- السؤال:
حث الإسلام على غض البصر بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء، لكن ما هي حدود غض البصر بالنسبة للرجل، حيث إنني أواجه في عملي وفي بعض الوزارات عند مراجعتي لها نساء متفاوتات في نوعية اللباس، منهن كاملة اللباس الشرعي، من نقاب ولباس فضفاض صفيق، ومنهن سافرات كاشفات عن رؤوسهن وعن أجسادهن، فإذا كنت أتعامل معهن لإنجاز معاملة ما، وأنظر إليهن دون شهوة (فقط لإنجاز المعاملة) فهل في ذلك إثم عليّ؟ وإن كان النظر لشهوة تتولد بعد النظر فهل هناك إثم؟
- الجواب:
غض البصر عن عورة غير الزوج والزوجة واجب على كل مسلم ومسلمة، وهو صرفه لنظره عن التطلع إلى عورات الآخرين عن قصد، أما النظر غير المقصود وهو نظر الفجاءة فلا يحرم دفعًا للحرج، لأنه يتعسر اتقاؤه، والحرج مرفوع شرعًا، بقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
إلا أنه يجب على من امتد نظره فجأة إلى عورة لا يحل النظر إليها أن يصرفه عن ذلك فورًا ولا يستمر فيه، بشهوة كان أو بغير شهوة على قدر إمكانه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: «يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ» رواه الترمذي وحسنه.
إلا أن المسلم إذا احتاج إلى النظر في أمر ضروري أو حاجة، كنظر الطبيب إلى العورة إذا كانت محل المرض، ونظر القاضي إلى المدعي والمدعى عليه والشهود عند التقاضي، ومنه نظر الرجل إلى المرأة في حالة البيع والشراء ومتابعة المعاملات الرسمية وما أشبه ذلك، فإنه جائز في حدود الضرورة والحاجة، دفعًا للحرج المرفوع شرعًا كما تقدم، إلا أن على الناظر في هذه الحال أن يتنزه عن قصد الشهوة حال النظر، ولا يقصد التفكر فيه بعده دفعًا للشهوة، فإذا وقعت الشهوة بعد النظر بغير قصد منه، بل مع مغالبته لها، لم يأثم، لعدم القصد، ولاستفراغ الجهد في الدفع، والله أعلم.
- مجموعة الفتاوى الشرعية