فقهيةقضايا معاصرة

الحج على نفقة الجمعيات والمؤسسات

  • د. مسعود صبري

لا شك أن الحج يمثل ركنا أعظم من أركان الإسلام، ويسعى إليه المسلمون على اختلاف مشاربهم، فهو رمز من رموز وحدتهم، استجابة لنداء الله (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق). وإذا كان من عادة الناس الذين لا يملكون الزاد للحج أن يدخروا من دخولهم ما يجعلهم يلبون نداء الله، فإن الدولة المدنية أفرزت بعض المؤسسات والهيئات التي جعلت الحج من الأمور الهامة من أنشطتها، ومن تلك المؤسسات ما تخرج بعض أعضائها للحج على نفقتها، مما يثير تساؤلات شرعية حول صحة بعث الجمعيات والمؤسسات بعض أعضائها للحج دون غيرهم، وصحة هذا الحج من حيث أداء الفريضة.

والفقهاء المعاصرون في هذه المسألة (الحج على نفقة الجمعيات والمؤسسات) على رأيين:

  • الأول:

يرى جواز مثل هذا الفعل،  وقد تبناه عدد من الفقهاء المعاصرين، منهم الدكتور نصر فريد واصل، والشيخ محمد صالح المنجد أحد علماء المملكة العربية السعودية، وهو رأي اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث.

  • الثاني:

المنع، إلا إذا كانت قوانين الجمعية تنص على بند الإنفاق على خدمة الحج، وهي فتوى للدكتور علي جمعة. وهو ما أفتت به هيئة الإفتاء بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت، حيث نصت على: أنه لا يجوز لمجلس إدارة الجمعية القيام باختيار بعض الأشخاص المساهمين لأداء مناسك الحج على نفقة الجمعية إلا إذا كان ذلك بتفويض له من الجمعية العمومية، أو كان ذلك موافقاً للوائح المعمول بها.
وترى اللجنة أن الأولى توجيه هذه الأموال لسد حاجات فقراء المنطقة أو غيرهم إذا سمحت اللوائح المنظمة بذلك.

  • أدلة الجواز:

واستند من قال بالجواز على عدد من الأدلة الشرعية، أهمها:

– التأسيس على ما قاله الفقهاء من جواز الحج بمال الهبة، وأن هذا العمل محفوظ من حال السلف، فقد كان عبد الله بن المبارك يأخذ معه للحج عددا من غير القادرين على الحج. وأن الشركة أو المؤسسة هي صاحبة المال، ولها حرية التصرف فيه، كما استندوا إلى أن اشتراط الزاد والراحلة هو شرط وجوب، وليس شرط صحة، فإن حج من غير ماله؛ صح حجه.

  • أدلة المنع:

و استند من قال بالمنع إلى أن مال الجمعية، مال عام، فلا يجوز إلا إذا كانت لوائح الجمعية المنظمة تنص في بنودها على إيفاد الأعضاء للحج.

  • الترجيح:

الراجح أنه يجوز إخراج بعض الأموال من الجمعيات والمؤسسات لإيفاد بعض أعضائها للحج؛ شريطة أن يكون الاستحقاق ليس فيه ” محسوبية” أو تفضيل على أحد دون أحد بغير وجه حق، وألا يخل بالنظام الأساسي لأنشطة الجمعيات ذاتها، بمعنى أن يكون هناك فائض من المال للحج.

و لا يشترط في الجمعية أن ينص في لوائحها على إيفاد الحجيج، مادام أعضاء مجلس الإدارة، أو الجمعية العمومية وافق على هذا؛ من باب التكريم لبعض النشطاء أو غيرها من صور المكافأة للعاملين، بالشروط السابقة.

كان هذا الرأي عن حكم الحج على نفقة الجمعيات والمؤسسات.

اقرأ أيضا

ملخص أعمال الحج

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى