فتوى بخصوص تعليق صلاة الجمعة بسبب فيروس كورونا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين:
وبعد:
فقد انعقد المجلس الإفتائي لمحافظة نينوى بتاريخ 15/ رجب /1441هـ =10/3/2020م، وناقش تداعيات فيروس كورونا وتحقق الإصابة في بعض محافظات بلدنا العزيز والاحتياطات الواجب اتخاذها..
وانطلاقا من أن الشريعة الإسلامية جاءت لرعاية مصالح العباد كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، ومن القاعدة الفقهية: ” درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”، ونظرا لما تقتضيه المصلحة العامة في التقليل من انتشار فيروس كورونا، وضرورة تعاون جميع الجهات في الدولة للتصدي لهذا المرض، والحد من انتشاره ، قرر المجلس تعليق صلاة الجمعة في عموم مساجد محافظة نينوى، واستند المجلس في هذا الحكم إلى:
- كون مدة حصانة الجسم لهذا الفروس تصل إلى أربعة عشر يوما، يكون الإنسان خلالها حاملا للفيروس، ومصدرا لانتقاله للآخرين، فاحتمالية العدوى به قائمة، وتتزايد في التجمعات، وقد أكدت منظمة الصحة العالمين أن (العديد من الأشخاص المصابين بالمرض لا يعانون إلا من أعراض طفيفة، وينطبق ذلك بصفة خاصة على المراحل المبكرة للمرض، ولذا، فمن الممكن الإصابة بمرض كوفيد -19 عن طريق شخص يعاني مثلا من سعال خفيف، ولا يشعر بالمرض” الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.
- وبناء على ما تقدم، فإن إمكانية العدوى قائمة في مثل تلك الحالات، هذا وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى وجوب التوقي من العدوى، فقال:”فر من المجذوم فرارك من الأسد”، رواه البخاري، والجذام مرض معد، وفي الأمر بالفرار منه إشارة إلى أن مناط الحكم هو العدوى.
- قول النبي صلى الله عليه وسلم ” لا توردوا الممرض على المصح”، رواه البخاري، يؤذن بأن علة النهي هي الاحتراز من العدوى، وقد يكون البعض – لا سمح الله- مصابا، فينتقل الفيروس إلى غيره، دون أن يشعر الطرفان بذلك.
- رفع الحرج، وهو مبدأ شرعي، قال الله تعالى: ” وما جعل عليكم في الدين من حرج”.
- ورد عن سيدنا عمر – رضي الله عنه-:” ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين ألا أراهما إلا خبيثتين، هذا البصل وهذا الثوم، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحها من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخا” رواه مسلم ، فإذا كان مجرد انبعاث ريح مؤذية بسبب تناول البصل أو الثوم مدعاة لإخراج أكلهما من المسجد، فإن الضرر الذي قد يترتب على العدوى بهذا الفيروس لهو أكبر، ومراعاته أدعى، والمراعاة في كل شيء بحسبه.
- إن مجرد الخوف يعد عذرا لترك بعض الفرائض أو الواجبات إذا توافرت شروطه، كما ذكر ذلك الفقهاء في مصنفاتهم الفقهية، ويرى المجلس أن الخوف من انتشار فيروس كورونا يندرج تحت هذا الأصل.
- خصوصية محافظتنا- وقاها الله- من حيث البنية التحية للمستشفيات المهدمة بسبب عمليات التحرير من تنظيم داعش الإرهابي، وهذا يقتضي رفع درجة التحوط نظرا لضعف الإمكانات لتطويق المصابين وحجرهم.
ونتيجة لما تقدم، فإن المجلس يفتي بتعليق خطبة الجمعة وصلاتها ابتداء من 13/3/2020م، وحتى إشعار آخر، على أن يتم تقييم الوضع كل أسبوع..
ويدعو المجلس إلى الالتجاء إلى المولى جل جلاله بالدعاء والاستغفار، كما جاء حكاية عن لسان سيدنا هود عليه السلام: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود: 52]
حفظ الله بلدنا من كل سوء، وأبناءه من الأمراض والأسقام..
والله من وراء القصد.
لجنة الفتوى في المجمع الفقهي العراقي- مجلس الإفتاء بمحافظة نينوى