المرأةفقهيةقضايا معاصرة

ديسكو إسلامي.. للنساء فقط

ديسكو إسلامي.. للنساء فقط

د. مسعود صبري

ذكرت وسائل إعلامية أن مستثمرا تركيا يعتزم خلال هذا الصيف افتتاح “ديسكو (مرقص) إسلامي” مخصص للنساء فقط ولا يقدم الخمر في منتجع أنطاليا بتركيا. ووفقا لما ذكرته صحيفة “حريت ديلي نيوز” التركية الإثنين 29/6/2009م، فإن ديسكو “جنة شاه” المنتظر افتتاحه هذا الصيف على شاطئ منتجع أنطاليا جنوب تركيا لا يختلف في تصميمه وتكوينه عن المراقص التقليدية، فهو يفتح أبوابه 10 مساء وحتى الرابعة صباحا، وبداخله قاعة للرقص، وفي وسطه بار (قاعة خاصة بتناول المشروبات)، وأنغام الموسيقى والغناء تصدح في أنحائه من أجهزة الـ(دي جي). إلا أنه يختلف عنها في أنه لا يفتح أبوابه إلا للنساء فقط، وحتى العاملات فيه هن من النساء، كما أن أنواع المشروبات تخلو من المواد الكحولية والخمر.

  • وقد أفتى بعض الباحثين بإباحة هذا (المرقص) شريطة أن تكون كلمات الغناء ليست مثيرة، أو مهيجة للعواطف، أو تصطدم مع مقصد شرعي، وغير ذلك من الشروط“.

أما فيما يخص الرقص، فإن العلماء وضعوا أيضا ضوابط له، منها “حجب عورة المرأة أمام المرأة، وألا يكون الرقص خليعا أو مثيرا تفتن به المرأة الأخريات”.

والحق أنه يجب التفريق بين حكم الرقص النسائي فيما بينهن، وبين إقامة مرقص خاص بالنساء، يفتح أبوابه في العاشرة مساءا حتى الرابعة فجرا.

فالرقص بين النساء بشكل عام، مختلف فيه، فجمهور الفقهاء القدامى يرونه مكروها، ووافقهم في هذا بعض الفقهاء المعاصرين، مثل الشيخ: محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله-، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله-، وغيرهما من العلماء، على أن عددا من فقهاء العصر يحرمون الرقص النسائي اليوم لما يشتمل على مخالفات من إظهار عورة المرأة أمام المرأة، وإظهار بعض المفاتن، وما يصحب الرقص من مخالفات شرعية، ومن هؤلاء: الشيخ عبد الله بن جبرين، والشيخ صالح الفوزان.

وعلى هذا، فاعتبار جواز مرقص (ديسكو) خاص بالنساء؛ تخريجا على ما قاله الشافعية من جواز الرقص بين النساء والنساء، أو على اعتبار أنه مكروه، والمكروه أحد أقسام الحلال، فهو اعتبار غير صحيح في فهم واقع المسألة.

فكما ذكر في وسائل الإعلام أن بناء هذا المرقص هو كأي مرقص عادي، فهناك مكان للبار، ولكن يستبدل بأنه لن يكون فيه خمر، وأن هناك غناء و(دي جي) ونحو هذا، بل إنه يفتح أبوابه من العاشرة مساءا حتى الرابعة فجرا، فأي امرأة مسلمة تخرج من بيتها قبيل منتصف الليل لتعود بعد الفجر، لا لأجل عبادة أو شيء نافع، بل لأجل رقص مع نساء، غالبا ما ستكون فيه الأجساد عارية، وهناك من التعامل والاختلاط السافر الذي تظهر معه العورات المحرم كشفها، بل ربما تتبادل فيه النساء القبلات والأحضان ونحوه، فكل هذا يجعل من إنشاء هذا المرقص ولو كان خاصا بالنساء حراما شرعا.

كما أنه يحرم أيضا من جهة التشبه، فالمجتمع المسلم لا يتشبه بالقوم الفاسقين لقول النبي صلى الله عليه وسلم “من تشبه بقوم فهو منهم.”

بل إن واقع الرقص بين النساء دون أن يخصص لهن مكان هو محل نظر، كما قال الشيخ ابن العثمين- رحمه الله-: “الرقص مكروه، وكنت في أول الأمر أتساهل فيه ولكن سئلت عدة أسئلة عن حوادث تقع في حال رقص المرأة، فرأيت المنع منه، لأن بعض الفتيات تكون رشيقة و جميلة ورقصها يفتن النساء بها حتى أنه بلغني أن بعض النساء إذا حصل مثل هذا تقوم تقبل المرأة التي ترقص وربما تضمها إلى صدرها، ويحصل في هذا فتنة ظاهرة.”

ولما سئل الشيخ ابن جبرين عن الرقص الشرقي بين النساء، أجاب: “هو على هذه الصفة منكر وداعية إلى الفحش والزنا وسبب للفتنة والوقوع في المنكرات، وإذا اشتمل الحفل على مثل هذه الرقصات فلا يجوز حضوره للنساء خشية الفتنة والاندفاع إلى اقتراف الحرام، فعليكم التنبيه إلى ذلك.”

وأما من استدل برقص الأحباش ومشاهدة عائشة – رضي الله عنها- لهم، وإذن النبي صلى الله عليه وسلم لها في هذا، فإنه مقيد بالأعياد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم بالرقص يوم العيد، بالإضافة إلى أن الرقص هنا ليس معناه هز الوسط، والتمايل ونحوهما، إنما هو لعب بالحربة ونحوه، مما لا يخدش الحياء.

وقسم البعض الرقص إلى أنواع، الرقص الرجولي، وهو ما يكون بين الرجال من باب الحماسة للجهاد ونحوه، فهو جائز بلا خلاف، والرقص من أجل اللهو في المناسبات كالأفراح ونحوها، فهو جائز بشروط، واللهو الغرائزي الذي يقصد به إثارة الشهوة والفتنة، فهو حرام، سواء أكان بين الرجال والرجال، أو بين النساء والنساء، وهو أشد حرمة بين الرجال والنساء.

كما أنه بالنظر إلى مآلات هذا الفعل؛ فإنه يفتح باب الفتنة في المجتمع، ويكون أشبه بأوكار للفساد، وكل فاسد محرم شرعا.

والجائز من الرقص بين النساء ما كان في أعياد أو بعض المناسبات كالزواج ونحوها، من باب إدخال الفرحة على النساء، مع ستر العورة، وعدم إثارة الفتن والشهوات.

 

 للمزيد عن ديسكو إسلامي.. للنساء فقط

اقرأ أيضا

المقاصد الشرعية للفنون الإسلامية

 

 

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى