الفتاوىفتاوى كورونا

فتاوى لدار الإفتاء المصرية

  • ما حكم ترك صلاة الجمعة والجماعة في المسجد، وغلق المساجد وقت انتشار فيروس كورونا؟

لا شك أن خطر الفيروسات والأوبئة الفتاكة المنتشرة وخوف الإصابة بها أشد، خاصة مع عدم توفر دواء طبي لها، ولذا، فالقول بجواز الترخص بترك صلاة الجماعات في المساجد عند حصول الوباء ووقوعه بل وتوقعه أمر مقبول من جهة الشرع والعقل، وإذا أخبرت الجهات المعنية بضرورة منع الاختلاط في الجمع والجماعات بقدر ما، وألزمت به، فيجب حينئذ الامتثال لذلك، ويندرج في ذلك بما يراعي هذه التوصيات والإلزامات ويبقى شعار الأذان.

والأصل في ذلك القاعدة الفقهية: “لا ضرر ولا ضرار”.

ويدل على ذلك ما ورد في الصحيحين أنابن عباس قال لمؤذنه في يوم مطير:”إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمد رسول الله، فلا تقل : حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم”، قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: ” أتعجبون من ذا؟ قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عزمة – أي واجبة- وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدحض- أي والزلل والزلق.

والله أعلم

 

  •  ما الواجب على المسلم فعله للتصدي لوباء فيروس كورون؟

ينبغي على المسم أن لا يصيبه الخوف والهلع الشديد من الابتلاءات التي قد تصيبه أو تصيب من حوله، بل عليه أن يتحلى بحسن الظن بربه وخالقه سبحانه، ويعلم علم اليقين أن الله عز وجل سوف ينجينا من هذا البلاء.

إذا أصاب المؤمن شيء من هذا البلاء فعليه بالصبر والأخذ بأسباب العلاج، وليعلم أن صبره على هذا البلاء سيكون سببا لتكفير السيئات ورفع الدرجات شأن المسلم في أوقات البلاء ولامحن أن يكون دائم الذكر والدعاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بقول:” أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق” ثلاث مرات صباحا ومساء، فإن من قالها لا يصيبه شيء من البلاء، إن شاء الله .

على المسلم أن يأخذ بأسباب الوقاية والسلامة الصحية المتبعة لدى الجهات المعنية، فهذا من باب الإحسان، يقول تعالى: ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين).

والله أعلم

 

  • ما حكم احتكار ورفع أسعار السلع الضرورية لمواجهة فيروس كورونا؟

لا يجوز شرعا ما يرتكبه بعض التجار من حبس السلع الضرورية والأساسية ومواد الوقاية الطبية عن الناس، واستغلال الظروف الراهنة بقصد الاحتكار ورفع الأسعار لتحقيق مكاسب  مادية، فهذا الفعل حرام شرعا،  وخيانة للأمانة، فالشريعة الإسلامية حرمت الاحتكار بكل صوره وأشكاله، يقول الله تعالى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60]، وتوعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المحتكر بقوله:” من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغلبه عليهم، فإن حقا على الله أن يقذفه في معظم من النار”.

والله أعلم

 

  • ما حكم الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا؟

ينبغي على جميع المواطنين الالتزام بالتعليمات والإرشادات الصادرة عن الجهات الصحية للحد من انتشار الفيروس والقضاء عليه، استقاء المعلومات من المصادر الرسمية المختصة، وتجنب ترويج الشائعات التي تروع الناس، وتوقعهم في بلبلة وحيرة من أمرهم.

والله أعلم

 

  • هل يجوز شرعا منع العمرة بسبب انتشار فيروس كورونا؟

يجوز شرعا أن تمنع السلطات المختصة من أداء العمرة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، وذلك للحفاظ على أرواح وسلامة النفس البشرية من آثار ذلك الفيروس الذي قد يتفك بحياة المعتمرين، وإعمالا لقاعدة سد الذرائع، وللحفاظ على أمن واستقرار المشاعر المقدسة، لما لها من أهمية كبرى في حياة المسلمين.

 

  • القنوت في الصلاة لصرف فيروس كورونا

دار الإفتاء المصرية

26/2/2020م

انتشر فيروس كورونا الذي اجتاح بعض مدن الصين وانتقل لدول أخرى، ومات بسببه الكثير من الأشخاص؛ من المسلمين وغيرهم: فما حكم القنوت في الصلاة لرفع هذا الفيروس الوبائي والشفاء منه، أو لدفعه وصرفه عن من لم يصل إليهم؟ وهل يشرع القنوت للبلاد التي وقع فيهم هذا الفيروس، أم أنه مشروع من عموم البلدان؟ وهل يجوز الدعاء لعموم الناس، أم لخصوص المسلمين؟

أفادت منظمة الصحة العالمية (WHO) على موقعها الرسمي، أن فيروس الكورونا منذ ظهوره في آخر ديسمبر الماضي في مدينة ووهان الصينية، يُمَثِّلُ بلاءً داهمًا وخطرًا بالغًا؛ سرعان ما انتشر في مدن الصين وغيرها؛ حتى استوجب ذلك إعلان حالة الطوارئ الصحية العالمية.
وهذا الفيروس وإن لم يُعدّ وباءً عالميًّا، لكنه وباءٌ موضعيٌّ، والذي عليه المحققون أن الداء الذي يُسبب المرض لكثيرٍ من الناس في جهةٍ مُعيَّنة من الأرض دون سائر الجهات، لا يخرجه عن كونه وباءً:
قال الإمام أبو الوليد الباجي المالكي في “المنتقى شرح الموطأ” (7/ 198، ط. دار السعادة): [الوباء هو الطاعون، وهو مرض يعم الكثير من الناس في جهة من الجهات دون غيرها، بخلاف المعتاد من أحوال الناس وأمراضهم، ويكون مرضهم غالبًا مرضًا واحدًا، بخلاف سائر الأوقات، فإن أمراض الناس مختلفة] اهـ.
وقد اتفق العلماء على مشروعية الدعاء واللجوء إلى الله تعالى عند حلول الوباء، وتواترت الأحاديث بالاستعاذة من وطيس الأمراض وسيئ الأسقام؛ لما في ذلك من الخضوع والتذلل لله تعالى، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: لما قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم وُعِكَ أبو بكر وبلال رضي الله عنهما.. قالت: فجئتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرتُه، فقال: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ» رواه البخاري.
قال الإمام النووي في “شرح مسلم” (9/ 150، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفيه: الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة فيها، وكشف الضر والشدائد عنهم، وهذا مذهب العلماء كافة] اهـ.
والدعاء هو من جنس القنوت وأحد معانيه؛ قال العلامة الملا علي القاري الحنفي في “مرقاة المفاتيح” (3/ 958، ط. دار الفكر): [والظاهر: أن المراد بالقنوت هنا الدعاء، وهو أحد معاني القنوت كما في “النهاية” وغيره، وكذا نقل الأبهري عن زين العرب] اهـ.
والمأثور عن السلف الصالح، وهو مذهب جماهير العلماء من الفقهاء والمحدثين: مشروعية القنوت عند النوازل؛ قال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في “مجموع الفتاوى” (23/ 108): [القنوت مسنون عند النوازل، وهو قول فقهاء أهل الحديث، وهو المأثور عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم] اهـ.
كما اتفق العلماء أيضًا على مشروعية قنوت المسلمين في صلاة الفجر لرفع البلاء وكشف الضُّر عن البلاد والعباد إذا ألمَّت بهم نازلة، غير أنهم اختلفوا في القنوت للنازلة في غير الفجر مِن الصلوات المكتوبة:
فالحنفية: لا يرون مشروعية القنوت في الفجر ابتداءً بلا سبب، فإذا نزلت بالمسلمين نازلةٌ فالقنوت عندهم مشروع في كل الصلوات الجهرية.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في “البناية شرح الهداية” (2/ 504، ط. دار الكتب العلمية): [إن نزل بالمسلمين نازلة: قنَتَ الإمام في صلاة الجهر، وبه قال الأكثرون وأحمد. وقال الطحاوي: إنما لا يقنت عندنا في صلاة الفجر من غير بلية، فإن وقعت فتنة أو بلية: فلا بأس به، فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام] اهـ.
وقال العلامة الملا علي القاري الحنفي في “مرقاة المفاتيح” (3/ 958، ط. دار الفكر): [أطبق علماؤنا على جواز القنوت عند النازلة] اهـ.
والمالكية: يرون الاقتصار في القنوت على صلاة الفجر ومشروعيةَ استدامتِه؛ حيث عللوا استدامة القنوت في الفجر بأنه مشروع لمطلق الحاجة لدرء الشرور وجلب الخيور، لا لخصوص النوازل، وأن حاجة المسلمين للدعاء مستمرة، وهذا يتضمن مشروعية القنوت للنوازل عندهم بطريق الأوْلَى؛ لأن حاجة المسلمين إلى الدعاء في النوازل أشد، بل إنهم نصوا أيضًا على مشروعية الصلاة لدفع الوباء والطاعون، فرأوا في ذلك مزيد تضرع وشدة التجاء، وهذا متضمن لمشروعية الدعاء بدرء البلاء وصرف الوباء في القنوت من باب أولى؛ من جهة أن مشروعية الأشد تقتضي مشروعية الأخف:
قال القاضي عياض المالكي في “إكمال المعلم” (2/ 658، ط. دار الوفاء): [اختلف العلماء في القنوت في صلاة الفجر وفى الوتر في رمضان، وغيره، وما عدا ذلك، فلم يعملوا به إِلا أن ينزل نازلة؛ كما نزلت بأصحاب بئر معونة، أو يحتاج إلى الدعاء في أمر مهم؛ فقد أرخص بعضهم أن يقنتوا في سائر الصلوات ويدعوا في ذلك] اهـ.
وقال الإمام ابن العربي المالكي في “القبس في شرح موطأ مالك بن أنس” (1/ 348، ط. دار الغرب الإسلامي): [ورأى أحمد بن حنبل أن قنوتَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان لسببٍ فيما كان ينزل بالمسلمين، والأحكامُ إذا كانت معلَّقة بالأسباب زالت بزوالها، ورأى مالك رضي الله عنه والشافعي أن ذلك مِن كَلَبِ العدو ومُقارعتِه معنى دائم؛ فدام القنوت بدوامه] اهـ.
وقال الإمام القرافي المالكي في “الذخيرة” (2/ 231، ط. دار الغرب): [جوابه: منع التعليل بخصوص تلك الوقائع؛ بل لمطلق الحاجة لدرء الشرور وجلب الخيور، وهو أولى؛ لعمومه، فيجب المصير إليه] اهـ.
وقال العلامة الخرشي المالكي في “شرح مختصر خليل” (1/ 351، ط. دار الفكر): [(قوله: ودل كلامه على أن الصلاة إلخ) أي: للزلزلة ونحوها، أي: ويدخل في ذلك الصلاةُ لدفع الوباء والطاعون] اهـ.
والصحيح عند الشافعية: تعميم القنوت في جميع الصلوات المكتوبة، ومثَّلوا النازلة بوباءٍ، أو قحطٍ، أو مطَرٍ يَضُرُّ بالعُمران أو الزرع، أو خوف عدُوٍّ، أو أَسْرِ عالِمٍ، ونحو ذلك:
وقال الإمام النووي الشافعي في “شرح مسلم” (5/ 176): [(باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة) والعياذ بالله.. مذهب الشافعي رحمه الله: أن القنوت مسنون في صلاة الصبح دائمًا، وأما غيرها: فله فيه ثلاثة أقوال؛ الصحيح المشهور: أنه إن نزلت نازلةٌ؛ كعدوٍّ، وقحطٍ، ووباءٍ، وعطشٍ، وضررٍ ظاهرٍ في المسلمين، ونحو ذلك: قنتوا في جميع الصلوات المكتوبة وإلَّا: فلا] اهـ.
وقال الإمام القسطلاني الشافعي في “إرشاد الساري” (2/ 234، ط. الأميرية): [فإن نزل نازلة بالمسلمين، من خوفٍ أو قحطٍ أو وباءٍ أو جرادٍ أو نحوها: استحب القنوت في سائر المكتوبات] اهـ.
ونص الحنابلة.

 

  • ما هي أدعية التحصين من فيروس كورونا؟

من المستحب أن يقول المسلم:” تحصنت بذي العزة،واعتصمت برب الملكوت، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، اللهم اصرف عنا الوباء، بلطفك يا لطيف، إنك على كل شيء قدير”، فشأن المسلم في أوقات البلاء والمحن أن يكون دائم الذكر والدعاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بقول:” أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق” ثلاث مرات صباحا ومساء، فإن من قالها لا يصيبه شيء من البلاء إن شاء الله، وبقول:” حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم” سبع مرات، وأخبرنا بأن من قال:” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم”، ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء، حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي.

والله أعلم

 

  • هل انتشار فيروس كورونا عقاب وبلاء من الله؟

الجزم بأنه عقاب من الله لا يصح؛ لأن هذا امر غيبي، والذي على الإنسان أن يفعله في مثل هذه الأزمات عموما أن يرجع إلى الله بالتوبة الصادقة والاستغفار ويكثر من الأعمال الصالحة، فهذا من أسباب رفع البلاء، والله تعالى يقول: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [يونس: 107]، وفي الوقت نفسه لا يهمل منطق الأسباب، ويأخذ بها في الوقاية والعلاج، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:” لا يوردن ممرض على مصح” رواه البخاري، ويقول:” تداووا عباد الله، فإن الله سبحانه لم يضع داء إلا وضع له شفاء” رواه ابن ماجة.

والله أعلم

  • كيف يغسل ويكفن من مات بفيروس كورونا؟

الأصل أن الميت المسلم يغسل غسلا شرعيا، ويكفن، ويصلي عليه ويدفن، إلا إذا ثبت طبيا أن المتوفى بمرض ما يتعذر غسله؛ لكونه مظنة حصول العدوى، فيلجأ حينئذ إلى التيمم بدلا من الغسل، فإن تعذر هو الآخر، ولم يمكن ارتكابه للعدوى ترك وسقطت المطالبة به شرعا، ولكن يبقى للميت بعد ذلك ما أمكن من التكفين والصلاة والدفن.

والله أعلم.

 

[1] – https://www.dar-alifta.org/ar/ViewFatwa.aspx?sec=fatwa&ID=15287&%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%86%D9%88%D8%AA_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9_%D9%84%D8%B5%D8%B1%D9%81_%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%B3_%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى