استشاراتالشبهات

العلم الشرعي قبل إشهار الإسلام.. العمل أولا

  • السؤال:
الأستاذ مسعود صبري السلام عليكم، أنا صاحب استشارة “أنا مسيحي وأسأل: ماذا تقدمون للمسلم الجديد؟“.

لك مني أخي خبر سار، لقد اعتنقت الإسلام في شهر رمضان الماضي، وأعد نفسي لإشهار إسلامي، والحمد لله؛ فهناك كثيرون يقفون معي. وأشكرك لاهتمامك بالرد، لكني أريد أن أتعلم الإسلام على يد متخصصين على درجه عالية من العلم والدراسة..

 وشكرا.

 

  • الجواب:

 

أخي في الله عماد..

كم أثلجت صدري وصدور كثير من إخوانك المسلمين بهذا الخبر السار، وأحب أن أخبرك أن التوحيد هو من أهم الأمور التي لا يستطيع الإنسان أن يسلبه من آخر؛ فالتوحيد بينك وبين ربك سبحانه وتعالى، والله تعالى هو وحده الذي يحاسب العباد؛ فوعاء التوحيد القلب، والقلب لا يطلع عليه أحد إلا الله تعالى، ولهذا فإن الله تعالى قال على لسان إبراهيم -عليه السلام-: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌۭ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍۢ سَلِيمٍۢ}. فيمكن لكل إنسان أن يمتلك العقيدة التي يريدها دون إجبار من أحد، حتى لو لم يظهرها؛ فالظهور هنا لا يغير الحقيقة؛ لأن الحقيقة المطلقة لا يعرفها إلا الله تعالى، ولا يحاسب عليها إلا هو، وإن كان الظهور مهما؛ حتى يستطيع الإنسان الأداء المناسب للإسلام، فيقيم الشعائر علنا، فأداء الصلاة في المسجد غير أدائها في البيت، وتعامل الناس معك كمسلم يجعلهم يستشعرون الأخوة بينك وبينهم، بما في ذلك من الحميمية الخاصة، والسعي لأداء الحقوق لأصحابها، وما يترتب على الإسلام من معاملات تختلف من مسلم لغير مسلم، كل هذا يدفع للإعلان والإشهار، ولكن قبله قرار القلب بالإيمان.

أما فيما يخص تعليم الإسلام على يد متخصصين، فأحسب أنه مرحلة متقدمة بالنسبة لك، وإن لم أمانع في هذا، ولكن يهمني في المقام الأول أن تعيش الإسلام قلبا وروحا؛ بمعنى الإسلام “اليسير” المطبق العملي، لا الإسلام الأكاديمي الذي يهتم بالدراسات والأبحاث؛

فهذا الإسلام العملي يهتم بالتوحيد الخالص لله، والبعد عن كل ما فيه شرك، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، وأداء الفرائض من الصلاة والزكاة عند امتلاك النصاب، والصيام، والحج عند الاستطاعة، وحسن الأخلاق وصلة الرحم والتحلي بالفضائل والبعد عن الرذائل، وحب الناس، والسعي لقضاء مصالحهم، والبشاشة عند اللقاء، والإتقان في العمل، والصدق في الحديث، والقوة في الأداء، وتجنب قرناء السوء، وألا يدخل جوفك حرام.

 وفي الجملة: أن تجعل بينك وبين عقاب الله حاجزا بترك المحرمات، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “اتق المحارم تكن أعبد الناس”، وأن تحسن الصلة بينك وبين الله تعالى؛ فتناجيه في كل أمرك، وتكثر من الصلاة والوقوف بين يديه، وأن تعقد صحبة مع كتابه، وتملي عينيك بنوره؛ فيكون معك في حلك وترحالك، ولا يزال لسانك رطبا بذكر الله؛ فكن مع الله دائما بقلبك إيمانا، وبسلوكك تصرفا حسنا، وأحسن إلى الناس جميعا، ولا تنس أهلك، وإن كانوا على غير ملة الإسلام؛ فالإسلام لا يقطع الأنساب، ولا يبتر الأرحام، بل جعل من الإيمان وصلها، وآذن قاطعها بالقطيعة من الله تعالى؛ فهي شُجنة من الرحمن (الشجنة هي الغصن المشتبك)، مَن وصلها وصله الله، ومَن قطعها قطعه الله، وأي مسلم يحتمل قطع الله له؟!! وكأن في صلة الرحم وصلا بالله قبل أن يكون وصلا بالخلق؛ فأنت مع المخلوق بجسدك، ومع الخالق بقلبك، فلتكن مرضاة الله وجهتك دائما، وأقم وجهك له في كل حال.

وجماع ذلك كله: عقيدة سليمة، وعبادة صحيحة، وأخلاق حميدة، ومعاملات ترجو بها ثواب الله، وكل ذلك معنى قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}؛ فتوحيد الله وعبادته غاية الغايات ومنتهى الإرادات، فاشغل نفسك بما علمت؛ فاعمل به أولا، ثم تزود بعده بما يجعلك متخصصا إن شئت هذا، غير أنه ليس بواجب؛ فالإسلام هو دين الحياة، وليس دين كهنوت، فعندنا علماء شريعة ورجال قضاء وفتيا، والناس في أعمالهم لتعمير الأرض، فإذا استشكل على العاملين شيء فقد قال لهم الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.

غير أن هذا لا يمنع أن يتخصص من يشاء إذا أراد الطريق؛ ليكون ممن يَنفِرُ للعلم، كما قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍۢ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌۭ لِّيَتَفَقَّهُوا۟ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُوا۟ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓا۟ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.

 

  • وأظن في مصر -وأنت من أهلها- أماكن عديدة لتعلم العلم الشرعي ومن أهمها:

1-  الجامع الأزهر؛ فهناك يقوم شيوخ من الأزهر الشريف بتدريس العلم الشرعي بإشراف فضيلة مفتي مصر الدكتور علي جمعة، مع عدد لفيف من علماء الأزهر الشريف، كالدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور أحمد عمر هاشم رئيسها السابق، والدكتور المفكر الإسلامي حسن الشافعي رئيس الجامعة الإسلامية السابق، وغيرهم من علماء مصر والأزهر، بالإضافة على الدروس العامة فيه.

2-  مضيفة الشيخ إسماعيل صادق العدوي، وهي بقبالة جامعة الأزهر بحي الدراسة.

3-  معاهد الأوقاف وهي منتشرة في أنحاء مصر.

4-  الجمعية الشرعية، ولها فروع كثيرة؛ في رمسيس بالقاهرة والجيزة وغيرهما من المحافظات، ويمكن الالتحاق بأحد فروعها المنتشرة في الجمهورية.

5-  بعض المساجد الكبيرة؛ كمسجد النور بالعباسية، والفتح برمسيس، ومسجد مصطفى محمود بالمهندسين، ومسجد العزيز بالله، ومسجد الحصري بالعجوزة ومدينة 6 أكتوبر، وغيرها من المساجد الكبرى بمصر.

6-  جمعية مصر للثقافة والحوار بمدينة نصر ومؤسسها الدكتور محمد سليم العوا، وجمعية أنصار السنة وغيرها من الجمعيات المنتشرة.

7-  الكليات والمعاهد المصرية مثل: كلية دار العلوم، ومعهد الدراسات الإسلامية بالزمالك وغيرها من الكليات والمعاهد التي تعطي دبلومات في الدراسات الشرعية.

8-  بالإضافة إلى الدروس الأسبوعية في المساجد المصرية.

9-  مشاهدة البرامج الدينية في الفضائيات، مثل: “الشريعة والحياة” بقناة الجزيرة، وبرامج قناة “اقرأ”، مثل: “أنوار الإسلام”، و”في رحاب الشريعة”، و”على خطى الحبيب”، و”من شرفة الحرم”، وغيرها من البرامج الدينية على الفضائيات العربية.

10- التثقيف من خلال المواقع الإسلامية؛ كموقعإسلام أون لاين“، وموقع “الإسلام اليوم“، وموقع “إسلام ويب“، وموقع “إسلام واي… وغيرها من المواقع المتخصصة في التثقيف الإسلامي.

أخي عماد، هنيئا لك مرة أخرى، ولا تنسنا من صالح دعائك.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى