فقهيةقضايا معاصرة

شيخ الأزهر: 80 جلدة للصحافيين مروجي الشائعات

  • د. مسعود صبري

أفتى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بوجوب جلد الصحفيين الذين يثبت تورطهم  في ترويج الشائعات والأخبار الكاذبة ثمانين جلدة، وحرّم شراء صحفهم وتداولها لما فيها من نشر الشائعات الكاذبة.

وكان فضيلة شيخ الأزهر قد أفتى بهذه الفتوى في أكثر من مناسبة، أولها في خطبة جمعها حضرها رئيس الوزراء أحمد نظيف، والثانية في احتفال ليلة القدر بحضور رئيس الجمهورية، ثم أكد الفتوى في عدد من الصحف حتى إنه قال  “إذا لم أكن جادا في تطبيق هذا الحد لا أكون مسلما حقيقيا.”

واستند فضيلة شيخ الأزهر في فتواه على القياس على قذف المحصنات الوارد في قوله تعالى :(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور:4.

وقد انتقد عدد من علماء المسلمين هذه الفتوى، واعتبروها فتوى سياسية تخدم النظام وشخص الرئيس، وأنها جاءت تقوية لاتجاه الدولة لتقليص دور الصحافة بمصر وكبتا لحرية الصحافة، خاصة بعد محاكمة عدد من الصحافيين الذين روجوا أنباء عن صحة رئيس الجمهورية.

  • وقد استند الفقهاء الرافضون لهذه الفتوى على عدد من الحجج والأدلة الشرعية، من أهمها: 

أن قياس شائعات الصحافيين على قياس قذف المحصنات قياس خاطئ، فليس هناك تشابه بين الأمرين، ونقد الشخصيات العامة ليس قذفا للمحصنات.. وهو ما ذهب إليه الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر سابقا.

  • الأمر الثاني:

أن القرآن سمى الذين يروجون الشائعات في المجتمع المسلم “المرجفين” كما قال تعالى : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا) الأحزاب: 60، ولم يقل فقيه واحد أن عقوبة الإرجاف الجلد ثمانين جلدة، بل هي تدخل في  باب التعزيرات الشرعية التي يحددها القاضي المسلم العدل حسب تقديره.. وهو ما ذهب إليه الدكتور أحمد السايح أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر .

  • الأمر الثالث:

أن تخصيص الصحافيين بالفتوى تخصيص لا دليل له من الشرع، فالأصل أن تكون العقوبة على كل من يروج الشائعات لا أن توجه لطائفة معينة تقصد بالحكم، لأن الحكم إنما يكون على الأفعال لا على الأشخاص.. وهو ما قال به فضيلة الشيخ فرحات المنجي رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا.

  • الأمر الرابع:

أن مقصود الفتوى هنا هو مساندة النظام، فهي فتوى سياسية أكثر منها فتوى شرعية، يقصد منها إرضاء النظام، ولكنها لم تصب الهدف، كما قال بهذا كل من الدكتور عبد الصبور شاهين والشيخ محمود عاشور.

  • الأمر الخامس:

أن القول بجلد الصحافيين ثمانين جلدة قول تفرد به شيخ الأزهر ولم يقل به أحد من علماء المسلمين في العصر الحديث، وهو يعد من باب الاجتهاد الخاطئ.. وقد قال بذلك الدكتور عبد الصبور شاهين.

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى