استشاراتالجنس والغرام

الجرأة على الحرام

  • السؤال:
الدكتور الفاضل،
أنا شاب متزوج، والحمد لله عندي أطفال، وسعيد بهم والحمد لله.

المشكلة تتلخص في أن زوجتي فاترة وباردة جنسيا، وقد حاولت مرارا علاجها.. المهم أني أحيانا أفكر بالزواج ثانية، لكني أخشى على ضياع أولادي، وعندي استقرار أولادي أهم شيء عندي، أحيانا ألجأ إلى العادة السرية كي أستريح وأكسر شهوتي؛ خوفا على نفسي من الوقوع والعياذ بالله في جرم الزنا.

أنا والحمد لله لا أتخيل نفسي أن أضيع نفسي من أجل متعة حرام ومدتها دقائق، وقد جربت نفسي حيث إني قابلت امرأة متزوجة، واجتمعت بها وكانت تلح عليّ بالمعصية، لكني تركتها، وقلت لها: “إلا الزنا”، مع أنها في غاية الشهوة والجمال، إلا أني قلت لها لا أقبلك إلا بالحلال.

المهم أني الآن ألجأ إلى العادة السرية، وأحيانا أجعل خادمتي تفعل لي العادة السرية دون أن ألمس هذه الخادمة.. فقط هي تؤدي لي وظيفة يدي فقط.

وسؤالي جزاكم الله خيرا: هل هذا حرام أو مكروه؟
أنا أعرف أنه حرام، لكن أقول في نفسي هذا أفضل من الوقوع في إثم الزنا.. وذنب عندي أهون من جريرة الزنا.. ماذا تنصحون لي بارك الله فيكم؟

 

  • الجواب:

الأخ السائل:
جميل أن يفكر الإنسان في أن يحافظ على بيته، وأن يكون عنده مثل خوفك هذا على أولاده، ومع كونه يشتكي من زوجته في أمر يعد من الأمور الحساسة في حياته، فإن التفكير في نفسه لم يصرفه أن ينظر للموضوع بصورة كلية، وأن يحسب المعادلة جيدا، فهو الآن ليس حرا طليقا لا تبعات له، فلا بد من النظر إلى كل معطيات المعادلة الأسرية، من الزوجة والأولاد ونفسه هو.

أما ما لجأت إليه من العادة السرية، فجمهور الفقهاء على أن هذه العادة محرمة، وأجاز البعض أن يلجأ إلى هذا الحرام، إذا خاف أن يقع في حرام أشد منه خطرا، خاصة أن الزنا من المحرمات بيقين، أما العادة السرية فمحرمة باجتهاد، وليس فيها نص قاطع، فإذا غلب على ظن الإنسان أنه سيقع في الزنا، جازت له العادة السرية، من باب العمل بأخف الضررين، وأنه إن تعين حراما، أحدهما أكبر، والآخر أصغر، فيؤتى الأصغر، لتجنب الأكبر.

أما قيام الخادمة بوظيفة يدك، فهذا حرام قطعا؛ لأن الخادمة ليست الآن من الإماء، فالخادمة أجيرة تعمل بأجرها، وليست من الرقيق، وقد انتهى الرق منذ زمن، وقد سعى الإسلام منذ مجيئه إلى محاربته وإنهائه، وإنما أبقاه؛ لأنه كان وضعا دوليا، فلا يعقل أن يترك المسلمون النساء أسيرات وإماء عند العدو، ونترك نحن نساءهم، بل ربما كان من الحكمة أن يبقى، ما دامت الدول الأخرى تبقيه، حتى يتم تبادل النساء بين المسلمين وغير المسلمين، ولكن لا يجوز أن نعتبر الخادمة من الإماء، فهي إنسانة حرة مثلها مثل أي امرأة.

ولكن دعني أسألك:
هل قيامك بالعادة السرية سيعالج ما تعانيه من الفتور الجنسي لزوجتك؟ وهل تستطيع أن تتحمل هذا طول العمر؟ أقصد هل تجد راحتك الجنسية في القيام بالعادة السرية مع ما يشوبها من نهي عن إتيانها؟ أم يجب عليك أن تفكر بشكل أفضل؟

أقدر معك، أن مشكلة كل متزوج لا يجد مع زوجته الراحة النفسية وتنغص عليه حياته الزوجية هي أن يكون قد رزق أولادا منها؛ فحرص الوالد على ولده كبير، فيظل الإنسان عنده صراع، بين تحقيق رغبته، سواء أكانت الجنسية أم العاطفية، أو التوافق النفسي والروحي، وبين الحفاظ على كيان أولاده، وكذلك أيضا زوجته.

وربما يكون من الصعب اختيار قرار في مثل هذه الحالات، ولذا يجب التريث كثيرا، والتفكير بشكل كبير جدا، وإعطاء نفسك فرصة، لتبحث الاقتراحات العقلية التي يمكن أن توضع على مائدة التفكير في مسألتك، وما هو أهمها، وهي كما أرى:
الأول: السعي لعلاج الزوجة؛ فالفتور الجنسي عند الزوجات أو الأزواج من الأمراض المنتشرة بشكل ملحوظ، وله أسباب متعددة، يرجع فيها لأطباء التناسلية، وكذلك علماء النفس والاجتماع؛ لأنها قد تكون ناجمة عن بعض المشكلات النفسية، ولا يلتفت الزوجان إلى هذا.

وقد أثبتت دراسات أجريت أن ثلثي النساء يعانين من الضعف الجنسي، وأنه يزداد مع كبر السن، وأثبتت الدراسات أيضا أن واحدة من كل أربع من النساء بين سن 21-30 عاما لديها رغبة جنسية ضعيفة.

يقول فرانك هولوواي، طبيب في مستشفى هنري فورد في ديترويت:
إن العجز الجنسي لدى المرأة خلل مزعج ترغب معظم النساء في الحصول على علاج له.. لقد دهشنا من حقيقة انتشار العجز الجنسي لدى النساء وارتفاعه بينهن أكثر مما كنا نتوقع.

ويقول البروفيسور هانز بيتر زارادنيك، المتخصص في الأمراض النسائية:
إن هناك ما يكفي من المؤشرات التي تقول إن اضطراب الوظائف الجنسية عند المرأة هو أعقد من مشكلة العقم وضعف الانتصاب والضعف الجنسي عند الرجل عموما.

أما مجموعة الأعراض التي تشكل اضطراب الوظيفة الجنسية عند النساء فهي ضعف الرغبة في ممارسة الجنس، واختلال عملية بلوغ الرعشة، والمعاناة من الآلام أثناء ممارسة الجنس.

ويقول زارادنيك:
إن الأسباب الجسدية لحدوث الاضطراب الوظيفي الجنسي عند الذكور والإناث متشابهة في الكثير من الأحوال، وهي أسباب تتعلق بالأمراض المزمنة مثل داء السكري وأمراض القلب والدورة الدموية. أما الأسباب الجنسية فتتعلق بالرغبة الجنسية والليبيدو، إضافة إلى المشاكل التي تتعلق بحساسية الأعضاء الجنسية. كما تعتبر النساء عموما أكثر حساسية من الرجال فيما يتعلق بالمؤثرات النفسية والخارجية، مثل سير العلاقة الزوجية، والتوتر في موقع العمل وفي البيت والمشاكل الاجتماعية الأخرى.

وتقول البروفيسورة “أنكه روده” من العيادة النسائية التابعة لجامعة بون، والتي شاركت في الدراسة التي أعدها مجلس فرايبورغ:
إن العديد من النساء الصحيحات جسديًّا يعانين من اضطراب الوظائف الجنسية، ويعانين كذلك من ضعف الرغبة في ممارسة الجنس. وتميل هؤلاء النساء إلى الخجل من عيادة الطبيب ويتصرفن على هذا الأساس، كما يخجل الرجال من مصارحة أطبائهم بمشاكل الضعف الجنسي الذي يعانون منه.

وهذا البرود الجنسي قد ينجم من طبيعة المرأة، أو قد يكون بسبب ألم الجماع، أو من كثرة الحمل والولادة وغير ذلك من الأسباب، والتي يمكن علاجها من خلال معرفة الثقافة الجنسية والقراءة فيها، مع متابعة العلاج مع الطبيب المختص.

الثاني: التفكير في وسيلة تشبع رغبتك الجنسية، إذا ثبت أن زوجتك صعب علاجها، أو أن هذا شيء فطري فيها، بمعنى أن عندها فتورا جنسيا طبيعيا؛ لأن الشهوة تختلف من إنسان لآخر، وقد يكون الإشباع عن طريق الزواج الثاني، بشرط أن تعرف من نفسك العدل بين الزوجتين، ومن الأفضل أن تناقش الأمر مع زوجتك، حتى تفهم أنك أقدمت على هذا من باب أنه علاج لمرض، مع إعطاء كل زوجة حقها.

الثالث: أن تفكر في مدى حاجتك إلى الرغبة الجنسية، وهل يمكن التشاغل عنها، والاكتفاء بالزوجة مع العلاج.

وقد يكون هذا التشاغل عن طريق تنظيم الإنسان في طعامه وشرابه، والابتعاد عن الأطعمة المهيجة للشهوة، وممارسته للرياضة، حسب حالته واحتياجه للشهوة العارمة.

الرابع: أن تمارس ما تريد فعله مع زوجتك، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمتع بزوجاته وقت الحيض، فتربط إحداهن موضع الحرث، ثم يتمتع بجسدها، وقد نفى بذلك ما كان يشاع في اليهودية وغيرها من أن المرأة وقت الحيض نجسة يجب اجتنابها، فإن كان هذا وقت الحيض، فيمكن الاستمتاع بها قبل الإنزال بشكل كبير، ثم تكون فترة الاستمتاع المباشر قليلة، بحيث تكون قبل الإنزال بفترة قصيرة.

هذه بعض الاقتراحات، أتمنى أن تجد فيها شيئا نافعا، يساعدك على أن تختار لنفسك الأصلح، وأنت أعلم الناس بنفسك، وإنما أردنا أن ننير لك الطريق. ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك، وأن يقدر لك الخير.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى