استشاراتالجنس والغرام

الزوجة الخائنة.. ولذة “اللحم النتن”

  • السؤال:
أرجو منكم، جزاكم الله كل خير، أن تفيدوني، أنا امرأة متزوجة، وأعمل بوظيفة محترمة، ومع أني متزوجة ولدي بنتين إلا أنني وقعت في حب موظف معي في العمل، وذلك بعد سبع سنوات من الزمالة، أنا لا اعرف كيف أحببته، لكن هذا ما حصل، وقد وقعت معه في المحظور، أعرف أنني خائنة وزانية، لكني لا أعرف ماذا حدث؟

فقد انقلبت حياتي معه وأصبحت جميلة، وللعلم فهو أيضا متزوج، وله ولدان، وهو يحبني أيضا، وقد وجدت فيه ما كنت أنشده في زوجي، وقد تعاهدنا ألا يؤثر حبنا على حياتنا العائلية، وأن نعيش لحبنا فقط. ولكنني –داخليا- أتألم بين المعصية التي ارتكبتها و بين الحب الذي كنت افتقده في حياتي.

أرجوكم أفيدوني، ولكم جزيل الشكر.

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أوقن ويزداد يقيني كل يوم برحمة الله تعالى لنا، وكيف أنه سبحانه يرى تلك المعاصي التي تأباها البهائم قبل بني آدم من نتن وعفن ما يقع فيه الناس من المعاصي، ولو كشف الحجاب لما استطعنا أن نعيش على وجه الأرض، فمن رحمة الله تعالى ستره على عباده، وأنه لا يفضحهم، ولكن العجب يأتي من هذا الإنسان الكفور الذي لا يستحي من الله تعالى.

خاصة إذا كان يأتي الكبائر، وخاصة إن كانت الكبيرة هي الزنا، التي أوجب الإسلام فيها للمحصن والمحصنة الرجم حتى الموت، ومع غياب تطبيق شرع الله تعالى جاءت لنا البلايا من كل جانب، وظهر فينا ما لم يكن يظهر من قبل، وتحقق صدق تطبيق الشريعة بما فيها من حدود.

وحسب إحصائيات بعض الدول العربية أن حالات التحرش الجنسي من الموظفين لزميلاتهم بلغت الآلاف، وهناك آلاف القضايا أمام المحاكم بسبب هذا، هذا إن كانت المرأة عفيفة لا عاهرة، شريفة لا وضيعة، مؤمنة لا فاسقة، عندها نوع من الكرامة التي تحافظ على الأقل على شرفها الذي هو أغلى ما تملك المرأة، وحين تبيع المرأة كرامتها فقد حولت نفسها إلى حيوان.

وقديما قالت هند بنت عتبة حين جاءت لتبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، ومن ضمن شروط البيعة ألا تزني، فردت هند على رسول الله صلى الله عليه وسلم مندهشة متعجبة مستاءة: “أوَ تزني الحرة”؟! ليس مقبولا في فطرتها “الجاهلية” أن الحرة تقع في هذا المستنقع العفن بأن تخدش كرامتها وإنسانيتها وتهتك شرفها، وقديما قال العربي الجاهلي: وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها.

لم يكن الإسلام قاسيا حين أوجب الحد على من أتى الزنا، لما فيه من الأضرار التي يمكن الرجوع إليها في كتب علم النفس والاجتماع، وكذلك الأضرار العلمية التي أثبتها الطب الحديث، وقبل كل هذا وبعده فسوق الإنسان عن أمر ربه سبحانه وتعالى، وعصيانه له بالكبائر لا الصغائر، واستمراره في هذا الحرام العفن إلى أن يكون حلوا في عينه، وهذا يعني أن هناك انتكاسا في الفطرة حين يتحول الجميل قبيحا، والقبيح جميلا.

إن الزنا ينزع الإيمان، فيبقى الإنسان بلا إيمان صادق، وقد قال تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.

اقرئي هذه الآيات بقلبك وعقلك، وانظري خطاب الله تعالى لمن أتى الزنا مرة واحدة، واشتهر أمره، مع كون الله تعالى يستر على العبد، فما البال بزان وزانية يعيشان في الحرام، ويستحلا ما حرم الله تعالى؟؟

وبعد هذه المقدمة دعيني أناقشك أيتها الموظفة كما وصفت نفسك (وأعمل بوظيفة محترمة)، هل أخرجك زوجك للعمل لتقيمي علاقة محرمة مع غيره؟ وأين حرمة هذا الرجل الذي خنته يا من رضيت لنفسك أن تكوني خائنة؟ كيف استحللت لنفسك أن تعري نفسك من ملابسك أمام رجل آخر، ولا أدري كيف تعيشين مع زوجك وتمارسين معه حياتك الزوجية؟ وهل وظيفتك في هذا مكان عملك هو إقامة علاقات مع الغير، أم لك وظيفة تقومين بها، تحاسبين عليها في الدنيا والآخرة؟

يا أختي الفاضلة؛

مثلك يحرم عليه العمل، بل المكث في البيت هو ما يجب عليك أنت، ولا أقول بأن عمل المرأة حرام، ولكنه بالنسبة لك أنت حرام حرام حرام.

أما ادعاؤك بأن الحب جرى بينكما فهذا وهم وتزيين من الشيطان لكما، ومن أنفسكما، فالعلاقة بين الزملاء في العمل يجب أن تكون موضع تقدير واحترام، قد يكون هناك إعجاب داخلي بشخصية الزميل أو الزميلة أو عقليته، غير أن هذا لا يتعدى حدود الله، ولا يعرف لقلب الإنسان طريقا.

أما الزعم بأن هذا حب، فهو كذب وافتراء، لأن ما حدث هو إشباع للشهوة الحيوانية ليس إلا، وعلى لغة أهل الحب هناك ما يعرف بالحب العذري، ولكنه أيضا في حقك حرام، لأنك متزوجة، وسبيل الحب في الإسلام بين رجل وامرأة هو الزواج وحده لا غيره، وما سواه من الحب فهو حرام وضرر ومفسد ودمار وخراب وإفساد وإهلاك، فلا يكذب الزناة ويدعون أن بينهما حبا، بل هو جنس وشهوة.

أما أن حياتك قد انقلبت جميلة بعد الزنا فلا أدري بأي عقل تفكرين، أبالحرام تصبح الحياة سعيدة؟ إنك يا أيتها المتزوجة لم تعيشي مع هذا الرجل كزوجة له، بينكما مسئوليات وواجبات، وتراجعينه فيما لم يفعل، وتغضبين منه حين لا يؤدي واجبه، ويرى منك وأنت تغسلين وتطبخين، وتقومين بتغيير الملابس للأولاد، وتقومين بنظافة البيت.

هل رأى منك هذا من أحبك، ولو رأيت منه هذا ما ملت إليه، ولكنها الصورة الشيطانية المزينة، كلام معسول على المكاتب، واتصالات هاتفية بالحب والغرام، وتفنن في الكلمات، وحين اللقاء إنما هو لقاء جنسي يتمتع كل منكما بصاحبه في الحرام.

وكنت أحب لك لو رأيت فيه الرجل المناسب أن تطلبي من زوجك الطلاق، أو تختلعي منه، ثم تتزوجينه، وتعيشان حياتكما بشكل شرعي مقبول، وشكل اجتماعي مرضي عنه، ولن تكوني أول امرأة تطلب إنهاء الحياة مع زوجها، فقبلك كرهت امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنهما زوجها، فطلبت فسخ الحياة.

وفي ذلك روى ابن عباس ‏أن ‏ ‏امرأة ‏ ‏ثابت بن قيس ‏ ‏أتت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقالت: يا رسول الله ‏ ‏ثابت بن قيس ‏ ‏ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:” ‏ ‏أتردين عليه حديقته؟” قالت: نعم. قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏له:” ‏اقبل الحديقة وطلقها تطليقة.”

ربما تقولين: إن النظرة الاجتماعية ترفض أن تطلق امرأة متزوجة لتتزوج متزوجا، أقول لك: وهل النظرة الاجتماعية تقبل أن تكوني زانية.. خائنة.. فاسقة؟

وهل تقدم عندنا النظرة الاجتماعية على شرع الله تعالى، إن امرأة ثابت بن قيس كانت صادقة، وقالت: إني أكره الكفر في الإسلام، ومع هذا أزعم أنك تائهة، مخدوعة مع هذا الغاش الخائن للأمانة، والذي ستبدي لك الأيام حقيقته، وساعتها تندمين ساعة لا ينفع الندم.

يا أختي إن على عينك غشاوة، أزيليها، وأدركي بيتك، وانظري زوجك الذي يحبك ويثق فيك، انظري إلى أولادك، ودعك من هذه العيشة المحرمة، فإنها وابل عليك في الدنيا والآخرة.

ودعك أختي من هذا الوهم أن تعيشا لحبكما (يا سلااااااااام)، بل كوني صريحة مع نفسك لتعيشا للجنس المحرم، لتعيشا لأجل معصية الله تعالى.

أيتها السائلة: يمكن لك أن تغيري مكان عملك، إما بطلب نقلك على الأقل، أو بمكثك في بيتك، فمثلك لا يصلح له الخروج.

ودعيني أسألك: ماذا لو مت أنت وهو وأنتما في حالة الزنا، هل ترضين لنفسك الفضيحة أمام الخلائق كلها؟ أتعرفين أن الإنسان يبعث على حالته يوم القيامة؟

نسأل الله تعالى أن يحسن ختاما، وأن يغفر لنا وأن يعفو عنا، وأن يمن علينا دائما بالستر.

ولكني مع كل هذا أقول لك: ابدئي بهذا الخيط الباقي فيك من الخير أنك تشعرين بتأنيب الضمير، أمسكي هذا الخيط، وإياك أن تتركيه، فهو الذي سيوصلك إلى بر الأمان، إن صدقت النية مع الله، وقطعت علاقتك بالكلية مع هذا الخائن، فعسى الله تعالى أن يعفو عنكما، سبحانه هو الغفور الرحيم.

فاستدركي أختي ما فاتك، فإن الله سبحانه وتعالى هو غافر الذنب، بقدرته أن يكشف لك الحقيقة، ولكن اسعي أن تكوني أهلا لتوبة الله تعالى، وعوضي زوجك وبناتك من نفسك، واعلمي أن مبيت الرجل غاضبا من زوجته يوجب لعنة الله، فما بالك بخيانتك له.

فانتبهي واستفيقي حتى لا يعاجلك الموت، فتحاسبين على كل صغيرة وكبيرة، فالفرصة أمامك، فإن الله تعالى كما أخبر عنه المعصوم صلى الله عليه وسلم:”يبسط يده بالليل، ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل”.

نسأل الله تعالى أن يشرح قلبك للتوبة، وأن يحفظك من شر نفسك ومن شر الخائنين، إنه قريب الدعاء. وتابعينا بأخبارك.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى