الأطعمة والأشربةالعاداتالفتاوى

الآيس كريم الذي به كحول

  • السؤال:

ما حكم الآيس كريم الذي يحتوي على كحول ، هل يجوز لنا تناوله في بلاد الغرب؟

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أحل الله تعالى الطيبات للمؤمنين، وحرم عليهم الخبائث وكل ما فيه ضرر، فقال تعالى: “ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث”، وقال تعالى: “كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون”، وقال أيضا: “ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا”.

وقد جعل الله تعالى المحرمات عموما – وفي الأطعمة والأشربة خصوصا- ضيقة محصورة، فقال :”قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”،

وفي الأشربة قال: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ“، وقال صلى الله عليه وسلم: “ما أسكر كثيره، فقليله حرام”، والكحول من المسكرات، وكل ما غلب عليه، كان محرما.

أما كون الكحول يدخل في صنع الآيس كريم، وأن بعض هذه المكونات تستحيل، وبعضها يبقى، فإن الاستحالة اختلف الفقهاء المعاصرون في الحكم عليها، والراجح أنها تحرم، لعدم الحاجة إليها، ولأنهم يفعلونها، لأن المجتمع الغربي اعتاد على السكر والشرب، وليس في وضع الكحول على الآيس كريم فائدة مرجوة، والذي يتناولها ليس مريضا، لأن الآيس كريم ليس دواء، مع اختلاف الفقهاء في جواز التداوي بمحرم، وأن الراجح حرمته أيضا، فإذا جمعنا كل هذا، قلنا:

لا يجوز أكل الآيس كريم الذي يحتوي على الكحول، ولأنه ليس هناك داع إليه، وأن المسلم في الغرب لن يصاب بضرر أو أذى في جسده إن تخلى عنه، كما أن هناك أنواعا أخرى ليس فيها كحول، وإن لم يوجد إلا هذا النوع، فيجب تجنبه، تربية للمسلمين على عدم الاجتراء على الحرام، وإن كان الحال الذي نتحدث فيه عن الآيس كريم، وهو من الأمور الترفيهية، ولا يتوقف عليه حياة الإنسان، فماذا نقول في الذبائح والأطعمة الأساسية التي لا يستغني عنها الإنسان في الغرب.

كما أن الله تعالى قد أمر بمجاهدة النفس، ووعد من يجاهدها بالثواب العظيم، فقال: “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين.” وإن كان الإنسان بطبعه قد يعافى أن يأكل أو يشرب شيئا مباحا، فكان من الواجب الابتعاد عن كل ما فيه شبهة حرام، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: “إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام”، فاستبرئ لدينك، واحفظه من هذه الأمور غير الأساسية في حياة الإنسان، واستبدل الحرام بالمشروبات المباحة، وما أكثرها، حفاظا على دينك.

وانتظر ثواب الله  تعالى لك في الجنة، (أنهار من خمر لذة للشاربين) (يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم).

نسأل الله لنا ولك حفظ ديننا، وفي الجنة صحبة نبينا صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى