الفتاوىفتاوى كورونا

فتوى بشأن أداء العبادات الجماعية مع انتشار فيروس كورونا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فيقول الله تعالى: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن: 16] ويقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].

وقد اتفق الفقهاء على أن الأعذار المسقطة لوجوب صلاة الجماعة وحضور الجماعة المرض الذي يمنع صاحبه من الحضور إلى المسجد، وتفشي وباء أو خوف تفشيه، فإذا حصل ذلك في بلد أو محافظة أو مدينة، وتم تعطيل المدارس والمعاهد والجامعات أو حصل حظر للتجوال خوفا من تفشي الوباء كفيروس الكورونا، ففي مثل هذه الحالات يؤخذ بالرخصة في أداء العبادات لأبناء تلك المحافظات أو المدن، هي على مرحلتين:

الأولى: الخوف من انتشار المرض:

سقوط وجوب الجمعة مع المرض على إقامتها وقصر خطبتها.

الرخصة في عدم حضور صلاة الجماعة في المسجد، ولا سيما لكبار السن والصغار وضعيفي امناعة.

ويصلي المكلف المعذور الأوقاف وظهر يوم الجمعة في بيته.

يحرم على من أصيب بهذا المرض أو يشتبه به التواجد في الأماكن العامة، ومنها حضور صلاة الجمعة والجماعة، وعليه أن يصلي في بيته أو المكان المخصص له، حتى تزول علته، ويشفى من مرضه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:” لا يوردن ممرض على مصح”، متفق عليه.

ولأن الناس يتأذون ويتضررون بحضوره، وقد اتفق الفقهاء على أن من الأعذار التي تبيح للفرد التخلف عن صلاة الجمعة أو الجماعة في المسجد كل مريض يمنع صاحبه من التمكن من حضورها، أو يتسبب بتنفير الآخرين وإيذائهم منه، كالأمراض المعدية أو الأمراض المنفرة، من باب قياس الأولى على أكل الثوم ونحوه، بجامع الأذى، لقوله صلى اله عليه وسلم:” من أكل ثوما أو بصلا، فليعتزلنا- أو ليعتزل مسجدا- وليقعد في بيته” أخرجه البخاري، فصاحب الوباء أولى بالاعتزال من أكل الثوم.

عدم تعطيل شعيرة الأذان، فيرفع في وقته، ويؤدي صلاة الجماعة من يتواجد في المسجد، ومن يجد في نفسه القوة والقدرة على الحضور.

قرار حظر التجوال عند صدوره لا يشمل عادة الدوائر الخدمية والصحية والأمنية، والمفارز الميدانية، والأفران وأسواق المواد الغذائية لحاجة الناس إليها، وكذلك تنقل الأفراد الأصحاء بين الأحياء السكنية المتجاورة، ويمكن لهؤلاء الأفراد أداء صلاة الجمعة الجماعة في المسجد، ولا حرج في الصلاة مع وضع كمامة على الأنف والفم.

على الجهات المعنية إيقاف السياحة العامة والدينية، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن الوباء:” إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه” متفق عليه.

 

الثانية: بلوغ المرض مرحلة الوباء – لا قدر الله-:

في هذه الحالة يجب الالتزام بتوجيهات الجهات المختصة، وبناء عليها يتم تعطيل كل اجتماع ولو لعبادة جماعية أو غيرها؛ لدفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما.

وفي هذه الظروف الطارئة يدعو المجمع الفقهي العراقي المواطنين كافة إلى الالتزام بتوجيهات الجهات المختصة فيما يتعلق بمواجهة هذا المرض، والامتناع عن نشر الشائعات والأراجيف، وعلى وسائل الإعلام زيادة الوعي بالتعامل مع هذا المرض من غير تهويل.

كما تدعو أصحاب الصيدليات ومذاخر الأدوية والأسواق التجارية إلى عدم استغلال الظرف ورفع أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية، فالتعاون على الخير مطلوب شرعا.

وقبل كل شيء ندعو الناس إلى الإنابة والتوبة النصوح وإصلاح حالنا مع الله تعالى، وأن نحسن الظن به تعالى، فلله الأمر من قبل ومن بعد، وانه ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء ، علمه من علمه، وجهله من جهله.

نسأل الله تعالى أن يحفظ  بلدنا وسائر البلدان من هذا الوباء ومن سيئ الأسقام، وأن يكتب السلامة لجميع العباد، ونعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

 

فتوى المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى