التكنولوجيا والإعلامالفتاوىدار الإفتاء المصريةهيئات ودور الفتوى

حكم استخدام تقنية الموبايل للدفاع عن الرسول

  • السؤال:

سؤال من المهندس محمود الدبعي رئيس مجلس مسلمي السويد للصفحة الدينية مفاده: “هالني تطاول بعض الغربيين على رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- تارة بالرسوم المسيئة، وأخرى بالطعن والتجريح في شخصيته وسيرته العطرة، ففكرنا في طريقة ندافع بها عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، فهدانا الله إلى إنفاذ مشروع دعوي عبر استخدام تقنية الموبايل، يتضمن إرسال نص القرآن الكريم، وملخص السيرة النبوية، والشبهات التي يثيرها هؤلاء المغرضون وردود علمائنا الأفاضل عليها؛ حيث تبث هذه المواد عبر أجهزة الموبايل خلال تقنية حديثة وبالتعاون مع أهل الخير في السويد.

علما بأن المشروع غير ربحي وغير تجاري وسيتم بالمجان كاملا؛ حيث تبرع أحد الميسورين من الأمة لهذا المشروع.

والسؤال: هل هذه الطريقة مشروعة ومقبولة في الدفاع عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ وهل نحن مأجورون عنها عند الله تعالى؟

 

  • الجواب:

الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أوجب الواجبات الدينية، وهو أعظم قربة يمكن للمسلم أن يتقرب بها إلى الله سبحانه، والله تعالى إنما ينصر المسلمين عندما ينصرون نبيهم -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقد علمنا الله تعالى أن نصرة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إنما تكون بتطبيق منهجه القويم في المنشط والمكره وفي السلم والحرب، وعلمنا أن من أكبر مظاهر النصرة لرسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن ننصره في أنفسنا بالثبات على المبادئ والمثل والقيم، وعلمنا أن يكون نصرنا بناء لا هدما، وأن لا ننشغل في ردود أفعال غير محسوبة تهدم ما يبنيه المسلمون من جسور التواصل مع العالمين، وأن تكون هذه الإساءة دافعا لنا إلى الثبات على الحق، والاستمرار في تحقيق مراد الله تعالى من خلقه بالعبادة والعمارة والتزكية، قال تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ[٩٤] إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ[٩٥] الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ[٩٦] وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ[٩٧] فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ[٩٨] وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ[٩٩]﴾ [الحجر: 94 – 99].

وعلمنا الطريقة السوية التي ترى الحكمة في مآلات الأمور وتستخرج الخير من الشر، حيث يقول سبحانه وتعالى في حادثة الإفك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ﴾ [النور: 11].

وبذلك تكون الرؤية المتأنية في مواجهة مثل هذه السفاهات والإساءات خير عامل للاستفادة من هذا الموقف الصعب، ونهتبلها فرصة سانحة لنصرة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بنشر سيرته الشريفة وأخلاقه العظيمة وشمائله العطرة، بل ونتمثل خلقه الكريم في كيفية الرد على السفهاء، والعدل في الحكم بين الناس حتى لا نأخذ أحدا بجريرة أحد، لنصنع من تأسينا بأخلاقه صورة مشرقة في العالمين، ونكذب بذلك كل افتراء يفتري به المفترون على الإسلام ونبيه وأمته، فتنقلب بذلك المحنة إلى منحة.

والإساءة إلى جناب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بدأت قديما منذ بعثته الشريفة، ومع ذلك لم يزدد الإسلام إلا انتشارا؛ فإن الناس يستمعون إلى الافتراء والكذب حول الإسلام ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- يبادرون بالاطلاع عليه، ويرغبون في معرفة حقائقه، فيكتشفون الكذب والبهتان وينقلبون إليه مناصرين للمسلمين ودينهم، وبعضهم ينبهر بهذه الحقائق فيدخل في الإسلام، وهذا هو الذي يحدث عبر التاريخ في كل مكان، حتى أصبح المسلمون أكثر أهل الأديان عددا من غير حول منهم ولا قوة، والله تعالى كما يرفع مكانته عليه الصلاة والسلام بصلاة المصلين وطاعة الطائعين له فهو كذلك يرفع قدره ومقامه بإساءة هؤلاء السفهاء إلى جنابه الشريف؛ فهو -صلى الله عليه وآله وسلم- يزداد شرفا ورفعة بطاعة الطائعين وتكذيب المكذبين.

وهذا المشروع الدعوي الذي يستخدم تقنية الموبايل في إرسال نص القرآن الكريم، وملخص السيرة النبوية، والشبهات التي يثيرها هؤلاء المغرضون وردود أهل العلم عليها لهو من أنفع الوسائل وأحسنها وأكثرها ثوابا في نصرة المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- والدعوة إلى الله تعالى، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول لسيدنا علي كرم الله وجهه لما وجهه إلى خيبر: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» متفق عليه.

فهنيئا لهؤلاء الكرام بما وفقهم الله تعالى من نصرة نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأجزل الله مثوبتهم في الدنيا والآخرة، وجزاهم على ذلك خير الجزاء.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

  • المبادئ:

1- الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أوجب الواجبات الدينية.

2- استخدام تقنية الموبايل في نصرة المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- والدعوة إلى الله تعالى، من أنفع الوسائل وأحسنها وأكثرها ثوابا.

  • دار الإفتاء المصرية

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى