أكِيلَهُ وَشَريبَهُ وَقَعيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ ضَرَبَ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ» ثُمَّ قَالَ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} – إِلَى قوله – {فاسِقُونَ} [المائدة: 78 – 81] ثُمَّ قَالَ: «كَلاَّ، وَاللهِ لَتَأمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، وَلَتَأخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، وَلَتَأطِرُنَّهُ عَلَى الحَقِّ أطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّه عَلَى الحَقِّ قَصْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ ليَلْعَننكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ». رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن».

والمظاهرات من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في رتبته الوسطى، وهي الإنكار باللسان، مع وجود الإنكار بالقلب.

والأوجب هو الإنكار باليد، والمقصود به الخروج للجهاد في سبيل الله تعالى لطرد اليهود من أرض فلسطين المحتلة، وهو واجب على الأمة كلها، وأولها الحكومات بما تملك من جيش وأسلحة وعتاد.

ثانيا- حصول شبيه المظاهرات في عصر النبوة:

فمثل هذه الوسائل قد وقع شبيهها في السيرة فقد جاء في السيرة أن الصحابة في مكة لما أسلم عمر خرجوا صفين على رأس أحدهما حمزة وعلى الثاني عمر حتى دخلوا البيت كتظاهر وتعاون بينهم على إرهاب قريش وردعها عن التعرض للمؤمنين المستضعفين في مكة وقد أورد هذه القصة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في (مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم 1/91) في قصة إسلام عمر وذهابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في دار ابن الأرقم( فقال: ما أنت بمنتهٍ يا عمر؟ فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّك رسول الله، فكبّر أهل الدّار تكبيرةً سمعها أهل المسجد. فقلت: يا رسول الله، ألسنا على الحقّ، إن متنا أو حيينا؟ قال: بلى. فقلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحقّ لنخرجنّ، فخرجنا في صفّين. حمزة في صفٍّ، وأنا في صفٍّ ـ له كديد ككديد الطّحن ـ حتى دخلنا المسجد. فلما نظرت إلينا قريش أصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط. فسمّاني رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: الفاروق.وقال صهيب: لما أسلم عمر ـ رضي الله عنه ـ جلسنا حول البيت حِلقاً، فطفنا واستنصفنا مِمَن غلظ علينا)انتهى من مختصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب

ثالثا- قاعدة: الأصل في العادات الإباحة:

فالمظاهرات ليست عبادة فيكون الأصل فيها التحريم والتوقف، بل الأصل في العادات أن تكون مشروعة ومباحة، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله ، إما عن طريق النص الصريح، أو يدخل في عموم اللفظ، أو عن طريق القياس الصحيح، وإلا فإن سائر العادات لا يحكم عليها بالمنع والحرمة.

ذلك أن المقصود من العادات هو جلب المصالح في الدنيا، على وفق إرادة الشرع مع  إدراك الحكمة والمقصد، أما العبادات فالمقصود منها مطلق التقرب إلى الله تعالى بما قد تخفى حكمته وتجهل حكمته، فمعرفة الحكمة والمقصد في العبادات سواء.

والمظاهرات من العادات وليس من العبادات، فيكون الأصل فيها أنها مشروعة، فلا يقال إنها محرمة إلا بدليل يبين حرمتها.

رابعا- قاعدة: للوسائل حكم المقاصد:

فأحكام الشريعة نوعان، النوع الأول: أحكام هي مقاصد، فهي مقصودة لذاتها، والنوع الثاني: أحكام وسائل، فهي تأخذ حكم مقصدها، فالوسيلة إلى الحرام حرام، وإلى الواجب واجبة،وإلى المستحب مستحبة، وإلى المكروه مكروهة، وإلى المباح مباحة.

فإذا كان مأموراً بشيء كان مأموراً بما لا يتم إلا به. فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.. وما لا يتم المسنون إلا به فهو مسنون. وإذا كان منهياً عن شيء كان منهياً عن جميع طرقه ووسائله.فالوسيلة إلى الواجب واجبة كالمشي إلى صلاة الفريضة، وأداء الحقوق ونحوهما.والوسيلة إلى المسنون مسنونة كالنافلة من الصلاة والصدقة والحج والعمرة ونحو ذلك.
وكذلك الوسائل إلى الشرك كلها محرمة، فيحرم كل قول وفعل يفضي إليه.
وكذلك الوسائل إلى سائر المعاصي كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر ونحوها كلها محرمة.
والوسيلة إلى المكروه مكروهة.. والوسيلة إلى المباح مباحة.

فالأشياء ثلاثة مقاصد: كالصلاة مثلاً.. ووسائل إليها: كالوضوء والمشي.. ومتممات لها: كرجوعه إلى محله الذي خرج منه.

فالوسائل تعطى أحكام المقاصد، وكذلك المتممات للأعمال تعطى أحكامها كالرجوع من الصلاة، والجهاد، والعمرة، والحج، وعيادة المريض، واتباع الجنازة ونحو ذلك.

والمظاهرات وسيلة، فالمقصود منها نصرة أهل غزة، ونصرتهم واجبة بنصوص الكتاب والسنة وفتاوى العلماء، فتكون المظاهرات لأجل نصرتهم من فروض الكفايات على الأمة.

خامسا- فتاوى العلماء بوجوب نصرة أهل غزة:

  • يقول الشيخ عبد الله بن جبرين – أحد علماء المملكة العربية السعودية:

صحيح أن دول العالم الكفرية تتعاون مع اليهود ضد المسلمين، لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، ولذلك تتوالى الإعانات والمساعدات لليهود من الدول الكافرة رغم ما بينها من الخلافات العقدية، ولكنهم جميعاً يُحاربون الإسلام، ويحاولون محو آثار الإسلام من كثير من البلاد الإسلامية. فعلى هذا نقول: إذا كان هناك من المسلمين في فلسطين وفي غيرها من البلاد التي استعمرها الكفار يهوداً أو نصارى وفرضوا عليهم السلطة والتصرف، فإن على المسلمين السعي في التخلص من تلك التصرفات، ومن سيطرة أعداء الله على بلاد الإسلام.

فإن كان في تلك المظاهرات تأثير على إضعاف الكفار، وإخضاعهم للحق، أو تقليلهم من الأضرار جازت هذه المظاهرات.

أما إذا كان فيها ضرر على المسلمين بحيث يتسلط الأعداء عليهم بتلك الحجة، ويقتلون من قدروا عليه فنرى أنها تضر ولا تنفع.  انتهى

  • يقول الدكتور حاكم المطيري في هذه المسألة:

لا يلتفت إلى رفض الحكومات للمظاهرات إذ تقاعس الحكومات عن القيام بواجب النصرة للشعب الفلسطيني منكر أعظم يجب على الأمة إنكاره بكل وسيلة حتى تقوم الحكومات بواجباتها المنوطة بها. والمقصود أنه إذا ثبت أن جهاد الكلمة من أفضل أنواع الجهاد وأن الأصل في وسائل جهاد العدو الإباحة والحل حتى يقوم دليل الحظر والمنع وأن الوسيلة قد تكون واجبة إذا لم يتحقق الواجب إلا بها وأن المظاهرة هي من التظاهر وهو التعاون والتناصر بين جماعة من الناس على أمر ما وأن الشارع قد أمر بالتعاون والتناصر بين المؤمنين على البر والتقوى ومن ذلك نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم وإزالة المنكر أو إنكاره باللسان وأن وقوع شيء من المحظورات في المظاهرات لا يبطل مشروعيتها ووجوبها ..الخ إذا ثبت ذلك كله فلم يبق إذن إلا معرفة مدى أثر المظاهرات اليوم في إزالة المنكر أو تخفيفه أو التنديد به وإنكاره ومثل ذلك لا يرجع في معرفة حكمه إلى الفقهاء ـ لو خفي أمره ـ بل إلى الخبراء في السياسة والإعلام والجهاد ولا خلاف بينهم على أهمية المظاهرات وشدة تأثيرها على الرأي العام وعلى العدو وأنها باتت في هذا العصر الذي صار العالم فيه كالقرية الصغيرة من أهم وسائل التأثير وأشدها ولا أدل على ذلك من دعوة المجاهدين في غزة الأمة إلى التظاهر نصرة لهم لما لذلك من أثر معنوي ونفسي وسياسي في صالح المجاهدين في فلسطين.فكيف والأمر أظهر من أن يذكر سواء مدى أثر المظاهرات في الضغط على الحكومات الإسلامية للمبادرة إلى نصرة أهل غزة وكذا مدى أثر المظاهرات على أهل غزة أنفسهم وتثبيتهم ورفع معنوياتهم وكذا شدة أثرها على استنهاض أهل النجدة والنخوة من الأفراد والجماعات للمبادرة لإغاثتهم ونصرتهم وكذا شدة أثرها في النكاية بالعدو والتنديد بجرائمه فهذه الأسباب كاف بعضها للقول بوجوبها والواقع أصدق شاهد على ضرورتها فكيف بها كلها؟ فهذا ما لا ينبغي الخلاف فيه ثم المرجع في هذا كله للكتاب والسنة وإجماع الأمة فإن اختلف الفقهاء في نازلة تخص الجهاد وأحكامه فأحق أهل العلم بالإتباع هم أهل الثغر والعلماء الربانيون المجاهدون فهم أبصر من غيرهم بالواقع وأقدر على تنزيل نصوص الشارع عليها وأعلم بتحقق المناط فيها

  • ويقول الدكتور حامد العلي أستاذ الشريعة بكلية الشريعة جامعة الكويت:

فالمظاهرات، والاعتصامات، وجميع وسائل الاحتجاج السلمية التي هدفها الضغط السياسي، لتحقيق أهداف مشروعة ، هـي مباحة، وليس مع من يحرمها دليل من الكتاب، ولا السنة، ولا الإجماع، ولا القياس، ولا منقول، ولا معقول.

ومشروعية مقصدها مستمدة من عموم النصوص الدالة على وجوب النصرة، وتلك التي توجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومشروعية الوسيلة مستمدة من الإباحة الأصلية، وقاعدة الوسائل لها حكم المقاصد، كما يشير إلى المشروعية ما في النصوص من استدعاء الحشد لهدف شرعي، كقوله تعالى (موعدكم يوم الزينة) وحديث حشد النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة ليسمعهم.

 

وهي هذه الأيام  واجبةٌ إن تحقق بها فائدة لأهلنا المحاصرين في غزة ، إذ كانت أقل الواجب المقدور عليه ، ويرجع في تقدير تحقيقها لهذه المصلحة إلى أهل المعرفة.

وينبغي أن يُعلـم أن ما يجري على أهل غزة اليوم من القتل ، والإبادة ، والتدمير ، حتى تدمير المساجـد ، ممـا يعظم الواجب على الأمة أن تسعى بكل ما تحت يدها من الوسائل ، لتخفيف الضغط عليهم ، ومن ذلك تحرّك الشعوب بوسائل الاحتجاج السلمية ،  التي تدفـع السلطات إلى اتخاذ قرار لإنقاذ النفوس المسلمة ، المرابطة على ثغـر الجهاد قبالة اليهود المغتصبين ، إنقاذهم من الهلكة المحقَّقة في غزة .

 وحينئذ لايلتفت إلى الفتاوى التي تعيق الأمة عن نصرة إخوانهـم ، وفي الأخذ بها قعود عن الواجب الشرعي ، وتفريط في الفرض الديني.

  • ويقول الدكتور الشريف حاتم بن عارف العوني – أحد علماء المملكة السعودية:

والخلاصة أن حكم المظاهرات السلمية: هو أن الأصل فيها الإباحة، ولا تكون محرمة إلاّ إذا ترتبت عليها مفسدة أعظم من مصلحتها، وقد تكون واجبة: وذلك إذا لم يُمكن إصلاحُ المفاسد إلاّ بها، دون أن يترتب عليها مفسدة أكبر. وإطلاق القول بتحريمها في كل حال، ووصفها بأنها دائمًا تؤدي لمفاسد أكبر من مصالحها شيء لا يدل عليه النقل ولا العقل ولا الواقع: فلا هناك نصٌّ خاص من نصوص الوحي (القرآن أو السنة) يدل على تحريم المظاهرات، فيلزم المسلمين التعبّدُ بالرضوخ له.

– ولا يرفضها العقل مطلقًا، لعدم جريان العادة التي لا تتخلف بكونها مُفسدةً.
– والواقع يشهد بأن من المظاهرات ما أصلح ونفع وأفاد، ومنها ما هو بخلاف ذلك. فلا يصحّ ادّعاءُ أن واقعها يدل على تحريمها. هذا هو حكم المظاهرات، كما تقرره أصول العلم وقواعده. انتهى

  • ويقول الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة المشرف العام على موقع الإسلام اليوم:

“لا نرى بأساً أن يجتمع المسلمون للإعراب عن احتجاجهم على معاناة إخوانهم في فلسطين؛ بحيث تكون مظاهرة سلمية؛ وهذا من نصرة إخوانهم، وله أثره البالغ على اليهود، وعلى من يناصرهم في كل مكان، ومن ثمراته أنه يوصل الرأي الإسلامي إلى الشعوب الغربية، التي طالما هيمن اليهود على عقولها، وأوصلوا لها رسالة مضللة عن القضية. والأصل في مثل هذه الأمور الجواز، ولا تحتاج إلى دليل خاص”.

  • ويقول الدكتور خالد عبد المنعم الرفاعي:

لا بأس في تنظيم المظاهرات؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على ما يتعرض له إخواننا في فلسطين مثلاً إذا روعيت قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: كألا تؤدي تلك المظاهرات إلى منكر أكبر، من اعتداء على الأنفس والأموال والممتلكات، أو تخريب المرافق العامة، أو أن ينضم إلى المتظاهرين الغوغاءُ والمخربون؛ فيحدث ما لا يحمد عقباه.

وألا تشتمل على محرم: من اختلاط بين الرجال والنساء، أو استخدام شعارات باطلة، أو سباب أو غيره، وفي أي من تلك الحالات: يكون حكمها المنع؛ لأن المباح إذا أفضى إلى محرم منع.

انتهى

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى