استشاراتالزواج

يريد خطبتها وتشك في دينه

  • السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا آنسة في العقد الثالث من العمر، أخاف الله وملتزمة دينيًّا شكلاً وموضوعًا، تقدم لي شاب يحمل الدكتوراة من إحدى دول الغرب التي أقام فيها فترة طويلة جدًّا، ونتيجة لذلك حدثت لديه فجوة دينيه رهيبة وصلت إلى مرحلة الشك في الغيبيات، ولكنه للحق إنسان ملتزم أخلاقيًّا إلى أبعد الحدود ولا يقدم على فعل المنهيات التي ربما يقوم بها بعض المسلمين الذين يواظبون على أداء الفروض.. رفضته عدة مرات، ولكنه مُصِرّ على الارتباط بي ويرى أن التزامي الشديد دينيًّا ربما يكون حافزًا له على تغيير حياته، وربما يكتب له الله الهداية على يدي.. صليت صلاة الاستخارة عدة مرات، وكل مرة أشعر بأني أميل للموافقة وأشعر بأن فيه خيرًا.
لا أعلم، ربما أكون بتلك الموافقة على الزواج منه سأرتكب معصية، وهو ما لا أرضاه أبدًا..
برجاء مساعدتي في تحديد مدى صحة ارتباط المسلمة الملتزمة بمن هو ما زال على دين الإسلام اسمًا فقط أملاً في مساعدته.

 

  • الجواب:

الأخت الفاضلة؛
لمست -من خلال سؤالك- من تدينك وحرصك على الدين ما يبشر بالخير، فهنيئًا لك أن وهبك الله تعالى ما حرم منه الكثيرين غيرك، فكما جاء في الأثر: “إن الله تعالى يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب”، فرزق الله تعالى لك الدين ومعرفته والالتزام به من النعم التي يجب عليك شكر الله تعالى عليها؛ وهذا الالتزام -وأقصد به طبيعة الالتزام من العقيدة والعبادة والأخلاق والسلوك- يجب أن يكون ملازمًا لنا في حياتنا، وألا تتعجلي أختي في الزواج ممن لا تأمنينه على دينك، فقرار الزواج يعد نقطة فاصلة في حياة الإنسان ويتحكم في ملامح الحياة القادمة.
ولقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من أن تتزوج المرأة غير صاحب الدين، وحذر الرجل أيضًا من ذلك، وذلك واضح من حديثي الرسول صلى الله سابقي الذكر.

وأنت ألمحت عن هذا الشاب أنه -بحكم الدراسة في الغرب- أضحى عنده شك في الغيبيات، لكن هذه الغيبيات واسعة، منها ما قد يجعل المرء كافرًا: كمن يشك في الله، ولا يؤمن به، وكذلك ما هو من أساسيات العقيدة؛ ومنها ما هو من جزئيات العقيدة التي لا يترتب عليه خروج عن الملة، ولكن قد يوصف الإنسان بالخطأ، أو بالفسوق على أكثر تقدير؛ وقد يكون الأمر مختلفًا فيه وليس من صميم الدين في شيء، وهذا قد لا يترتب عليه شيء يقدح في عقيدة الإنسان.. ونحن لا نعرف ما الذي ينكره هذا الشخص، هل هو ينكر كل غيب، أم أنه ينكر أشياء مختلفًا فيها، أم ماذا؟

فإن كان ينكر كليات العقيدة فلا يجوز لك الزواج منه أبدًا، ولو تسمى بأسماء المسلمين، فالعبرة عندنا ليست في المسميات؛ لأن العقيدة هي أساس الدين، ربما لو كان يقصر في أداء بعض النوافل أو بعض الواجبات لكان الأمر هينًا، لكن التقصير في العقيدة غير التقصير في غيرها؛ أما إن كان الأمر يتعلق بأشياء مختلف فيها لا تؤثر على عقيدته فلا بأس بأن تكون هناك فترة خطوبة، يكون هناك مجال للمناقشة والتعليم حتى يُرزق العقيدة الصحيحة بكلياتها وجزئياتها، فإن رأيت منه إقبالاً، فلنكمل الزواج بالعقد والبناء.. وإلا، فتركه أولى.

أما عن صلاتك الاستخارة، فإن المرء يجب أن يتجرد في استخارته حتى يرزق فيها رأيًا صائبًا، ومن الواضح أنك معجبة بشخصه، ولكن عندك تخوف من عقيدته، وليس سليما أن يكون الإعجاب بالشخص هو العامل الوحيد في الحكم، ولكن يجب أن ننظر إليه بكليَّته، ومن الجميل أن تقولي إنه يتعامل بأخلاق لا نجدها في كثير من الملتزمين، ولكن قبل هذه الأخلاق يجب أن تكون هناك عقيدة صحيحة؛ لأنه بغير العقيدة لا تنفع عبادات ولا أخلاق ولا سلوك، ولأن أصل الدين مبني على العقيدة.. وهل يفرق بيننا وبين غيرنا إلا الاعتقاد الصادق؟

ففي الإجابة تساؤلات قد تساعدك على الوقوف على حقيقة الأمر، وأنت أدرى بشأنك وبحال هذا الشاب، وإنما نفتح لك أبوابًا، عسى أن تكون مساعدة لك.

وفقك الله تعالى وحفظك، وحفظ عليك دينك في الدنيا، ووهبك النعيم في الآخرة، ورزقك الزوج الصالح الذي تسعدين به في حياتك، ويرافقك في جنة الله بعد الممات.

 

  • د. مسعود صبري

 

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى