الصيامالعبادةالفتاوىفقهيةقضايا معاصرة

استعمال اللاصق المانع للجوع في رمضان

  • د. مسعود صبري

شرع الله تعالى الصيام واجبا على المسلمين مرة في العمر في شهر رمضان، وتحدث الفقهاء عن مقاصد الصيام، ومنها: الإحساس بالجوع والعطش، ليشعر المسلم بإخوانه الفقراء، فيدفعه ذلك إلى الإحساس بهم، والسعي لعونهم، خاصة في مثل هذا الشهر الفضيلة.

غير أن فتوى صدرت من هيئة الشئون الدينية التركية أثارت جدلا على الساحة الفقهية، حيث رأت هيئة الشئون الدينية التركية جواز استخدام الصائم “لاصقا طبيا” خلال نهار شهر رمضان بحيث يفقده الشهية للتخفيف من شعوره بالجوع والمشقة طوال الشهر الكريم، من باب التيسير والتخفيف على المسلمين الذين ربما يشتكون الضعف أثناء صيامهم، ومساعدة للمسلمين على الالتزام بصيام شهر رمضان الذي أوجبه الله تعالى على المسلمين.

وبنت الفتوى القول بجواز استعمال هذا اللاصق الطبي فيما بينه أعضاء الهيئة وعلى رأسهم الشيخ محمد باريس مفتي إقليم أدانا جنوب تركيا، على عدد من الأدلة الشرعية، من أهمها: أن الصيام يساعد على رشاقة الجسم والحفاظ عليه من الناحية الجسدية، واستعمال اللاصق يؤدي نفس الغرض فيكون مباحا.

كما وافقهم عدد من فقهاء العلماء بتركيا، ومنهم الشيخ كريم فايز الذي رأى جواز استعمال اللاصق الطبي لأن المفطرات هي التي تدخل الجسم، ولكن هذا اللاصق لا يدخل الجسم، وإنما يفقد الشهية فحسب، فهو أشبه بوضع الإنسان دهنا أو مرهما على جلده، كما أن هذا اللاصق لا يعد غذاء يتاول من خلال الفم، ومن المعلوم أن الصيام هو الإمساك على الطعام والشراب وسائر المفطرات، وليس اللاصق منها.

هذه الفتوى التركية قابلها رفض من عدد من الفقهاء، ومنهم الدكتور عبد الوهاب بن ناصر الطريري الأستاذ السابق في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، وأحد مسئولي مؤسسة الإسلام اليوم السعودية، وأرجع الطريري الحكم إلى أهل الذكر من الأطباء، فإن ثبت أن هذا اللاصق يمد الجسم بالغذاء كان حراما ومفطرا، غير أن الطريري رأى أن استعمال هذا اللاصق ولو كان حلالا، فإنه يتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية من الصيام الذي يعلم الإنسان الصبر وتحمل المشاق في سبيل الله تعالى، كما يعلمه الشعور بإخوانه الفقراء ومشاركتهم بعض أحاسيسهم من خلال الصيام، مما يساعده على مد يد العون إليهم.

العلامة القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ذهب إلى كراهة استعمال مثل هذا اللاصق، إن أكد الأطباء أنه يفقد الشهية للتقليل من شعوره بالجوع والمشقة نهار رمضان، ولكن استعماله لا يفسد الصيام ولا يبطله. لكنه في ذات الوقت يقلل من الحكم التي أرادها الشارع من الصوم من تحمل المشقة، والشعور بمعاناة الفقراء.

وإن كان يكره استعمال اللاصق إن ثبتت فائدته، مع كونه لا يفسد الصيام، لكنه يقلل من أجر الصائم، لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي”. أخرجه أحمد في المسند.

وإن كان من الفقهاء (الجانب التركي) من يرى جواز استعمال هذا اللاصق؛ لأنه ليس غذاء، ومنهم من رأى حرمته إن ثبت أنه يغذي، أو من يرى كراهته إن ثبتت فائدته، فإن كل هذا الحكم ربما يتلاشى بعدما خرجت بعض الأبحاث العلمية التي تثبت أن نبات”  الهووديا  ” الذي يصنع منه اللاصق لا علاقة له بإحساس الإنسان بفقد الشهية، ولكنه نوع من الخداع والدجل العلمي الذي يسوق للعقلية المسلمة مثل هذه المنتجات من باب الانتفاع بأموالهم دون أن تكون هناك جدوى حقيقية يثبتها العلم الحديث، فيكون الحديث الفقهي عن استعمال مثل هذا اللاصق لا محل له من الاجتهاد الفقهي أساسا، ولا علاقة له بصحة الصيام أو فساده.

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى