فقهيةقضايا معاصرة

حرمة قتل المدنيين عند فقهاء الإسلام

يسأل السائل ما حكم قتل المدنيين بين حاخامات اليهود عند فقهاء الإسلام:

  • د. مسعود صبري

ربما لا يلحظ كثير من الناس ما للفتوى في دولة الكيان الصهيوني من أثر كبير في دعم الاحتلال، مما يؤكد ما للدين من دور في الدولة اليهودية، وأن الدين “العقيدة اليهودية” ركيزة أساسية في سياسات الدولة وتحركاتها.

و تقوم فتاوى الحاخامات بالغطاء الشرعي للانتهاكات التي تظهر من الكيان الصهيوني من قتل وهدم وتشريد، ومن ذلك الفتوى التي صدرت من مجموعة من كبار الحاخامات في إسرائيل صباح اليوم الأربعاء 5/3/2008م  والتي تبيح لجيش الاحتلال الإسرائيلي قصف التجمعات المدنية الفلسطينية؛ وما يترتب عليها من قتل للمدنيين بدعوى الرد على إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية.

و السياق الزمني لهذه الفتوى يتزامن مع ما قامت به دولة الاحتلال من هجوم على قطاع غزة، وما أسفر عنه من استشهاد ما يزيد عن مائة فلسطيني نصفهم من المدنيين، وجرح أكثر من 350 شخصا.

وتنص الفتوى على أنه “عندما يقوم السكان الذين يقطنون في مدن تتاخم مستوطنات ومدن يهودية بإطلاق قذائف على المستوطنات اليهودية بهدف إحداث القتل والتدمير، فإن التوراة تجيز أن يتم إطلاق قذائف على مصدر النيران حتى لو كان يتواجد فيه سكان مدنيون”.

ويرى الحاخامات أنه “يتوجب أحيانًا الرد بالقصف على مصادر النيران بشكل فوري وبدون إعطاء الجمهور الفلسطيني إنذارًا مسبقًا“، و أن الجيش مطالب بإنذار الناس بشكل عام بأنه في حال إذا انطلقت أي قذيفة من أي تجمع سكاني فلسطيني، فإن هذا التجمع سيتعرض للقصف بشكل فوري.

وأنه في حال إذا كان المدنيون الفلسطينيون معنيون بالمحافظة على أنفسهم فإن عليهم أن يمنعوا مطلقي النار من القيام بذلك.

وهذه الفتوى تدعم اتجاها قويا داخل الكيان الصهيوني بالرد الفوري على التجمعات السكنية التي تنطلق منها الصواريخ دون إنذار، كاعتماد ذلك آلية في الرد على عمليات إطلاق الصواريخ.

بل أخرجت “رابطة حاخامات أرض إسرائيل” عددا من الفتاوى ضد المدنيين الفلسطينيين، أشهرها فتوى في سبتمبر 2005  تحث حينها رئيس الوزراء “شارون” على عدم التردد في المس بالمدنيين الفلسطينيين خلال المواجهات المندلعة في الأراضي المحتلة.

وجاء في نصها: “نحن الموقعين أدناه، ندعو الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي إلى العمل حسب مبدأ، من يقم لقتلك، سارع إلى قتله“.

وأضافت الفتوى أنه: “لا وجود في العالم لحرب يمكن فيها التمييز بشكل مطلق بين المدنيين والجيش، لم يحدث ذلك في الحربين العالميتين، ولا في حرب الولايات المتحدة بالعراق، وحرب روسيا في الشيشان، ولا في حروب إسرائيل ضد أعدائها، قومية تحارب قومية، قومية تنتصر على قومية”. وترى هذه الرابطة أنه لا حوار مع المسلمين إلا حوار الدم والقتل.

ومن خلال قراءة الفتاوى نجد أن الأصول التي استند عليها حاخامات الكيان الصهيوني، هو أن مجرد التهديد المظنون يبيح لليهود قتل من يظن أنهم يهددونهم – حسب زعمهم.

كما أنه لا يرون الرد بالمثل، وإنما يرون أن مجرد الاعتداء ولو كان ضعيفا يبيح الاعتداء على الغير.

كمان أنهم – حسب زعمهم في شريعتهم- يجوز لهم قتل الصبيان والنساء والشيوخ الذين لم يشارك المجاهدين في قتالهم، بل يحملونهم المسئولية، وأنه واجب عليهم إن أرادوا الحفاظ على حياتهم أن يمنعوهم من إطلاق القذائف.

قتل المدنيين عند فقهاء الإسلام

المتتبع لأقوال الفقهاء في الإسلام، فيرى حرمة قتل النساء والشيوخ والصبيان، إلا في الأرض التي احتلت واغتصبت من المسلمين، فهؤلاء يكونون حربيين باحتلالهم الأرض.

وقد جاء النهي صريحا عن قتل الصبيان والنساء والشيوخ، ففرق بين المدنيين والعسكريين، وهذا من الأمور المجمع عليها بين فقهاء الإسلام.

بل يحصر فقهاء الإسلام الحرب مع اليهود في الأرض المحتلة وليس مطلق اليهود في العالم، وهو ما يراه المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث أنه ليست هناك حرب قائمة بيننا كمسلمين وبين كل يهودي في العالم باعتباره يهودياً. بل المعركة قائمة بيننا وبين الاحتلال الصهيوني . ومن حقنا الدفاع عن أرضنا، أما اليهودي الذي لا يعيش في الأرض المحتلة، ولا يستجيب للدعوة الصهيونية بالهجرة ولا  يتمتع بالجنسية الإسرائيلية ، فليس في الإسلام ما يوجب قتله.

ويرى مولوي أن اليهود المقيمون داخل الأرض المحتلة والذين يحملون الجنسية الإسرائيلية جميعاً مشتركون بالعدوان علينا ومن حقنا أن نحاربهم جميعاً لكن الأعراف العالمية اليوم تحصر القتال بالعسكريين دون المدنيين.
وعندما تلتزم إسرائيل بذلك نرى من واجبنا أن نلتزم به لإنقاذ الشيوخ والأطفال والنساء من أعمال القتل.
أمام هذا الواقع نقول: إن المعاملة بالمثل مشروعة والله عز وجل يقول: “وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به”، وبالتالي فإنه يجوز لنا أن نقاتل ونقتل كل يهودي إسرائيلي حتى إذا تراجع الصهاينة عن قتل المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ يمكننا عند ذلك أن نتراجع عن المعاملة بالمثل.
ويبني الدكتور نزار عبد القادر ريان أستاذ مشارك في علم الحديث بجامعة غزة جواز قتل كل يهودي على أرض فلسطين دون غيرها أن اليهود رجالا ونساء مجندون، وأن أولادهم مدربون من سن رياض الأطفال على العسكرية وكراهية العرب والمسلمين ومحمد (صلى الله عليه وسلم)، ويرون كل عربي محمدا (صلى الله عليه وسلم).

وأن الأصل النهي عن قتل النساء، وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال حين رأى امرأة قتيلة: “ما كانت هذه لتقاتل”، أما إن قاتلت فليست بمدنية.
و ينفي الدكتور جلال يوسف الشرقي من علماء الأزهر وصف المدنية عن دولة إسرائيل، لأنهم كلهم يعتبرون محاربين ومغتصبين لأرض الإسلام، وإنما نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن قتل الشيوخ والنساء والأطفال والرهبان الذين في بلادهم، وعندما يداهمهم المسلمون في بلادهم لنشر الإسلام.

ويتأسس رأي فقهاء الإسلام على النحو التالي:

أن الأصل أنه لا يجوز قتل المدنيين رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا، وإنما يقاتل من كان في ميدان المعركة.

أنه يجوز قتال كل من احتل الأرض وترك دياره وأخذ ديارنا، لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة وطفل وشيخ.

أن الاحتلال الذي احتل أرضنا إن ابتعد عن قتل الشيوخ والأطفال والنساء، كان علينا ترك قتالهم، مع كونهم محتلين، وإنما تكون القاعدة هي المعاملة بالمثل.

للمزيد عن حرمة قتل المدنيين من حاخامات اليهود اقرأ ايضا

هل يجوز التطبيع مع اليهود 

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى