بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: ففي ظل المستجدات التي تطرأ كل يوم على وباء فيرس كورونا – عافانا الله وإياكم وسائر الناس – والاختلاف في توصيات السلطات، فإن المجمع يعلن ما يلي:
أولا:
يؤكد المجمع على موقفه الثابت من المحافظة على مقصود الشارع من تعظيم شعائر الله وإقامتها من جانب، والمحافظة على الأرواح وعدم التغرير بها من جانب آخر، كما يؤكد أن موقفه الفقهي يدور في فلك الأوامر الرسمية وتوجيهات الهيئات الصحية المعنية.
ثانيا:
يهيب المجمع بالمسلمين متابعة توصيات مركز مكافحة الأمراض السي دي سي، والالتزام بها، فهم الجهة الأوثق والأكثر تخصصًا فيما نحن فيه.
ثالثا:
في ظل غياب أوامر رسمية بمنع جميع التجمعات، وإغلاق دور العبادة بصورة شاملة، يوصي المجمع القائمين على المساجد الكبرى بإقامة الشعائر فيها في حدود ما تسمح به توصيات مركز مكافحة الأمراض بمن حضر في المساجد الجامعة من الأئمة والمؤذنين والموظفين وغيرهم ممن وقع حضوره في وقت الصلاة لأي سبب، ما لم يتجاوز العدد المسموح به وتم الالتزام بسائر الاحتياطات الأخرى، كالتباعد بين المصلين وغيرها. وعلى المؤذنين أن ينادوا بالصلاة في الرحال.
رابعًا:
على من حضر إلى المسجد أخذ الاحتياطات الكاملة لتجنب انتشار الفيروس بالوضوء في البيوت وتنظيف الأيدي والجباه واستعمال أوراق استعمال المرة الواحدة لمواضع السجود، أو استصحاب سجادة صلاة شخصية والعناية بتعقيمها، والتباعد بين المصلين وغير ذلك مما يوصي به المختصون.
خامسًا:
يرخص للعامة في التخلف عن الجمعات والاكتفاء بصلاتها ظهرا في رحالهم، ولمن شاؤوا أن يقيموا هذه الشعيرة في أماكن عملهم ومنتدياتهم فعل ذلك مع التقيد بالعدد المسموح به وأخذ الاحتياطات المأمور بها، فإن المسجدية ليست شرطا في صحة صلاة الجمعة في الراجح من أقوال أهل العلم.
سادسًا:
نهيب بالمساجد التواصل مع جالياتهم من خلال تقنيات العالم الافتراضي، وذلك لسد حاجاتهم الروحية والنفسية، ولا يغني عن ذلك ما هو موجود على الشبكة من الدروس والمواعظ. لكن الجمعة والجماعة لا تصح عن طريق هذه التقنيات.
وقبل كل ذلك وبعده، يوصي المجمع بالتضرع إلى الله عز وجل في هذه الظروف الحرجة وتجديد التوبة إليه جل جلاله، ومضاعفة الجهد في العمل الصالح، سيما العناية بالضعفاء وأصحاب الحاجات، والله من وراء القصد.
بيان مجمع الفقه الإسلامي الدولي بشأن تعليق الدخول إلى الأراضي السعودية لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف موقتاً
الحمد لله رب العالمين وصلاةً وسلاماً على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه والتابعين أجمعين وعلى من سار على دربه وألتزم بهديه إلى يوم الدين.
وبعد، تابع مجمع الفقه الإسلامي الدولي بكل اهتمام الإجراءات الاستباقية والاحترازية التي أعلنت عنها المملكة العربية السعودية بخصوص فيروس كورونا (COVID 19) حمايةً لأبناء الوطن والمقيمين والمسلمين جميعاً، والتي تتلخص في إيقاف دخول المعتمرين والراغبين في زيارة المسجد النبوي الشريف بصفة مؤقته، حماية لهم والمواطنين جميعاً من التعرض للعدوى من هذا الفيروس بعد الانتشار الواسع له في عدد من الدول العربية والإسلامية والتي من بينها عدد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وكذلك الإجراءات الأخرى الخاصة بمنع السياح من الدول التي انتشر فيها المرض من دخول المملكة وغيرها من الإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع.
وإذ يقدر المجمع للمملكة هذه الإجراءات الوقائية لحماية المعتمرين الراغبين في زيارة المشاعر المقدسة، وزيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة، وذلك تزامُناً مع الواجب الشرعي الذي يحرص عليه القائمون على الأمر في المملكة العربية السعودية حماية لحياتهم وأمنهم واستقرارهم وما يؤيده ما اسْتقرَّ في شرع الله سبحانه وتعالى من اتخاذ كل ما يمكن اتخاذه لتحقيق هذا الغرض وقياماً بالواجب الذي تدعو إليه مقاصد الشريعة التي تحرص على منع كل ما يؤدي إلى العدوى بالأمراض السارية والإضرار بالناس، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (فِرَّ من المَجْذومِ كما تفرُّ من الأسدِ)، والحديث الصحيح الآخر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (إذا سمعتم بالطاعونِ بأرضٍ فلا تدخلوها، وإذا وقعَ بأرضٍ وأنتم فيها فلا تَخرجوا)، وأكد هذا المعنى أيضاً ما ورد في الحديث الصحيح من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ).
لذلك يدعو مجمع الفقه الإسلامي الدولي إلى الالتزام بكل التعليمات التي يصدرها أولو الأمر المعنيون بهذه الشؤون الملحة، وأن يلتزموا بها، ويحرصوا عليها حرصاً شديداً، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(التغابن الآية ١٦)، وقال تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ)(الحج الآية ٧٨).
والله جل وعلا الموفق والهادي إلى سواء السبيل.[1]