فقهيةقضايا معاصرة

شراء سيارة عن طريق الإجارة المنتهية بالتمليك

  • د. مسعود صبري

تحدث الفقهاء عما يعرف بـ(مقاصد الشريعة)، ومن أهمها: المقاصد الكلية الخمسة، أو المقاصد الكبرى، وهي: الحفاظ على النفس، والحفاظ على الدين، والحفاظ على العقل، والحفاظ على النسل، والحفاظ على المال. وقسموا تلك الكليات إلى ثلاث مراتب، هي: الضرورات، والحاجيات، والتحسينيات، وإن كان هناك اتفاق بين العلماء على المقاصد الخمسة، فإن الاجتهاد الفقهي يختلف في المسائل التي تندرج تحتها، فهي تختلف من عصر إلى عصر، وكما يقول شيخنا العلامة الدكتور القرضاوي: إن هناك أمورا كانت تعد من التحسينيات، لكنها في زمن آخر، أو في بيئة أخرى تعد من الحاجيات، ومنها السيارة، فأضحت السيارة في عصرنا حاجة من الحاجات المهمة.

وليس كل الناس يملك ما يشتري به سيارة، لعدم توافر المال لشرائها، مما فتح السوق لتلبية الحاجة والتربح من ورائها، فظهرت البنوك والشركات لتبيع السيارات للأفراد عن طريق معاملات متعددة، من أهمها ما يعرف بالإجارة المنتهية بالتمليك، فما هي الإجارة المنتهية بالتمليك؟ وما رأي الفقهاء في شراء سيارة عن طريق هذه المعاملة؟

و الإجارة المنتهية بالتمليك هي: عقد بين طرفين يؤجر فيه أحدهما لآخر سلعة معينة مقابل أجرة معينة يدفعها المستأجر على أقساط خلال مدة محددة ، تنتقل بعدها ملكية السلعة للمستأجر عند سـداده لآخر قسط بعقد جديد.

وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكمها على رأيين:

  • الرأي الأول:

أن هذه معاملة محرمة، ولا يجوز التعامل بها، وممن قال بهذا: الشيخ صالح اللحيدان  والدكتور صالح الفوزان، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، و الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، والدكتور أحمد الحجي الكردي وغيرهم.

  • الرأي الثاني:

أن هذه المعاملة مباحة شرعا، وممن قال بهذا الرأي الدكتور علي محيي الدين القره داغي، الخبير الاقتصادي، والشيخ أحمد الحداد مفتي الإمارات ، والدكتور سلمان العودة، وعدد آخر من العلماء.

  • أدلة التحريم:

استدل من قال بالتحريم أنه عقد جمع بين عقدين على عين واحدة غير مستقر على أحدهما، وهما مختلفان في الحكم متنافيان فيه، فالبيع يوجب انتقال العين بمنافعها إلى المشتري، وحينئذ لا يصح عقد الإجارة على المبيع لأنه ملك للمشتري، والإجارة توجب انتقال منافع العين فقط إلى المستأجر . والمبيع مضمون على المشتري بعينه ومنافعه، فتلفه عليه، عيناً ومنفعة، فلا يرجع بشيء منهما على البائع، والعين المستأجرة من ضمان مؤجرها ، فتلفها عليه ، عيناً ومنفعة ، إلا أن يحصل من المستأجر تعد أو تفريط . أن الأجرة تقدر سنوياً أو شهرياً بمقدار مقسط يستوفي به قيمة المعقود عليه، يعده البائع أجرة من أجل أن يتوثق بحقه حيث لا يمكن للمشتري بيعه، فإن لم يستطع المؤجر دفع القسط سحبت منه، ولا يرد عليه ما أخذ منه بناء على أنه استوفي المنفعة، وهذا ظلم واضح. أن هذا العقد وأمثاله أدى إلى تساهل الفقراء في الديون حتى أصبحت ذمم كثير منهم مشغولة منهكة ، وربما يؤدي إلى إفلاس بعض الدائنين لضياع حقوقهم في ذمم الفقراء.

  • أدلة المجيزين:

واستند من أجاز إلى أن هذا العقد من العقود الجديدة الحادثة، يلبي احتياجات الناس مع وجود الثقة للطرفين، حيث يضمن كل منهما حقه، فيستفيد المستأجر من العين مدة الإجارة، وهي على ضمان المؤجر، ثم تؤول إليه ملكيتها بعد انتهاء مدة الإجارة، ويستفيد المؤجر من تأجير العين مع بقائها في ملكه لو أخلّ المستأجر بالعقد، ومن ثم لا تضيع عليه العين المؤجرة.

أنه عقد جديد الأصل فيه الجواز – كسائر العقود – ما لم يصادم نصاً شرعياً، ولا حاجة إلى تخريجه على عقد من العقود ، فيكون عقد إجارة بين المؤجر والمستأجر ، ينتهي بتملك المستأجر للعين، بناء على عقد – مقرون بعقد الإجارة – ببيع العين أو هبتها، إذا وفى المستأجر أقساط الأجرة، ولا مانع من ذلك، فإن الجمع بين عقدي البيع والإجارة في عقد واحد جائز.كما استندوا إلى ما صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي ما دامت الشروط متوافرة.

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى