فقهيةقضايا معاصرة

مصحف برايل هو يعد قرآنا؟

  • د. مسعود صبري

 قامت مطابع خادم الحرمين الشريفين لطباعة القرآن الكريم بطباعة المصحف بطريقة برايل؛ لينتفع بها المكفوفون في تلاوة القرآن الكريم.

ومع كون طباعة مصحف بطريقة “برايل” مفيدة لفئة من الناس يصعب عليهم قراءة القرآن، إلا أن هيئة كبار العلماء توقفت في اعتبار هذا المصحف يأخذ حكم القرآن الكريم، وإعطائه أحكام المصحف المكتوب بالرسم العثماني.

و مع رفض هيئة كبار العلماء لاعتبار المصحف بطريقة “برايل” يأخذ حكم المصحف العثماني وأحكام القرآن فقد اختلف حوله عدد من الفقهاء المعاصرين، بين من يؤيد رأي هيئة كبار العلماء، وبين من يعارض رأيهم ويعتبره مصحفا.

وممن وافق على رفض اعتبار المصحف بطريقة “برايل” الدكتور الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية، و أحمد طه ريان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، و الدكتور سعود الفنيسان عميد كلية الشريعة السابق بجامعة الإمام بالمملكة العربية السعودية وغيرهم. لكنهم اعتبروه وسيلة مساعدة لحفظ وقراءة القرآن ولكن لا يأخذ حكم القرآن.

وممن وافق على اعتبار هذا المصحف مثل المصحف العثماني الشيخ الدكتور محمد الراوي أستاذ علوم القرآن، والدكتور عبد الستار فتح الله أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر والدكتورة صالحة دخيل أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر، و الباحث السعودي عبد الله الخميس.

واستند من وافق هيئة كبار العلماء في عدم اعتبار مصحف “برايل” يأخذ أحكام المصحف إلى عدد من الأدلة الشرعية، هي:

أنه يمكن اعتباره طريقة شارحة للمصحف أو كتابًا للمكفوفين على غرار القرآن الكريم؛ سدا لذريعة الطعن أو التحريف والتغيير لبعض أحرف أو رسم القرآن الكريم.

أن هذا القرآن قد لا يتطابق من حيث النظرة الأولى مع القرآن الكريم بالرسم العثماني الذي كتبه الْحَفَظَة من أصحاب الرسول و أن الرسم العثماني هو أحد أوجه إعجاز القرآن الكريم، التي يختص بها القرآن دون غيره من الكتب.

أن الحفظ لا يقتضي الحفظ المادي وإنما الحفظ من ناحية الرسم ومن كل النواحي، وأن القول بجواز كتابة القرآن الكريم بهذه الطريقة قد يؤدي ذلك إلى كتابته بطرق أخرى مما قد يؤدي إلى تحريفه..

أن طريقة برايل ليس فيها حروف قرآنية، وإنما هي خطوط بارزة يصطلح على تحديد المراد منها، يعرفها المكفوفون، وبناء عليه فلا يكون مصحفًا، ولا يأخذ حرمة المصحف، ولكن يأخذ أحكام التفسير فهو أشبه باللغة المترجمة.

أن الكتابة لن تكون بالحروف العربية، مع أن القرآن يلزم في أحكامه أن يكون مكتوبًا باللغة العربية، وعليه فالحكم يأتي من ناحية الكتابة وليس من ناحية القراءة.

أدلة اعتباره مصحفا

واستند من رأى أن هذا المصحف يأخذ حكم المصحف الشريف أن المصحف سيكون في قلب حامله؛ لأنه ليس أحرفًا، حيث إن الحروف تنتقل لقلب السامع أو القارئ بالطريقة التي يقرؤها، وعليه يمكن اعتبار المسألة كلها تيسيرا لأمر القرآن للمكفوفين، و أنه لا علاقة في المسألة بالكتابة المرئية أو الملموسة في المصحف الشريف.

أن  المصحف إن كان يمكن الكفيف من نطق القرآن نطقا صحيحا فهنا يعد المصحف قرآنا يأخذ جميع أحكامه، أما إذا لم يتمكن الكفيف عند وضع أصبعه على الحروف المكتوبة من القراءة الصحيحة فلا يعد قرآنا.

فالعبرة بتدقيق الكلمات، وصحة النطق منه، فإذا كانت الحروف تؤدي ألفاظ القرآن بالضبط عند النطق بها كان قرآنا وإلا عد كتابا دالا.

أن القرآن قد لا يكتب بالرسم العثماني ويظل قرآنا، وإن كان الصحيح من كلام العلماء أن نلتزم الرسم العثماني، لكن الأمر مختلف مع الكفيف حيث إن حالته خاصة”.

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى