فقهيةقضايا معاصرة

خريطة الجمال في الفقه الإسلامي

د. مسعود صبري

جاء الإسلام عقيدة وشريعة موافقة لفطرة الإنسان، فاعتنى بالجمال بكل صوره، مظهرًا وجوهرًا، وقد ثبت عند الناس عناية الإسلام بجمال الباطن والنفس والخلق والروح، لكن البعض تصور أن الإسلام أغفل جمال المظهر، وأن عناية المسلم والمسلمة بجمال مظهره ربما يعده منافيا لتعاليم الإسلام الذي يركز على جمال الروح والقلب، غير أن المتتبع للفكر الإسلامي بوجه عام، والفقه الإسلامي بوجه خاص يدرك أن الإسلام اعتنى بالجمال الخارجي كما اعتنى بالجمال الداخلي، وأن المتتبع لخارطة الإسلام يجد أن الجمال حاضر في كل منطقة من مناطق تلك الخريطة، سواء ما تعلق منها بالعقيدة، أو العبادة، أو المعاملات، أو الأخلاق والسلوكيات، ليكن الإسلام بحق هو دين الجمال بكافة أنواعه.

  • مجالات الجمال:

تنوعت مجالات الجمال في الإسلام حتى أضحى الجمال صبغة الإسلام، وأحد أبرز مكوناته، فهو حاضر ظاهر في كل أقسام الإسلام وأنواعه وأحكامه.

  • الجمال في العقيدة:

إن من أهم ما يثبت مكانة الجمال في الإسلام أنه حاضر في العقيدة الإسلامية، وهي أعلى مراتب الدين، وعموده الأساس، ومن ذلك ما ورد عن النبي عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف ربه سبحانه وتعالى حين قال لأصحابه: ” إن الله جميل يحب الجمال ، ” رواه مسلم . وكيف لا يكون خالق الجمال جميلا؟! فالله سبحانه وتعالى متصف بالجمال، لأنه خالقه، بل إنه سبحانه وتعالى يحب الجمال.

  • الجمال في العبادات:

والجمال الحسي ظاهر – أيضا- في مجال العبادات بقوة، فهو لا ينفك عنها، والمسلم الحق جميل ظاهرا كما هو جميل باطنا.
ومن مواطن الجمال في العبادة:

  • الجمال في الطهارة:

فقد شرع الله تعالى الوضوء وجعله شرطا لكثير من العبادات التي لا تصح إلا به.

كما أنه شرع  الغسل وأوجبه في حالات عدة، كالجنابة، وعقب الجماع، وعقب الحيض والنفاس، بل أوجبه على المسلمين في حق الميت، فيكون آخر شأن المسلم بعد موته أن يكون جميلا عند ملاقاة ربه سبحانه وتعالى، كما استحب الإسلام الغسل عند اجتماع الوسخ على جسد المسلم، حتى يكون نظيفا طاهرا، واستحبه استحبابا مؤكدا في العبادات الجماعية كصلاة الجمعة والعيدين، وفي كثير من مواطن الحج.

 وقد شرع الله تعالى الاستنجاء؛ كي يتطهر المسلم من النجاسات التي قد تعلق به، وتغير رائحته، فينفر الناس بعضهم من بعض إن لم يستنجوا من القاذورات التي تخرج من قضاء الحاجة.

 وقد شرع الإسلام غسل اليدين في كثير من الأحوال، حتى يكون جميلا، كما هو الشأن عند تناول الطعام وبعده.

  • الجمال في سنن الفطرة:

وفي فقه الطهارة شرع الله سبحانه وتعالى سنن الفطرة؛ وهي كلها وسائل تساعد على حفظ جمال الإنسان في حياته، فشرع الختان وجعله واجبا في الرجل دون النساء، لما فيه من حفظ جمال الإنسان في عضوه الذكري، وإزالة ما قد يبقي من الأذى مما قد يعلق بالحشفة عنده، وشرع الاستحداد خشية تجمع القاذورات حول عانته، كما شرع له قص الشارع تجميلا لهيئته، وشرعه  له  إعفاء اللحية التي تعد زينة الرجل، وشرع له نتف الإبط كي لا تتجمع الأوساخ فيه، مع ما قد يصيبه من عرق، مما يجعل الناس تنفر من الإنسان بسبب رائحته، كما شرع له تقليم الأظافر؛ حفاظا على جمال يده وأظاهره، وكي لا تتجمع الأوساخ فيها مما قد يضره، وشرع له المضمضة لجمال فقه، والاستنشاق لجمال أنفه، واستحب له الانتضاح بالماء لجمال وجهه ووسامته، كما سن له استعمال السواك كي تبقى أسنانه جميلة نظيفة.

وجاء الشارع الحكيم بالأمر بنظافة الآنية التي يستعملها الإنسان في الطعام والشراب، حتى تكون نظيفة جميلة عند استعمالها؛ لأن في تركها دون نظافة إلحاق ضرر على صحته وبدنه.

  • الجمال في الصلاة:

وقد حث الشارع الحكيم المسلم أن يكون جميلا عند ملاقاة ربه سبحانه وتعالى، فجعل نظافة البدن و نظافة الثياب ونظافة المكان شروطا لصحة الصلاة، فلا تصح صلاة العبد ولا تقبل إلا أن يكون المسلم نظيف البدن والثياب والمكان عند الصلاة لربه سبحانه وتعالى.

كما أمر الله تعالى في الصلاة بستر العورة حتى يقف المسلم في أجمل هيئة أمام ربه سبحانه وتعالى، بل سماها الله تعالى زينة، فقال سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } [الأعراف: 31]. وسن النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس المسلم أنظف ثيابه وأطهرها، واستحب البياض منها، وكان يجعل للعيدين ثيابا خاصة.

وفي سبيل تحقيق جمال الصلاة، فقد كرهت بعض الأعمال التي تنافي جمال الصلاة، من ذلك: أن يتشجأ الإنسان أثناء الصلاة، ومنها: العبث في الصلاة، ومنها: أن يصلي وهو يريد قضاء حاجته، وهو ما يسميه الفقهاء بـ (الحاقن)، ومنها: كراهة حركة البصر في الصلاة، ومنها: كراهة الحركة في غير مصلحة الصلاة، بل تبطل الصلاة إن كانت الحركة كثيرة بغير مصلحة. ومنها: كراهة أن يستقبل المصلي ما يشغله عن الصلاة، ومنها: كراهة الالتفات في الصلاة ونحو ذلك.

وقد ذكر الفقهاء أمورا تبطل الصلاة إن ارتكبها المسلم، منها ما يتعلق بالحفاظ على الجمال في الصلاة، ومن ذلك:

أن الصلاة تبطل إذا أحدث الإنسان في الصلاة بخروج ريح ونحوها، كما تبطل الصلاة بانكشاف عورته بتفاصيل ذكرها الفقهاء، ومنها: وجود نجاسة في الصلاة مع تفاصيل ذكرها الفقهاء، ومنها: الأكل والشرب أثناء الصلاة، ومنها: القهقهة في الصلاة مما يتنافى مع جمال الصلاة، ومنها: النوم في الصلاة وغير ذلك من مبطلات الصلاة التي تذهب الجمال منها حسيا ومعنويا.

جمال الهيئة في الصلاة:

ومما يلاحظ أن عناية الإسلام بجمال المسلم في الصلاة فاقت الحد المتصور، فاهتم بجمال الهيئة، فجعل الصلاة في صفوف متساوية، يتقدم المسلمين إمام واحد، ثم يصلي خلفه الرجال في صفوفهم، ثم تأتي صفوف الصبيان بعدها، ثم صفوف النساء آخرا.

كما أن من جمال الهيئة في الصلاة أن فرق الشارع بين هيئة الرجل وهيئة المرأة، فجعل المرأة تضم بعضها إلى بعض بخلاف الرجل، وأنها لا تجهر بالقراءة في حضرة الرجال، وأنها تصفق إن أخطأ الإمام.

كما جعل المرأة في الصلاة كلها عورة إلا الوجه والكفين.

كما أن من جمال هيئة الصلاة أن شرع الله تعالى صلاة الجماعة في المسجد، وجعلها سنة مؤكدة في الفرد، واجبة على الكفاية في حق الجماعة، وحث المسلمين عليها، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ } [المائدة: 6] فخاطبهم بصيغة الجمع، وحث عليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقال:” صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة”. وفضل الصلاة أن تكون في المسجد على غيره من الأماكن مع صحة الصلاة في أي مكان، لقوله صلى الله عليه وسلم:” وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا”.

  • الجمال في الصيام:

وتبرز مظاهر الجمال في عبادة الصيام، بالتزام المسلمين بتوقيت واحد في الإمساك عن الطعام والشراب، وبتوقيت واحد – أيضا- في الفطور، والتفات الأسرة أو الجماعة على الطعام في هيئة جمالية رائعة، بالإفطار على تمرات ثم أداء الصلاة ثم الاجتماع على الطعام.

كما يظهر الجمال في رمضان باجتماع المسلمين على الصلاة خاصة صلاة التراويح.

بل يثبت الطب الحديث أن الصيام هو أحد وسائل رشاقة وجمال الجسد، مع ما فيه من تحقيق جمال الروح.

  • جمال الحج:

تبرز مظاهر الجمال في الحج في وحدة الهيئة عند الحجاج، ففي الحج ترى الحجاج كلهم يلبسون ثيابا واحدة هي ثياب الإحرام، كما أن مناسك الحج واحدة يؤديها المسلمون بنظام بديع يظهر جمال تلك الفريضة.

  • الجمال في الأضحية:

ويظهر الجمال في الأضحية في الشروط التي وضعها الشارع في الذبيحة التي تصح بها الأضحية، من السن المناسبة، وسلامتها من العيوب، فيضحي المسلم بالأضحية الجميلة كاملة الأوصاف؛ لأن الله تعالى جميل يحب الجمال في كل شيء.

  • الجمال في الزواج:

وقد أقر الشرع أن الجمال أحد المعايير التي تنكح المرأة لأجلها، وهو معيار موافق لفطرة الإنسان، فإن النفوس تميل إلى الوجوه الجميلة، ومن رحمة الله تعالى أنه جعل الجمال مرتبطا في المرأة، فما من امرأة إلا وفيها نسبة من الجمال، وإن اختلف من شخص لآخر، وفي الحديث المتفق عليه: ” تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”، على أن الشارع حذر أن يكون نكاح المرأة لجمالها وحده، ففي الحديث الذي أخرجه ابن ماجة: “لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن”، ولكن إن اجتمع الدين مع الجمال؛ رفع النهي الوارد.

ومراعاة لجمال المرأة فقد أذن الشارع بالنظر إلى المرأة الأجنبية إن أراد المرء أن يتقدم لخطبتها، كما ورد في الحديث: ” إذا خطب أحدكم امرأة ، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل”  وذلك لأنه من أسباب الألفة والوئام.

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خطب امرأة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أنظرت إليها ؟ قال : لا . فقال : اذهب فانظر إليها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.

بل رتب الفقهاء على اشتراط الجمال في المرأة أحكاما، فقالوا: لو شرط أحد الزوجين في صلب العقد صفة من صفات الكمال، مما لا يمنع عدمه صحة النكاح كبكارة وشباب وإسلام، أو نفي عيب لا يثبت به الخيار كألا تكون عوراء أو خرساء، أو شرط ما ليس من صفات الكمال ولا النقص كطول وبياض وسمرة ، فتخلف الشرط، صح النكاح ، وثبت للمغرور خيار الفسخ. عند الجمهور على خلاف.

وقال الحنفية: لا يثبت الخيار بخلف الشرط.

وجاء في فتح القدير: فلو شرط وصفا مرغوبا فيه كالعذرة (البكارة) والجمال، والرشاقة، وصغر السن: فظهرت ثيبا عجوزا شوهاء، ذات شق مائل، ولعاب سائل، وأنف هائل، وعقل زائل، فلا خيار له عند أبي حنيفة وأبي يوسف (الموسوعة الفقهية).

  • جمال الطعام والشراب:

وحث الشارع المسلم أن لا يأكل أو يشرب إلا من الطيب الجميل، كما قال سبحانه وتعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: 168]، وقال سبحانه: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا} [النحل: 114]، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [البقرة: 172].

وفي مقابل هذا حرم الله تعالى على الإنسان أن يأكل ما كان فيه ضرر عليه، مما ينافي الجمال في صحته، فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } [البقرة: 173]

  • الجمال في الزينة والثياب:

فقد أباح الشارع أن يلبس المسلمون الثياب الجميلة للتزين، فقال سبحانه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32]، وقد كان بعض الصحابة – رضوان الله عليهم- في أول الإسلام يرون أن حسن الهيئة ولبس جميل الثياب من الكبر، فصحح لهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأبان أن ذلك من الجمال الذي يحبه الله تعالى،  فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: يا رسول الله إن الرجل منا يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة قال عليه الصلاة والسلام: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس ” رواه مسلم.

بل إن العناية بالمظهر وإبراز نعم الله تعالى على العبد مما يحبه الله تعالى، كما ورد في الحديث: “إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه.

ومن الجمال المأذون به هو اتخاذ المركوب الجميل للزينة، ما لم يكن بقصد الخيلاء، كما قال تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8].

  • جمال الوجه:

ومن الجمال المشروع في الوجه استحباب الاكتحال للنساء وترا، لقوله صلى الله عليه وسلم: “من اكتحل فليوتر”، وهو في شأن النساء آكد بقصد الزينة، ويجوز للرجال للتداوي، وفي اكتحال الرجال للزينة خلاف بين الفقهاء.

بل استحب الشارع النظر إلى المرآة وتسوية شعر الرأس واللحية، فقد روى مكحول عن عائشة رضي الله عنها قالت: ” كان نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه على الباب، فخرج يريدهم، وفي الدار ركوة فيها ماء، فجعل ينظر في الماء، ويسوي لحيته وشعره، فقلت: يا رسول الله، وأنت تفعل هذا ؟ قال: نعم، إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليهيئ من نفسه، فإن الله جميل يحب الجمال.

جمال الروح يزيد جمال الوجه:

إن من أروع ما جاء به الإسلام أنه جعل الجمال الباطن يزين الجمال الظاهر، ويظهر أثره عليه،  فقد قال ابن القيم: الجمال الباطن هو محل نظر الله من عبده وموضع محبته، كما في الحديث: “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.” وهذا الجمال الباطن يزين الصورة الظاهرة وإن لم تكن ذات جمال، فتكسو صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصفات. فإن المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه، فمن رآه هابه، ومن خالطه أحبه، وهذا أمر مشهود بالعيان . فإنك ترى الرجل الصالح ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة ، وإن كان غير جميل، ولا سيما إذا رزق حظا من صلاة الليل، فإنها تنور الوجه.

قال: وأما الجمال الظاهر فزينة خص الله بها بعض الصور عن بعض، وهي من زيادة الخلق التي قال الله فيها: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} [فاطر: 1]، قال المفسرون: هو الصوت الحسن والصورة الحسنة. والقلوب مطبوعة على محبته، كما هي مفطورة على استحسانه.

قال: وكل من الجمال الظاهر والجمال الباطن نعمة من الله تعالى توجب على العبد شكرا بالتقوى والصيانة، وبهما يزداد جمالا على جماله. وإن استعمل جماله في معاصي الله قلب الله محاسنه شينا وقبحا. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى جمال الباطن بجمال الظاهر، “قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت امرؤ حسن الله خلقك، فحسن خلقك.” وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجمل الخلق وأحسنهم وجها . وقد سئل البراء بن عازب: أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ فقال: لا، بل مثل القمر.

وكان صلى الله عليه وسلم يستحب أن يكون الرسول الذي يرسل إليه حسن الوجه حسن الاسم، فكان يقول: ” إذا أبردتم إلي بريدا فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم “وقد أمتع الله عباده المؤمنين في دار كرامته بحسن الصور، كما في الحديث.” أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على أثرهم كأشد كوكب إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشية. صورهم على صورة القمر ليلة البدر.”

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى