استشاراتالجنس والغرام

كيف أعامل زميلاتي بالجامعة؟

  • السؤال:
أنا طالب على وشك توديع المرحلة الثانوية. عشت في بيئة محافضة جداً؛ لذا يؤرقني دخول جامعة مختلطة؛ إذ أخشى على نفسي من الانحراف. فدلني يا سيدي: كيف أتعامل مع زميلاتي؟

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل:

نسعد بك دائما، ونتمنى لك دوام التوفيق في الدنيا والآخرة.

إن حل تلك الأزمة التي تخاف منها؛ أن تدرك كما طلبت معرفة حدود العلاقة بين الجنسين، ونحن في واقعنا نرى فريقين. يرى الأول أن الحديث مع المرأة بشكل عام رجسا من عمل الشيطان، وأن المرأة شيطان وغيرها من المعاني. وبين نوع آخر يرى الانفتاح الكبير فيكون الحديث بفائدة وبلا بفائدة، ولضرورة ولغير ضرورة.

وحين نرجع إلى القرآن الكريم والسنة النبوية بوصفهما مصدرا الأحكام الشرعية، ومنهج السلوك الإسلامي، ومنبع التربية والأخلاق، نرى أن الله تعالى ساق لنا أحاديث بين رجال ونساء، ولم يحكم عليها بالحرمة، مثل حديث موسى عليه السلام مع الفتاتين الصالحتين، وحديث سليمان عليه السلام مع بلقيس، وحديث مريم مع اليهود، وغيرها من الوقائع الكثيرة التي تقول: إن الحديث بين الجنسين ليس محرما في ذاته، وليس أصل الحديث حراما.

ونجد ذلك أيضا في السنة النبوية التي تعج بوقائع للحديث بين الجنسين، في حضور الرسول صلى الله عليه وسلم، بل نجد ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تحدثت معه أمام أصحابه، وهي أسماء بنت يزيد الأنصاري، خطيبة النساء، والحديث بين أمهات المؤمنين والصحابة، والحديث بين الرجال والنساء على مر تاريخ العصور الإسلامية من لدن آدم إلى يومنا هذا أمر لا يمكن إنكاره، ولا يعد عيبا في حد ذاته.

غير أن الإسلام وضع ضوابط وحدود للتعامل بين الجنسين، فالإسلام لا يغفل طبيعة الفطرة بينهما من الميل للآخر، وبالتالي فإن الحديث بين الزملاء والزميلات في الكلية إن كان لداع أو ضرورة أو حاجة، فإن هذا لا بأس به، ولن يؤثر في أخلاقك وسلوكك، المهم أن تدرك نيتك وقت الفعل، وأن تنظر هل هي لله أم لا؟ وهل الكلام الذي تتحدث به يغضب الله تعالى أم لا؟

وكما يقال خير الأمور أواسطها، فإن الإغلاق الشديد قد يدفع الإنسان إلى تعدي حدود الله، والحياة بحرية مع مراعاة مراقبة الله تعالى تجعل الإنسان منضبطا في سلوكه وتصرفاته.
وما أحسن ما قاله أحد الصالحين: المسلم يعاتب نفسه، يقول: ماذا أردت بأكلتي ؟ماذا أردت بشربتي ؟ماذا أردتي بكلمتي؟ الفاجر يمضي قدما لا يعاتب نفسه.

إننا حين نغلق الحديث بين الجنسين فنحن نصادم نواميس الكون والحياة، وحين نبيحها على وجه مطلق نخرب دين الله ودنيا الناس، وكل امرئ أدرى بما يفعل، ولهذا كان ثلث الدين حديث “إنما الأعمال بالنية”.

واسمح لي أخي الفاضل، لماذا تخاف على نفسك من الانحراف، وأنت الإنسان المتدين الذي تراقب الله تعالى في أفعالك. ومن الجيد ألا نضخم طبيعة الحديث والعلاقة بين الجنسين، وأن ننزلها منزلها الطبيعي.

ولكن حين تضع في ذهنك أنك ستدخل الجامعة وسترى البنات الكاسيات العاريات، أو اللابسات المحتشمات كأنك تهيئ نفسك للمعصية. أنت ذاهب للجامعة كطالب تريد التفوق.. فمالك والبنات؟ إن احتجت الحديث معهن، فهو سلوك بشري طبيعي ليس فيه إثم، إلا إذا أدخلت فيه ما يجعلك آثما. ولكن أن تعطي للموضوع هذا الحجم الكبير من الآن، أخشى أن يوقعك فيما هو منهي عنه.

فلا تكبر ما هو صغير، واهتم بمستقبلك وحياتك، وعلاقة بالله تعالى، وكن كما أنت متفوق في أمورك، حسن في أخلاقك وسلوكياتك، مع جميع الناس من الرجال والنساء. واستفت قلبك دائما، فإني أشعر أن قلبك حي.

وأوصيك أن تكون صاحب هدف في الحياة لكل ما تفعل، ضعه نصب عينيك، وصوب سهامك للنجوم، فإن لم تصبها أصبت مئذنة.

حفظك الله، وجعلك ذخرا للإسلام والمسلمين

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى