استشاراتتقوية الإيمان

القرآن والغناء أيجتمعان بقلب واحد؟

  • السؤال:
أنا شاب، أحفظ القرآن وفي نفس الوقت أحب الغناء! ولا أدري، كيف يكون هذا، لكن هذا هو حالي بمنتهى الصدق.. فأرجو أن ترشدوني لعلاج. وأسألكم الله أن تدعوا الله لي بظهر الغيب أن يهديني ويصلح لي أمري.

 

  • الجواب:

أخي الحبيب..

واضح من كلامك يا أخي أنك تتحدث عن الغناء القبيح، الذي يؤثر على القلب، ولهذا كانت شكواك من أن تجمع بين كلام الرحمن، وكلام الشيطان، فالغناء الذي يفسد القلب، ويدعو للرذيلة ما ينبغي أن يجتمع والقرآن في قلب واحد، ومن هنا يأتي ضرر الغناء الفاحش أنه يهدم ما يبنيه القرآن، ولا يقبل القرآن أن يكون له شريك مناقض.

ولهذا نفهم أقوال العلماء حين يقولون: إن الغناء ينبت النفاق في القلب، لم يكونوا يقصدون بالكلمات الطيبة، إنما يقصدون به المجون، ولعل ما نراه في التلفاز والفضائيات، وإذاعات الـ FM، والفيديو كليب الذي يظهر فيه العري والتخريب الفكري والعاطفي والشعوري، هذا كله واجب أن ينزه المسلم عنه عامة، وهو واجب على وجه الخصوص لمن كان يحمل كتاب الله.

وقد كان السلف الصالح يدركون أن صاحب القرآن يجب أن يكون مميزا عن غيره، فحمله للكتاب يجعله في مكانة تقربه أكثر إلى الله، قال ابن مسعود – رضي الله عنه- : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهاره إذ الناس مفطرون، وبحزنه إذ الناس فرحون، وببكائه إذ الناس يضحكون، وبصمته إذ الناس يخلطون، وبخشوعه إذ الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيا محزونا حليما حكيما سكيتا، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا ولا غافلا ولا سخابا ولا صياحا ولا حديدا” رواه الإمام أحمد.

و قال الفضيل بن عياض: حامل القرآن حامل راية الإسلام فلا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن‏.

إن المسلم يعلي كلام الله تعالى على كل كلام، لأن هذه منزلة كتاب الله، وكما ورد: فضل كلام الله على سائر الكلام، كفضل الله على خلقه.

وقد ورد في التوراة‏:‏ يا عبدي أما تستحي مني يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرؤه وتتدبره حرفاً حرفاً حتى لا يفوتك شيء منه، وهذا كتابي أنزلته إليك.. انظر كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت عليك فيه لتتأمل طوله وعرضه، ثم أنت معرض عنه أفكنت أهون عليك من بعض إخوانك؟!

يا عبدي يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغي إلى حديثه بكل قلبك، فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه أن كف وها أنا ذا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عني، أفجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك.؟

غير أن هذا لا يمنع الإنسان من الترويح عن النفس بما هو مباح، وهذا هو منهج القرآن، وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ربما أنشد مع بعض أصحابه كما هو الحال في غزوة الخندق، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحث الصحابة على نشر السعادة في الأفراح من خلال المشاركة والتهنئة والإنشاد الجميل.

وحرمان النفس من المباح قد يدفع إلى الحرام، أو يولد كبتا عند الإنسان، ومن هنا، فإن التوازن في حياة الإنسان مطلوب، المهم أن يبتعد عن الحرام، وليس هناك حرام إلا وفي مقابلة أنواع من الحلال، حتى لا يكون للناس عذر أو حجة في ارتكاب الحرام .

والنفس تختلف من شخص لآخر، فهناك من يفضل الأخذ بالعزائم، وهناك من لو أخذ بالعزيمة لانجر إلى الحرام، ولذا كان من المهم أن يعرف الإنسان شخصيته بشكل واضح، وأن يسوقها إلى طاعة الله تعالى بالمنهج الذي يتواءم معها، مادام في دائرة المباح.

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتخير بين شيئين إلا واختار أيسرهما، مالم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى