استشاراتالجنس والغرام

النكاح في الدبر. اللذة العمياء مشاركة

  • السؤال:
قد أبدو متحررا بعض الشيء في رسالتي.. إلا أنني أحب الحقيقة التي لا تستتر..
الإنسان مشكلة كبيرة جدا، فهم دوافعه وتصرفاته يخضع للكثير من التأويل والتعليق. ومن رأيي أنه سيبقى مشكلة مفتوحة لا يمكن تقييمها.

من وجهة نظري الخاصة.. أعلم أن هذه الفعلة محرمة.
إلا أنني لا أستطيع مثلا عن نفسي قمع تصورها.

إنني أشك أنني إذا أُتيحت لي الفرصة أنني سأكون أقرب إلى الوقوع فيها.. خاصة وعند تخيلها مع البنات الأصغر سنا لماذا لا أدري؟

لكنني أجد أكثر التفاسير المقبولة لدي أن الجسد الأنثوي قيمة غالية وبالذات في مجتمعنا العربي المحافظ بعض الشيء. لهذا كلما يستعصي على الرجل الحصول على هذه القيمة فإن نوعا من الكبت يزداد داخله. ويتولد لديه دافع سادي في أن ينال تلك القيمة من أغرب وأصعب وأضيق الطرق.

سؤال يبقى في ذهني
لقد تعرفت ببعض البنات اللاتي يهوون هذا.. وبالسؤال عن سبب هواية هذا!كانت الإجابة أن البنت التي تذوق ذلك لا تستطيع الاستغناء عنه؟

لماذا هذه الإجابة وهل هي حقيقة فسيولوجية أم أنها مجرد تخيلات مبررة لأفعال شاذة؟ وإن كانت الإجابة بنعم فلماذا يحاسب الإنسان على ما يخرج عن سيطرته؟

 

  • الجواب:

أيها السائل الفيلسوف:

ليس هذا وصفاً من باب الاستهزاء –معاذ الله-، ولكن هذا ما وصفتك به من مدخل سؤالك، وفي ذات الوقت لا تغتر بهذا الوصف، فمن الفلسفة ما ضر وقتل.

أعجب لك، فأنت من خلال كلامك لست متزوجا، وتتخيل أشياءً في نفسك، وتعرف بعض البنات اللائي يهوون الإتيان في الدبر، ولا أعجب من هذا، فزماننا زمن البلايا والمصائب والعجائب، فنحن كمسلمين حرّم الله تعالى علينا فاحشة الزنا، كما حُرمت في جميع الشرائع والأديان، والناس لم تتخط حدود الله فحسب، بل تخطت ما بعد حدود الله، فلم يكتف الناس بالزنا، مع ما فيه من الحرمة والأضرار والتعدي، بل بدأوا يفكرون كيف يتفننون في زيادة الجرم، فكان الإتيان في الدبر، ومع كون الإتيان في الدبر محرما شرعا بين الزوجين، فهو من الحيوانية بين غير الزوجين، بل أعتذر لك عن هذا القول: إن من ابتلي بهذا المرض، فقد أصيب بعفن يبعده عن حقيقية الإنسانية والفطرة، فالإتيان في موطن الخراء لا يعتبر متعة إلا عند مرضى النفوس، المنكسين عن الفطرة السوية، وحين تشرد النفس عن طاعة مولاها، فإنه ينتظر منها ما لا يقبله عقلاء الناس.

ولست معك في تحليلك أن المستور مرغوب، لأن المستور هو جسد المرأة، وحين يشتهى منها شيء، فيشتهى موضع الحرث والمتعة، لا موضع القذر والنجس، ولكن الانتكاس عن الفطرة، والسعار الشهواني يذهب بعقل الرجل والمرأة، ويجعله لا عقل له يفكر به، ولا منطق يهتدي به.

أما الكبت الذي تتحدث عنه، فإن الإسلام قد أنشأ أجيالا ما عرفت هذا الكبت، وما تولد عنها، بل كانت راضية بما تسميه كبتا، وما يسمونه التزاما بأوامر الله تعالى، وقد كان أحدهم تُعرض عليه المرأة، وهي التي تقبل عليه بزينتها وفتنتها وشهوتها، فيتكابر أمامها، وتتصاغر أمامه كل المغريات، ولو كان كبتا، لسارع إلى إفضاء شهوته، وهذا يوسف عليه السلام، تجيء إليه امرأة العزيز بعد تسريح الخدم والحشم، وهي جميلة الجميلات، وسيدة السيدات، وزوجة وزير مصر، وتخبره أنها هيأت نفسها له، ومستعدة لكل فعل يحبه، ولكنه يرد عليها قائلا:“مَعَاذَ ٱللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ رَبِّىٓ أَحْسَنَ مَثْوَاىَ ۖ إِنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ”، أهذا الرد ينتج عن كبت أم عن إيمان صادق، وتأمل معي رده “معاذ الله” بما تُوحي هذه الكلمة من النفرة والكراهية للفعل، ووصف من يأتيه بأنه ظالم، وأن الظالم لا يفلح أبدا.

وقد ورد عن غير واحد من السلف أن المرأة كانت تأتيه تطلبه لنفسها، فيدعو الله تعالى أن ينجيه، ويستأذنها أن يدخل الحمام حتى يتجهز لها، ويهرب من الحمام، حامدا الله تعالى أن نجاه.

وفي قصة المرأة الصالحة التي استدرجها رجل، فأرادت أن تلقنه درسا لا يُنسى، فقالت له: هل أغلقت الأبواب جيدا؟ قال: نعم. قالت: انظر، لعل بابا لم يُغلق. قال: لا، أغلقت كل الأبواب. فتقول له: ولكن باب الله لم يغلق، فحين يُذكر الله تتصاغر الشهوات في نفوس المؤمنين الصادقين، ويتحول الزاني إلى رجل خاشع لله.

إن السعار الجنسي الذي أصيبت به الأمة، جراء العولمة الغربية، مع ثورة الاتصالات، وإطلاع الناس عبر الإنترنت والفضائيات والأفلام الجنسية وغيرها مما لم يكن الناس يعرفون عنه شيئا، أصبحوا في حرص على أن يقلدوا، ولو كانوا أقرب إلى البهائم، المهم أن يقلدوا دون إعمال للعقل.

إن الإسلام لم يحرم على الزوجين إلا الجماع في الدبر ووقت الحيض والنفاس، وما سوى هذا، فبحر متلاطم الأمواج، يسبح فيه الإنسان بحريته كيف يشاء، فيكون من الانتكاسة أن يترك الإنسان الواسع المباح، ويذهب إلى الضيق الحرام.

إن الناس يعرفون أن النار محرقة، وهم يوقنون هذا، ولا يقربونها، وحين يعلمون أن الإتيان في الدبر مضر ومحرق، ساعتها سيتراجعون، إلا من فقد عقله، وألقى بنفسه في التهلكة، وقد حذرنا الله تعالى من ذلك حين قال “وَلَا تُلْقُوا۟  بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ”.

  • وأرى علاج هذا العوج ما يلي:

1- أن يتفكر الإنسان دائما في المتعة وكيفيتها، وما هي؟ وما وسائلها التي تحقق له اللذة والمتعة ؟ والتفريق بين المتعة الحقيقية والمتعة الزائفة.

2- أن يتثقف الإنسان فيما يخص الثقافة الجنسية بالطرق المشروعة، والتي تتيح له كل ما يريد من متعة وشهوة، ولكن من طريق مباح شرعا.

3- أن يغض الإنسان طرفه وبصره عن كثير مما يعلم سلفا أنه ضار، فليس كل اكتشاف أو إطلاع فيه نفع.

4- أن يسعى غير المتزوج للزواج، والمتزوج في بناء علاقة جيدة مع زوجته، تتيح لكل منهما أن ينال من الآخر ما يحب ويشتهي.

5- أن يقرأ الإنسان في أضرار الإتيان في الدبر، فإن الله تعالى ما حرم شيئا على الناس، إلا لما فيه من الضرر عليهم.

6- أن يترك الإنسان هذه الفعلة طاعة لله تعالى الذي خلقه، ويعلم أنه سيحاسب أمام الله تعالى، فماذا هو قائل له غدا.

7- أن يستعين بالله تعالى أن يحفظه من كل شر وسوء، وأن يقيه الفتن ما ظهر منها وما بطن.

8- أن يطالع سير الصالحين فيما يخص العفة والشرف والطهارة الباطنة.

9- أن يبتعد عن قرناء السوء، وليس القرين هو الصاحب فقط، فشراء المجلات الفاضحة، والمواقع والفضائيات التي تتبنى برامج هدامة، فكل هذه قرناء سوء، يجب الابتعاد عنه.

10- أن يروح الإنسان دائما عن نفسه بالمباح، وأن يخرج نفسه عن طور التفكير الدائم في الشهوة، فالشهوة جزء من حياة الإنسان، وليس الشهوة هي الحياة.

أما دعوى عدم الاستغناء عن هذا، فهو وهم وخيال، وإذا أراد الإنسان أن يتخلص من شيء بهمة وعزيمة، فإنه يتخلص منه، وكم من أناس كان عندهم مثل هذه البلايا، فعافاهم الله تعالى منها، بفضله عليهم، ثم بعزيمتهم وإرادتهم.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى