الصلاةالعبادةالفتاوىفقهيةقضايا معاصرة

القراءة من مصحف الجوال أثناء الصلاة

  • د. مسعود صبري

أثار قراءة أحد الأئمة القرآن من المصحف الجوال أثناء إحدى الصلوات جدلا فقهيا حول صحة قراءة القرآن من الجوال، مما حدا ببعض فقهاء العصر محاولة الاجتهاد بغية الخروج بحكم شرعي..

وقد اختلف الفقهاء المعاصرون الذين تصدوا لهذه الفتوى على آراء:

  • الأول: يحرم قراءة القرآن من الجوال في الصلاة.
  • والثاني: يرى جواز القراءة بلا حرج،
  • بينما يرى البعض أن قراءة القرآن من الجوال مكروهة وليست حراما.

وقد استدل الفقهاء الذين يحرمون قراءة القرآن من الجوال في الصلاة على ما يلي:

– أن جهاز الجوال يحتوي على خليط بين القرآن والصور والخلفيات والفيديو غيرها.

– كما أن القرآن الموجود بجهاز الجوال قد يختلط بآيات تمت دبلجتها أو كتبت بشكل غير صحيح مما يوقع القارئ في الخطأ، بالإضافة إلى أن الإمام لا يحمل في الصلاة مادة شرعية،وهي القرآن، إنما يحمل آلة الكترونية، وربما تنخفض بطارية الجوال، فيضطر الإمام للركوع، أو للقراءة من المصحف، وهذا لا يجوز.. وهذه أدلة الدكتور صالح اللحيدان المستشار الشرعي السعودي، وصاحب الفتوى الرئيسة.

– ومن الأدلة على تحريم قراءة القرآن من الجوال في الصلاة هو التفرقة بين القراءة من المصحف، والقراءة من الجوال، وهو ما استند إليه وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالسعودية الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ.

كما استدل القائلون بالتحريم على ما ذهب إليه عدد من الفقهاء من أن الحركة الكثيرة في الصلاة تبطلها، وإن قالوا هذا في النافلة، فهي تحرم في الفريضة من باب أولى. وهذا ما استند إليه الدكتور عبدالحي يوسف رئيس قسم الثقافة الإسلامية وعضو هيئة التدريس بجامعة الخرطوم بالسودان في حكمه بالتحريم.

ويستدل فريق التحريم أيضا بأن القراءة من الجوال غير مأمونة، فالمصحف في الجوال لم تتم مراجعته وتدقيقه من قبل لجنة من علماء القرآن، وهذا يعني أنه قد يكون هناك أخطاء موجودة، وقد يتعرض جهاز الجوال للفيروسات مما قد ينتج عنه خطأ كحذف بعض الكلمات أو الحروف، كما أن أحكام المصحف تختلف عن أحكام القرآن في الجوال، والقراءة من الجوال ابتداع في الدين، والاتباع أولى، فلا يقال بجواز القراءة منه؛ قياسا على من رأي جواز القراءة من المصحف، وهذا ما ذهب إليه الدكتور مصباح حماد وكيل كلية الشريعة.

وممن قال بكراهة قراءة القرآن في الصلاة من الجوال الدكتور علي بن حمزة العمري رئيس جامعة مكة المكرمة المفتوحة مستندا في ذلك إلى القياس على من قال من العلماء بكراهة حمل المصحف في الصلاة، لاحتياجه للحركة الكثيرة التي تنافي مقصد الصلاة، إلا أنه يجوز حمله لو اضطر الإمام إلى هذا.

وينقل الدكتور أحمد الحجي الكردي الخلاف بين الفقهاء في هذا، وأن منهم من حرم، ومنهم من أجاز في النافلة دون الفريضة، ومنهم من أجازها في الفريضة شريطة ألا يكثر الحركة .

أما الفريق الثالث، فيرى جواز قراءة القرآن من الجوال، وإن كان الأولى أن يقرأ من المصحف لا من الجوال إن كان غير حافظ، لأنه لا دليل على التحريم. وبهذا قال الأستاذ الدكتور علي بن سعيد الغامدي أستاذ الفقه بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

ويذهب للجواز أيضا الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية والأستاذ بجامعة الأزهر، إلا أنه جواز مشروط بانضباط الحركة في الصلاة؛ لأن كثرة الصلاة يرى بعض الفقهاء أنها تبطلها، ولكن إن كانت منضبطة فلا بأس بالقراءة من الجوال.

كما يستند الدكتور عبد المعطي بيومي إلى الجواز أن القرآن في الجوال مثله مثل المصحف أو المسجل، فليس هناك وجه للتفرقة بشرط أن يراجع المصحف في الجوال مراجعة علمية دقيقة، وأن القول بأنه لا يجوز القراءة من الجوال لأنه يحتوي إلى مواد غير القرآن لا يجوز الاعتماد عليه في التحريم؛ لأن هذه المواد كلها مفصولة عن بعض، وهي كالمكتبة التي تضم المصحف وكتب العلم وغيرهما.

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى