الصلاةالطهارةالفتاوىفتاوى كورونا

الحكم الشرعي لكيفية وضوء وصلاة الأطباء والكادر الطبي المعالج للمرضى من وباء كرونا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد ورد إلى  سؤال عن حكم الشرع في مسألة كيفية وضوء وصلاة الأطباء والكادر الطبي المعالج لوباء كورونا، حيث تتطلب إجراءات الوقاية ملابس خاصة لا يمكن تبدليها لعدة ساعات، ونحن إذ نشكر السائل الكريم على هذا السؤال المهم، نكبر فيه حرصه وحرص غيره من المسلمين على شعائر الله تعالى وأحكامها، وعلى تعلق قلوبهم بها، والتقيد بما تصح به العبادة وتقبل من الله سبحانه بإذنه.

ولا شك أن الأطباء والكادر الطبي المعالج في رباط وهم يتصدرون الصفوف الأولى، ويواجهون هذا العدو  الخفي الذي أقلق مضاجع البشرية كلها، وسلبهم استقرارهم.

وعملهم من أفضل الأعمال التي يتقربون بها إلى الله عز وجل قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}(المائدة:32)، وقد روي عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال:”لا أعلم بعد الحلال والحرام أنبل من الطب، إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه” طبقات الشافعية 1/32

وبيانا للحكم الشرعي في هذه المسألة نقول: 

أولاً: الوضوء شعيرة من شعائر الإسلام، وشرط من شروط الصلاة، لا تصح إلا بها أو ببدلها لقول الحق تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}(المائدة:6)

فالوضوء ليس مجرد غسل للأطراف، ولكنه عبادة من العبادات يكفر به الذنوب ويمحو به الخطايا.

فيحرص المكلف على صفة الوضوء كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم، ويحافظ على وضوئه في كل وقت لقوله صلى الله عليه وسلم: “ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن” صححه الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريج المسند رقم 22414

ولا يصار إلى بدله وهو التيمم إلا بأحد الشرطين، فقدان الماء، أو العجز عن استخدامه.

والأطباء والكادر الطبي المعالج الذين يقفون في مواجهة وباء كورونا يجب عليهم:

1- الوضوء للصلاة بحسب الوسع، ويمكنهم الاستفادة من أوقات الاستراحة وعند تبديل الملابس الواقية.

2- إذا ضاق الوقت على الطبيب، ولم يكن هناك متسع للوضوء كأن يكون في العناية المركزة ولا يمكن مغادرة مكانه للوضوء وخشي خروج الوقت صلى بلا وضوء صلاة فاقد الطهورين وعليه القضاء. 

ومثلهم المريض بكورونا الذي لا يستطيع أن يتوضأ أو يتيمم، وليس عند أحد يساعده في الوضوء، ولا يجد التراب، فيصلي على حاله لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَاوقوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة:185) ، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}

ولقوله صلى الله عليه وسلم “وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأْتُوا منه ما استطعتُم.” متفق عليه، صحيح البخاري حديث رقم 7288، صحيح مسلم  حديث1337

  • ثانيا: صلاة الأطباء والكادر الطبي 

يجب على المكلف المحافظة على الصلاة، وهي لا تسقط في حضر ولا سفر ولا مرض، ولا عمل 

قال تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ*أُولَـئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(المؤمنون: 11,10,9)

والأطباء والكادر الطبي الذين يعالجون مرضى كورونا إذا دخل عليهم وقت الصلاة

يجب عليهم:

1- أداء كل صلاة في وقتها إذا وجد المعالج متسعاً من الوقت كوقت الاستراحة، أو تغيير نوبات العمل، أو عند تغيير ملابس الوقاية من فيروس كورونا.

2- إذا لم يجد المعالج وقتاً لأداء كل صلاة في وقتها، ولكنه وجد متسعاً لأداء إحداهما في الوقت، كأن يجد متسعاً من الوقت لصلاة الظهر، ولا يجد متسعاً لصلاة العصر، أو العكس، فإنه يجمع الظهر مع العصر جمع تقديم، أو العصر مع الظهر جمع تأخير، وكذلك المغرب مع العشاء جمع تقديم في وقت المغرب أو جمع تأخير في وقت العشاء، فيصليها جمعاً بغير قصر

ويستدل على ذلك بما روي في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر، قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته.

3- إذا لم يجد متسعاً من الوقت لأداء أي صلاة في وقتها- بعد أن يبذل جهده- في الصلاة في وقتها، صلى قضاء.

ثالثاً: توصي اللجنة المسلمين والمسلمات بالتقيد في مجال العبادات بما أثبتته النصوص الشرعية واجتمع عليه عمل الأمة، وأما في مجال المعاملات فالتوسع في القياس والاجتهاد مطلوب، كما نوصيهم بالثبات على دينهم وملازمة أهل العلم المحققين فيفتاواهم، وأن لا يتساهلوا في محكمات الشريعة وأصولها ومقاصدها، لاسيما في هذه المرحلة الإنسانية الصعبة التي سوف تنتهي بمشيئة الله ثم بجهود المرابطين الأوطان والعمران بخير بعافية دائمة وسلامة للجميع. 

والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله، وسلم. 

والحمد لله رب العالمين.

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

Related Articles

Back to top button