استشاراتالشبهات

عندي قواعد شرعية.. لا قواعد فيها!!

  • السؤال:
أحفظ مجموعةً من القواعد الشرعيَّة الهامة، ولكنِّي لا أحفظ الأدلة عليها من الكتاب والسنة الصحيحة؛ فهل يمكنكم تزويدي بهذه الأدلة للقواعد الشرعية التالية؟ (ويستحب أن تكون الأحاديث من صحيحي البخاري ومسلم):

– الأخوَّة في الله مُقدَّمةٌ على أن يأخذ الإنسان حقَّه من أخيه، سواء كان حقًّا ماديًّا أو معنويًّا.. فكثيرًا ما يصرُّ بعض الناس على أخذ حقِّه، حتى لو كان الثمن هو ضياع الأخوَّة في الله، بينما لو صبر الإنسان وتنازل عن حقه، سيأخذ ثوابًا عظيمًا لنشره الأخوَّة في الله، وتضحيته في سبيل ذلك.

– الأولوية في الدين: القلب، ثمّ العمل، ثمّ المظهر.

– نحن دعاةٌ ولسنا قضاة.

– عند التعامل مع الكفار غير المحاربين، الأصل هو التواضع الشديد، وفعل الخير لهم، لأن المسلم يفعل الخير للبشرية كلها، وإذا أساء إليَّ الكافر غير المحارب، فمن الأفضل أن أحسن أنا إليه، وإذا أخذ منِّي أيَّ حقٍّ ماديٍّ أو معنوي “وأنا أعرف يقينًا أنَّه لا يقصد بذلك امتهان الإسلام”، فالأفضل أن أصبر وأتنازل عن هذا الحق، لآخذ ثوابًا عظيمًا هو ثواب نشر الخير للبشرية كلها.

– عند دعوة الكفار غير المحاربين، الأصل هو التواضع الشديد، والرفق واللين، والتودُّد الشديد لهم، ولا مانع في سبيل ذلك من لبس زيِّهم إذا كان لا يخالف الشريعة.

– عند دعوة المسلمين، الأصل هو التواضع الشديد، والرفق واللين، والتودُّد الشديد لهم؛ والاستثناء هو العنف والشدَّة في حالاتٍ معيَّنة.

– يجب أن نخاطب الناس على قدر عقولهم حتى لا ننفرهم من الدين.

– مدَّة الدنيا منسوبةً إلى مدَّة الآخرة تساوي صفرا.

– نعيم الدنيا منسوبًا إلى نعيم الآخرة يساوي صفرا.

– الكفار المحاربون تستحب دعوتهم للإسلام، فليس معنى أنَّنا نحاربهم أنه لا تستحب دعوتهم، ولكن أسلوب الدعوة في هذه الحالة يكون مختلفًا عن حالة الكفار غير المحاربين.

– كم الخشوع والإخبات في القلب عند أداء أي عملٍ هو الذي يحدِّد مقدار الحسنات لهذا العمل.. “قصة المرأة والهرة، والرجل والكلب”، بمعنى أنه عند قيام شخصين بنفس العمل، قد يأخذ أحدهما حسنات تساوي أضعاف ما يأخذه الآخر.

– تفكر ساعة خيرٌ من قيام ليلة “وهو قول أحد التابعين”.

– من معاني التواضع أن يرى الإنسان أنَّ أيَّ مسلمٍ خير منه

-ولو كان مجاهرا بالفواحش، أو ينتمي إلى الفرق المنحرفة عقائديًّا غير الكافرة، مثل الشيعة والمعتزلة-.. قصة أنَّ عمر كان في بعض الأحيان يرى نفسه منافقًا.

ملاحظة:
أنا أعرف أنَّ لكلِّ قاعدةٍ شرعيَّةٍ استثناءات معينة، ولكن المسلم العادي غير مطالب بمعرفة الاستثناءات، وإذا ظهر له أيّ استثناءٍ من هذه الاستثناءات يمكنه أن يسأل الفقهاء.. ولكن المسلم العادي مطالبٌ بالتأكيد بمعرفة كلِّ القواعد الشرعيَّة الأساسيَّة للتعامل مع الآخرين.

 

  • الجواب:

أخي الكريم ياسر؛
في كثيرٍ من الأحيان نؤمن ببعض الأشياء، ونجعلها مسلمات لا يُناقش فيها، فهي تقرر في نفوسنا وقلوبنا وفكرنا، وننافح عنها، ناسين -أو متناسين- أنه يجب التأكُّد أوَّلاً من صحَّة ما نؤمن به ونعتقده، وخاصَّة أنَّه ليس من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، أو المقطوع بصحة معرفتها من المعلومات والنظريات العقلية أو الحسية، والتي يعرفها الإنسان بحسه أو بمشاهدته.

كما أننا قد نطلق على بعض ما نعرف بعض الأوصاف -كما فعلت هنا في وصفك لما ذكرت في السؤال بأنها قواعد شرعية- توحي كأنه مسلَّم بها، وإن كان لها بعض الاستثناء.

فما ذكرت في رسالتك لا يمكن أن نطلق عليها اسم “قواعد شرعية”، أو “قواعد فقهية”، لأن القواعد الفقهية علمٌ مستقلٌّ بذاته، وهو من علوم الفقه، وفيه كتبٌ كثيرة.
وعلى كلٍّ، فما أحب أن نقف كثيرًا عن التسمية، بل نتعداها إلى صحَّة الأقوال المنقولة أو خطئها، ونناقش بشكلٍ من العجلة ما أوردته، وإن كان له استدلالٌ أتينا به إن شاء الله تعالى.

وهي كما ذكرتها:

  •  “الأخوَّة في الله مُقدَّمةٌ على أن يأخذ الإنسان حقَّه من أخيه، سواء كان حقًّا ماديًّا أو معنويًّا”.

والشرع يرى أنَّه من الواجب على الإنسان أن يردَّ حق أخيه إليه، بل جعل أخذ حقِّ الغير من الأمور المحرَّمة شرعًا والتي يُعاقب عليها، وقد أتت الأحاديث محذرة من هذا، ومن ذلك:
ما أخرجه البخاري وأحمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت لأخيه عنده مظلمةٌ من عرضٍ أو مالٍ فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ منه يوم لا دينار ولا درهم، فإن كان له عملٌ صالحٌ أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له عملٌ أُخذ من سيئات صاحبه فجعلت عليه).

بل يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم آخذ حقِّ الغير دون رضًا منه مفلسًا يوم القيامة مهما أتى من الحسنات والأعمال الصالحة، وفي ذلك يخرِّج الإمام مسلم وأحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟) إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثم طُرح في النار).
ولكن مطلوبٌ من الإنسان أن يعفو عن زلة أخيه، وأن يحلله من مظلمته، راجيًا في هذا الأجر والثواب.

فيمكن أن يصحَّح قولك على النحو التالي:
“من كانت له عند أخيه مظلمة فيردها إليه أو يتحلَّلها منه، وعلى أخيه أن يعفو عنه ابتغاءً للأجر والثواب، وحفاظًا على الأخوة التي بينهما”.
ولكن من حقِّه أن يطلب حاجته، وأن تُردَّ إليه مظلمته، فهذا حقٌّ شرعي كفله له الإسلام.

  •  “الأولوية في الدين: القلب، ثم العمل، ثم المظهر”

وأحسب أنَّ الموالاة في الترتيب غير لازمة، لأنَّ العمل يؤثّر على القلب، ولأنَّ المظهر شارةٌ لما عليه العمل والقلب، وإن كان القلب بلا شكّ أهم، وإن كان في مرتبةٍ أعلى من غيره، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) رواه البخاري، ولكنه وحده لا يكفي، إذ كما قالوا أن الإيمان ليس بالتمنِّي ولكنه ما وقر في القلب وصدقه العمل، فهناك تداخل وتشابك بين أعمال القلوب والجوارح والسلوك.

  • “نحن دعاةٌ ولسنا قضاة”.

وهذه كلمةٌ صحيحة، أو حكمةٌ سديدة، ولكنَّها في مجال الدعوة فحسب، لأنَّ الداعي إلى الله تعالى لم يخوِّل له الإسلام سلطةً تنفيذيَّةً يجبر الناس بها على الإيمان، ولا يحمله بها على التزام أوامر الله، والابتعاد عمَّا نهى عنه، ويمكن الاستشهاد لذلك بقوله تعالى: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ}، وقوله: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ* لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ}، وقوله: {وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ}.
ولكن الحاكم المسلم، والقاضي يجب عليه أن يسوق الناس بأحكام الله تعالى، بعد توضيح الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة، وإلا كان الأمر فوضى، ولما كان الله تعالى أمرنا بتطبيق شرعه من خلال الدولة التي تكون حارسةً على دين الله سبحانه وتعالى.
فيجب حصر الكلمة في مجالها، ويُعرف المخاطب بها، حتى يوقعها موقعها الحسن.

  • “عند التعامل مع الكفار غير المحاربين، الأصل هو التواضع الشديد، وفعل الخير لهم، لأن المسلم يفعل الخير للبشرية كلها، وإذا أساء إليَّ الكافر غير المحارب، الأفضل أن أُحسن أنا إليه، وإذا أخذ مني أي حقٍّ ماديٍّ أو معنويّ، فالأفضل أن أصبر وأتنازل عن هذا الحق، لآخذ ثوابًا عظيمًا هو ثواب نشر الخير للبشرية كلها”.

وهذا الكلام معظمه صواب، لأنَّ الأصل أن ندعو الناس ونتعامل معهم بالحكمة والموعظة الحسنة، والأخلاق الفاضلة، كما قال تعالى في غير آية، ومن ذلك:
– قوله تعالى: {ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ ۖ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ}.
– وقوله تعالى: {لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَـٰتَلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ وَظَـٰهَرُوا۟ عَلَىٰٓ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ}.

ولكن نؤكد على أمرٍ هام، وهو أن تظهر وتبيِّن أن ذلك البرَّ والإقساط إليهم ومقابلة السيئ بالحسن إنما هو لأمر دينك بذلك، لا أن تقوم بذلك بشكل يفهم منه سذاجة المسلم وسهولة الضحك، فيظن الآخرون أن المسلم مطية يسهل استغلاله، ورحم الله من قال: “لست بالخبِّ، وليس الخبُّ يخدعني” أي لست بالمخادع ولا اللئيم، ولكني كذلك لست بالذي يعطي الفرصة للمخادع أو اللئيم أن ينال مني.

 

  •  أما عن القولين:

– “عند دعوة الكفار غير المحاربين الأصل هو التواضع الشديد والرفق واللين والتودد الشديد لهم، ولا مانع في سبيل ذلك من لبس زيِّهم إذا كان لا يخالف الشريعة”.
– “عند دعوة المسلمين الأصل هو التواضع الشديد والرفق واللين والتودد الشديد لهم، والاستثناء هو العنف والشدَّة في حالات معيَّنة”.

أما عن القول الخامس فلا بأس به، لأنه يماثل سابقه؛ أما موضوع اللبس فإنَّه يرجع إلى العرف، ومن أهم الشروط التي يجب أن تراعى ألا يكون اللباس خاصًّا بشعائرهم، وفيما سوى هذا فراجعٌ إلى العرف، ولا يشترط ارتداء زيهم، بل ترجع إلى تقديرات كل إنسان في محيطه.

وأما عن دعوة المسلمين، فالكلام الأول لا بأس به، أما عن موضوع أنَّ العنف والشدة لا تستخدم إلا في حالات نادرة، فهذه لابد أن يراجع فيها فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد يكون العنف والشدة غير مطلوبين على الإطلاق، بل الأصل فيه هذا، لقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر).
ويمكن في ذلك مراجعة هذه الفتوى:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فقهه وضوابطه

 

  • “يجب أن نخاطب الناس على قدر عقولهم حتى لا ننفرهم من الدين”.

وهذا القول قال به كثيرٌ من علماء السلف، بل هو من الأمور التي يكاد يكون الاتفاق مجمع عليها، قال الإمام علي -فيما أخرجه البخاري-: “حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله” وفي رواية: “بما يفهمون”.
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: “ما أنت محدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا وكان لبعضهم فتنة”.

 

  • أما عن القولين:

– “مدة الدنيا منسوبةً إلى مدة الآخرة تساوي صفرا.”
– “نعيم الدنيا منسوبًا إلى نعيم الآخرة يساوي صفرا”.

فإنَّ الدنيا عالمٌ والآخرة عالمٌ آخر، ولا يشتبهان، قال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلْأَرْضُ غَيْرَ ٱلْأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ}.
قال ابن عباس: ما في الجنَّة من نعيم الدنيا إلا الأسماء.
وعن الزمن بين الدنيا والآخرة قال تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ  رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍۢ مِّمَّا تَعُدُّونَ}، وقال: {تَعْرُجُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍۢ كَانَ مِقْدَارُهُۥ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍۢ}.

 

  • “الكفار المحاربون تُستحب دعوتهم للإسلام، فليس معنى أنَّنا نحاربهم أنَّه لا تستحب دعوتهم، ولكن أسلوب الدعوة في هذه الحالة يكون مختلفًا عن حالة الكفار غير المحاربين”.

فلا شك أنَّنا مأمورون بدعوة غير المسلمين، ولكن إن اعتدوا علينا وجب علينا أن نصدّ عدوانهم بالجهاد في سبيل الله تعالى.
ووجوب الدعوة يأتي من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الآمرة بدعوة الناس إلى التوحيد، وعند الاعتداء يكون الرد بالجهاد، كما نصت عليه آيات وأحاديث الجهاد، وما أكثرها.. بل إن جيوش الإسلام التي خرجت في عهده الأول تجوب الأرض إنما كانت مهمتها الأساسية هي تبليغ الدعوة إلى العالمين، وتمكني الناس كلهم من التعرف على الإسلام عن قرب، وتمكين من أراد الدخول فيه من الدخول دون خوف سلطان ظالم، أو قهر كافر.

 

  • “كم الخشوع والإخبات في القلب عند أداء أي عمل هو الذي يحدد مقدار الحسنات لهذا العمل”.

المطلوب من المسلم أن يعمل، وأن يخلص في العمل، أما كم الحسنات، فهذا أمرٌ لا دخل لنا به لأنَّه خاصٌّ بالله، فلنشغل أنفسنا بما لنا، ولنترك ما لله تعالى يقضي فيه ما يشاء، وإن كان حضور القلب من الأمور التي لا يشك في أهميتها عند أيّ عمل.

 

  • “تفكُّر ساعةٍ خيرٌ من قيام ليلة”.

هذا قول الحسن البصري، وقد يكون التفكر خيرٌ من القيام عند بعض الناس، وقد يكون القيام خيرٌ من التفكُّر عند آخرين، وقد قال تعالى عن صفات العباد الصالحين: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَـٰطِلًۭا سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}.

 

  • “من معاني التواضع أن يرى الإنسان أنَّ أيَّ مسلمٍ خيرٌ منه، ولو كان مجاهرًا بالفواحش، أو ينتمي إلى الفرق المنحرفة عقائديًّا غير الكافرة، مثل الشيعة والمعتزلة”.

فأرى أنه ليس بصحيح، وإن كان من القواعد الهامة في التعامل مع الناس، وقياس الإنسان نفسه بجوار الآخرين أنه لا يزكي نفسه لقوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوٓا۟ أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ}.
ولكن أن يستشعر الإنسان أنَّ كلَّ الناس بما فيهم المجاهر بالفواحش أو المنتمي إلى الفرق المنحرفة عقائديا أفضل منه، فما أحسب أنه يجب عليه أن يعتقد هذا، لأن الله تعالى فضَّل الذين يعملون الصالحات على الذين يأتون السيئات، وليس في هذا تفضيلاً لنفسه، وإنما هو تفضيلٌ لما فضَّله الله تعالى، قال تعالى: {قُل لَّا يَسْتَوِى ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ}.

على أن الإنسان يجب ألا يتفاخر بما يفعل، بل يأتي الأعمال الصالحة وهو خائفٌ ألا يتقبَّل الله تعالى منه، قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا۟ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ  رَٰجِعُونَ}.

الأخ الفاضل؛
كانت هذه محاولات منِّي للوقوف على أقوالك التي أرسلتها.. فإن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فمنِّي ومن الشيطان، وأستغفر الله تعالى.
وعسى أن أكون قد أفدتك فيما أردت، ولا تنسنا من صالح دعائك

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى