الفتاوىفتاوى المجامعفتاوى كورونامجمع فقهاء أمريكا الشمالية

بيان مجمع فقهاء الشريعة بخصوص إلغاء صلاة الجمعة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فقد ورد إلى المجمع عدد من الأسئلة تتعلق بإلغاء صلاة الجمع والجماعات بتوجيهات من هيئات الصحة العامة وبعض حكومات الولايات لمنع التجمعات التي تزيد على مائتين وخمسين أو مائة أو خمسين، أو غيرها. ولقد بادر المجمع بالاتصال بعدد من الأطباء وأساتذة الجامعات المختصين بالأمراض المعدية والصحة العامة، فأفادوا بخطورة الموقف وضرورة احتوائه، وأكدوا ما وصل للمجمع من معلومات عن الهيئات المعنية.

وبناءً عليه، واتساقًا مع ما جاء في بيان المجمع السابق بضرورة متابعة المستجدات من الهيئات المحلية المعنية بالصحة العامة والالتزام بتوجيهاتها، فقد أصدر البيان الآتي:

أولًا: متى أمرت الجهات المعنية بالإغلاق المؤقت لدور العبادة، فذلك عذر في إغلاقها.

ثانيًا: متى نصحت الهيئات الصحية والجهات المعنية بالمنع من التجمعات وتقليلها بقدر الإمكان لما فيها من خطر مبرر غير موهوم، فعلى المسلمين الالتزام بذلك وإلغاء الجمعة للعامة، وليقولوا كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما هو أهون منه “صَلُّوا فِي رِحَالِكِم.” وقال المرداوي في الإنصاف: “(ويعذر في ترك الجمعة والجماعة المريض) بلا نزاع، ويعذر أيضاً في تركهما لخوف حدوث المرض.” ولكن، متى كان ذلك مقدورًا، فعليهم ألا يخربوا مساجدهم، وأن تعمر في وقت الجمعة بذكر الله بإقامة الجمعة بعدد قليل تحدده إدارة المسجد بعد مشاورة الخبراء، على ألا يقل عن أدنى النصاب، فإن الذي نادى بالصلاة في الرحال صلى في المسجد.

ولكل مسجد تحديد المذهب المعتبر في أقل نصاب الجمعة (وهو ثلاثة مع الإمام في الراجح عند الحنفية أو اثنا عشر عند المالكية أو أربعون عند الشافعية والحنابلة)، والتحديد لم يأت صريحًا عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم، لذا فالعمل بأخف المذاهب، وهو مذهب الحنفية، هو الأولى. ومع هذه الأعداد القليلة، فإن التباعد ممكن والسيطرة على انتقال العدوى ممكنة إلى حد مقبول، وما زال الناس يذهبون إلى أعمالهم وأسواقهم ويستقلون وسائل النقل العام، فمع ذلك لا يليق في هذه الحال هجر المساجد بالكلية وتعطيل الشعائر.

متى أقيمت هذه الجمعة المخصوصة لإبقاء ذكر الله في المساجد في هذا الوقت الشريف، فلتكن قصيرة مقتصرة على أركانها، ويؤمر الناس بالتباعد كما جاءت بذلك تعليمات المختصين، فهذا لا يحرم عند الجمهور ولا يبطل الصلاة من غير عذر، فكيف مع مثل هذا العذر.

ثالثًا: يسوغ لإدارات المساجد التوافق على من يقيمون الجمعات مسبقًا، ويفضل اعتبار من بادر إلى التسجيل في كل أسبوع، ويجوز أن يرد من جاء من غير تسجيل. كما يسوغ تعداد الجمعات. وينبغي للمسلمين القادرين على إقامة جمعات في أي مكان فعل ذلك متى استكملوا النصاب وأقاموا أركان الجمعة، فليست إقامتها في المساجد شرطًا في صحتها عند الجمهور.

رابعًا: هذا المذكور أعلاه إنما هو في حق المساجد، لا الأماكن غير الموقوفة والمخصصة للصلاة في الجامعات وجهات العمل، فهذه لا حاجة إلى صلاة الجمعة بها في هذه الأحوال، وقد لا يتمكن المسلمون من استعمالها في هذه الآونة.

خامسًا: ينهى عن المجيء إلى المسجد من يحتمل تعرضهم للفيروس أي مصابين بأعراض مشابهة لأعراض المرض (وهي أحيانًا لا تعدو أعراض نزلات البرد) حتى يراجعوا الأطباء ليتأكدوا من سلامتهم، فإن ضرر الفيروس – إن كانوا حاملين له – أعظم من التأذي الحاصل برائحة الثوم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “‏مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا وَلاَ يُؤْذِيَنَّا بِرِيحِ الثُّومِ.”‏  كما ينبغي تجنب الفئات المعرضة للخطر ككبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة للمساجد حرصًا على صحتهم.  وقد يصدق هذا على من يرعومنهم.

سادسًا: ينبغي على القائمين على أمور الجالية تعظيم الشعائر ومعرفة قدرها وحرمتها، فمتى تغيرت توجيهات الهيئات المعنية بالتخفيف من الإجراءات الاحترازية، فتنبغي المسارعة إلى إعادة أنشطة المساجد إلى الحد الأقصى الذي يمنع الضرر عن الخلق ويعظم حق الخالق.

سابعًا: هذا وقت الافتقار إلى الله والتوكل عليه والتوبة والتضرع إليه وحسن الظن به، فأكثروا من ذكره وضاعفوا من أعمال البر آناء الليل وأطراف النهار، وكونوا في عون خلقه، سيما الضعفاء منهم وأصحاب الحاجات.

وصلى الله على محمد والحمد لله رب العالمين 
اللجنة الدائمة للإفتاء

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى