استشاراتتقوية الإيمان

أريد دعاءكم لأكون من المسلمين

  • السؤال:
أنا غير مسلمٍ وأحتاج للدعاء بشدة لأن أكون من المسلمين.
  • الجواب:

اللهم مالك الملك، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين، نسألك بفضلك العميم، ورحمتك الواسعة.. اللهم اهد أخانا نور، وطهر قلبه، واغفر ذنبه، ودُلَّه عليك، وقربه إليك، اللهم حبب إليه الإسلام والإيمان، ونور له قلبه، اللهم يسر له سبيل العودة إليك، وخذ بقلبه إليك أخذ الكرام عليك، وأنقذه اللهم من الشرور والظلمة، وتفضل عليه بالهداية والرحمة.. يا أرحم الراحمين، يا أكرم المسئولين، يا رب العالمين.. آمين آمين.

أخي الحبيب؛
على قصر رسالتك التي لم تكمل السطر الواحد، لكنَّها كبيرةٌ وعظيمة، لأنها لخَّصت رسالة الإنسان في الحياة، وهو أن يعبد الله تعالى على الوجه الصحيح الذي ارتضاه الله لعباده حين قال: {إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَـٰمُوهو سبحانه القائل: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلْإِسْلَـٰمَ دِينًۭا}، وهو القائل سبحانه: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}.

وكل إنسانٍ في هذه الحياة يرسل الله تعالى له رسائل في حياته، تجعله يعرف الحق ويتجه إلى دين الله تعالى الصحيح، ولذا يقول الله تعالى عن الإنسان: (وهديناه النجدين) أي أوضحنا له طريق الإيمان وطريق الكفر، وهو الذي يختار بنفسه لنفسه.

يا أخي؛
إن من أرسل الله تعالى له رسالةً يفتح له فيها طريقًا لمعرفة الحق، فليعلم أن الله تعالى يحبه، ويريد له الخير، فلا يتردد في هبة الله تعالى له، من أن يخرجه من الظلمات إلى النور، وأن ينقذه من عذابه، فليسارع لقبول هبة الله له.

ومن أراد أن يدخل الإسلام.. فأول الإسلام أن يستشعر المرء توحيد الله تعالى في قلبه، وأن يؤمن به إلهًا واحدًا لا شريك له، ولا ولد له، ولا مثيل له {لَيْسَ كَمِثْلِهِۦ شَىْءٌۭ ۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ}، ثم ينطق بالشهادتين قائلاً: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ولا يشترط في ذلك أن يجهر الإنسان بالشهادة أمام أحد، فلو نطقها بينه وببين ربه لكان مسلما، فهو سبحانه مطلع على السرائر، وفي الحسب أنَّ هناك الكثير ممن كانوا على ملةٍ أخرى غير الإسلام، أسلموا لله تعالى بعد أن عرفوا الحقيقة ولكن يمنعهم بعض العوائق التي تحول بينهم وبين جهرهم بهذا.. ثم بعد ذلك يبدأ بالعلم الذي يتبعه العمل، فيلتزم من يعلمه أمور دينه، ويجتهد في تنفيذ ما يتعلمه حتى تترسخ قيمة ما هو عليه من الخير في داخله.

على ألا يكون هذا هو الأساس، فإعلان الإنسان الإسلام يدخله أمام الناس –بعد الله– داخل المجتمع المسلم، فيكون له ما لهم من حقوق، وعليه ما عليهم من واجبات، وأن يعيش الإنسان في مجتمعٍ مظهرًا نعمة الله تعالى عليه بالإسلام، وأن يفخر بهذا الدين وانتمائه إليه، وأن يسعى لنشره بين العالمين.

أخي الحبيب؛
إن من حكمة الله تعالى أنه يخلق عباده كلهم مؤمنين، ثمَّ تتدخل العوامل الأخرى لتغيّر دين الفطرة، وهذا ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلّ مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه، أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه) رواه البخاري.
وقد حكى بعض القساوسة ممن أسلم أنه لم يُعمَّد في الكنيسة منذ ولادته إلى أن بلغ إحدى عشرة سنة، ولما ذهب به والده وأمه ليعمداه، زجرهما القسيس، وقال لهما: “كيف تتركانه مسلمًا طوال هذه الفترة دون أن يُعمَّد”.
وهذا يدلِّل على أنَّ الله تعالى يخلق عباده مؤمنين، ثمَّ يتمُّ تغيير الدين من خلال الآباء والأمهات أو غيرهم.
والدليل على ذلك أيضا، أنَّه عندنا في الإسلام أنَّ أبناء المشركين في الجنَّة، لأنَّهم مؤمنون بفطرتهم التي خلقهم الله تعالى عليها.

ثمَّ إنَّ الإسلام الذي جعله الله تعالى خاتم الرسالات، ليس للمسلمين في ذلك شيء، بل هو أمر الله تعالى، فهو الذي جعل آدم أبا البشر، وإبراهيم أبا الأنبياء، ثم أرسل الرسل تباعا، كما قال تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا}، فهو سبحانه الذي جعل موسى عليه السلام قبل عيسى عليه السلام، ثم ختم الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم، وليس لموسى أو عيسى أو محمد عليهم الصلاة والسلام دخلٌ في هذا فهم عباد الله، والله -كما قال-: {أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ
ولو كان موسى وأمته آخر الأنبياء والأمم، وكان محمد صلى الله عليه وسلم من السابقين عليه وأمته، لكان واجبًا علينا أن نتَّبع موسى، لأن هذا أمر الله.
فأمر الرسالات والأديان ليس للرهبان ولا للقساوسة، ولا للشيوخ والعلماء في أمة محمد، وإنما هو لله، ولذا يقول الله تعالى: {وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِ}.

إنَّ جعل محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ليس فيه فضلٌ لمحمد بن عبد الله، وإنّما هذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن كان معترضًا على كون الإسلام آخر الرسالات السماوية لأهل الأرض، ومعترضًا على كون محمد خاتم النبيين، فهو اعتراضٌ على أمر الله لا اعتراض على المسلمين إذ لا دخل للمسلمين في هذا، بل كما قال تعالى: (قل إن الأمر كله لله).. نعم الأمر كله من بدئه إلى نهايته لصاحبه، وهو الله سبحانه وتعالى.

وإن كان الله تعالى هو الذي خلق البشر وفرض عليهم طاعته وهو حقٌّ له سبحانه لأنَّنا صنعته، ولصاحب الصنعة أن يفعل ما يشاء في صنعته، وليس لأحد أن يسأله عما يعمل، كما قال تعالى: {لَا يُسْـَٔلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَٔلُونَ}، فكان واجبًا علينا حق السمع والطاعة، فإذا قال أطيعوا موسى، كان واجبًا على أهل زمن موسى أن يؤمنوا به رسولاً من عند الله، وإذا قال: أطيعوا عيسى، كان واجبًا على الناس زمن عيسى أن يؤمنوا به، وإذا قال: آمنوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهو رسولي الخاتم إليكم، وهو مهيمنٌ على الرسالات والكتب السابقة عليه كلها، كان واجبًا على العالمين أن يستسلموا لله تعالى مع محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما فعله إبراهيم عليه السلام فيما حكى عنه القرآن الكريم: {إِذْ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ}.

إن البشر حين يؤمنون برسالة نبي فإنهم لا يؤمنون للنبي، وإنما يؤمنون بالله مع النبي، وهذا ما فعلته بلقيس حين أسلمت برسالة سليمان عليه السلام حيث قالت: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَـٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ}، فنحن نسلم مع الأنبياء لله، وليس للأنبياء ذواتهم.

ومن عظيم ما يحكى أن أحد الأمراء أتى براهبٍ من اليهود، وقسيسٍ من النصارى، وعالمٍ من المسلمين، فقال لهم: أخبروني، أيكم يدخل الجنة؟ فقال راهب اليهود: نحن ندخل الجنَّة لأنَّنا آمنَّا بموسى كليم الله، وأخذ يُعدِّد في مآثره عليه السلام، وقال القسيس: نحن ندخل الجنة، لإيماننا بعيسى، وأخذ يُعدِّد مآثره عليه الصلاة والسلام، ثم قال العالم المسلم: إن كان اليهود سيدخلون الجنة لإيمانهم بموسى، فنحن سندخل معهم لأنَّنا نؤمن بموسى عليه السلام، وإن كانت النصارى سيدخلون الجنة لإيمانهم بعيسى، فنحن سندخل معهم، لأنَّنا نؤمن بعيسى عليه السلام، ونحن نفضل عليهم بإيماننا بمحمد صلى الله عليه وسلم.

إنَّ الإسلام يحمل في طيَّاته جميع الرسالات، كما قال تعالى: {ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍۢ مِّن رُّسُلِهِۦ ۚ وَقَالُوا۟ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ}.
وهذا الجمع لتعاليم الرسالات السماوية كلها في الإسلام يرجع إلى طبيعة كونه خاتم الأنبياء والمرسلين، ولأنه ليس بعده رسالة، فكانت له هذه الطبيعة الجامعة، ليكون صالحًا للناس في كل زمان ومكان، ويقوم الناس لربهم على التوحيد والدين الخالص الذي ارتضاه للعالمين من الإنس والجن.

ويكفي الإسلام أنه الرسالة السماوية الوحيدة التي لم تُحرَّف ولم تُبدَّل، فهي كما هي كما نزلت من عند الله تعالى، وهذا يتمثل في القرآن الكريم، إذ هو الدستور الأول للإسلام الذي لم تنله يد التحريف والتبديل، فالكلمة الوحيدة التي تعبّر حقيقةً عن كلمة السماء لأهل الأرض هي القرآن الكريم.

إن في الإسلام كل ما يبحث عنه الناس فيما يخص المعتقدات والإيمان وتنظيم شئون الحياة، وكل ما يتعلق بشئون الفرد والجماعة، وشئون المجتمع والأمة الداخلية والخارجية.

أخي؛
إن أردت الإسلام، فأحسب أنَّ الإيمان بدأ يطرق باب قلبك.. فافتح له بنطق الشهادتين ولو بينك وبين ربك.

ونحن نرحب بك أخا لنا في الله تعالى.
ونرجو أن توافينا بأخبارك.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى